أصبح عدد حالات ابتلاع الأطفال للبطاريات المستديرة أكبر من أي وقت مضى؛ إذ أبلغت دراسة جديدة نُشرت في مجلة طب الأطفال عن ازدياد مُقلق في عدد حالات دخول الأطفال إلى غرف الطوارئ المتعلقة بالبطاريات بين عامي 2010 و2019. على الرغم من أن البطاريات المستديرة التي تتراوح أقطارها بين 5 مليمترات و25 مليمتراً تخرج من الجسم مع البراز، إلا أن مرورها عبره يمكن أن يتسبب بأضرار كبيرة وقد تكون قاتلة للعديد من الأنسجة والأعضاء.
توجد هذه البطاريات في الأدوات المنزلية التي تستخدم بشكل يومي والتي يمكن أن يصل إليها الأطفال بسهولة. من الساعات إلى سلاسل المفاتيح والألعاب وكتب تدريب الأطفال على النطق. يقول مارك تشاندلر (Mark Chandler)، عالم الأبحاث في منظّمة سيف كيدز وورلد وايد (Safe Kids Worldwide) غير الربحية ومؤلف الدراسة الجديدة، إن الأطفال فضوليون بطبيعتهم ويحبّون استكشاف محيطهم، ويضعون الأشياء عادة في أفواههم وأنوفهم وآذانهم. يشرح تشاندلر قائلاً: "لا يدرك الآباء عادة مخاطر ابتلاع البطاريات المستديرة ومدى سهولة إزالتها من الأجهزة التي توجد فيها عادة".
تعتبر هذه البطاريات الصغيرة التي لها شكل العملات المعدنية شائعة لأنها أقل عرضة للتفريغ الذاتي الذي يحدث نتيجة لبعض التفاعلات الكيميائية التي تقلل من كمية الطاقة المختزنة تدريجياً، ما يجعل مدى صلاحيتها أطول من البطاريات التقليدية. تقول كيلي جونسون-أربور (Kelly Johnson-Arbor)، عالمة السموم الطبية والمديرة الطبية المشاركة لمركز السموم الوطني في العاصمة (National Capital Poison Center)، إنه مع ازدياد عدد البطاريات المستديرة التي يتم استخدامها في أدوات مثل الهواتف المحمولة، سيزداد العدد السنوي لحالات تعرض الأطفال لهذه البطاريات.
أعداد متزايدة لحالات طوارئ الأطفال
استخدم الباحثون في الدراسة الجديدة النظام الوطني الإلكتروني لمراقبة الإصابات لجمع البيانات المتعلقة بحالات دخول الأطفال إلى غرف الطوارئ والتي تتضمن الأطفال الذين قاموا بابتلاع بطارية أو وضعها بالقرب من أفواههم أو داخل آذانهم أو أنوفهم. خلال العقد المنصرم، بلغ عدد حالات الدخول إلى غرفة الطوارئ المتعلقة بالبطاريات 70,322 حالة (9.5 حالة لكل 100 ألف طفل سنوياً). وكانت البطاريات المستديرة أكثر أنواع البطاريات التي تم ابتلاعها؛ إذ إنها تسببت بـ84.7% من حالات الدخول إلى غرف الطوارئ المتعلقة بالبطاريات.
اقرأ أيضاً: كيف تعرف أن طفلك ابتلع شيئاً ما؟ وكيف تتصرف؟
شكّل الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 5 أعوام أو أكثر النسبة الأكبر من الأطفال الذين دخلوا إلى غرف الطوارئ. وبلغ العمر الوسطي للأطفال الذين دخلوا إلى غرف الطوارئ نحو 3 أعوام. بالإضافة إلى ذلك، ازداد عدد حالات الدخول إلى غرف الطوارئ المتعلقة بالبطاريات بين عامي 2010 و2017. يقول تشاندلر: "على الرغم من أننا توقّعنا ازدياد عدد هذه الحالات، فإننا فوجئنا بأن عدد الأطفال الذين دخلوا إلى غرف الطوارئ بسبب إصابات متعلقة بالبطاريات بين عامي 2010 و2019 تجاوز نظيره في العقدين السابقين لعام 2010"، ويضيف: "ازداد أيضاً عدد المرضى الذين اضطروا للدخول إلى المستشفى، ما يشير إلى أن الإصابات المتعلقة بالبطاريات أصبحت أكثر شدّة".
توضّح جونسون-أربور أنه في كل عام، يتم التبليغ عن نحو ألفي حالة ابتلاع للبطاريات المستديرة من قبل الأطفال دون سن السادسة لمراكز مكافحة السموم الأميركية. تتضمن نسبة 2% تقريباً من الحالات الأعراض المهددة للحياة التي تتطلب التدخل الطبي أو حتى الوفاة.
تشرح جونسون-أربور قائلة إن الإصابات الخطيرة الناجمة عن ابتلاع البطاريات المستديرة قد لا تظهر إلا بعد ساعتين على الأطفال. قد تتسبب المواد الكيميائية الموجودة في هذه البطاريات بتشكّل الثقوب في الأنبوب العضلي للمريء. كما يمكن أن تعلق البطاريات في الحلق، ويمكن أن يتسبب الضغط في جدران الحلق بتلف الأنسجة.
تشرح جونسون-أربور قائلة إنه على الرغم من أن هناك مساحة أكبر في المعدة والأمعاء لتتحرك فيها البطارية، فإن وجودها هناك يبقى خطيراً. تقول جونسون-أربور: "من غير المرجح أن تبقى البطارية في مكان واحد داخل المعدة أو الأمعاء لفترة كافية حتى تتسبب بتلف الأنسجة".
أحد أكثر الأضرار المتعلقة بالتلف الناجم عن ابتلاع البطاريات خطورة هو الإصابات الكهربائية. تشرح جونسون-أربور قائلة إنه عندما يتم ابتلاع بطارية مستديرة، يتسبب التيار الكهربائي المتولد بين قطبيها بتفاعلِ تحلّل مائي في السوائل الموجودة في المريء. ينتج عن هذا التفاعل تشكّل أيونات الهيدروكسيد الأكّالة التي تتسبب بحروق كيميائية في الأنسجة المجاورة، وهو يستمر حتى نفاد طاقة البطارية. تقول جونسون-أربور: "من الضروري تذكّر أن البطاريات الفارغة يمكن أن تولّد تياراً كهربائياً وتتسبب بإصابات خطيرة أيضاً".
نصائح وقائية
يأمل تشاندلر أن تُذكّر نتائج الدراسة الآباء ومقدّمي الرعاية بضرورة توخّي المزيد من الحذر عندما يستخدم الأطفال الأجهزة التي تحتوي على بطاريات مستديرة. إذا كان المنتج تالفاً أو تعذّر قفل حجرة البطارية الخاصة به، يجب عليك أن تتخلص منه مباشرة. ينصح كل من تشاندلر وجونسون-أربور بما يلي للوقاية من الإصابات المتعلقة بالبطاريات:
- قم بشراء البطاريات التي تحتاجها فقط، ولا تقم بشراء حزم من أكثر من بطارية
- ضع البطاريات غير المستخدمة في مكان مقفل أو خزّنها بعيداً عن متناول الأطفال الصغار
- لا تقم بتبديل البطاريات المستديرة بوجود الأطفال
- قم بلصق البطاريات المستديرة أو تأمينها بشكل محكم في الأجهزة التي تحتوي عليها
إذا كنت تشك في أن طفلك الذي يبلغ من العمر عاماً أو أكثر ابتلع بطارية خلال الـ12 ساعة الأخيرة، هناك بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها. ينصح كل من تشاندلر وجونسون-أربور بمنح الطفل ملعقتين صغيرتين من العسل كل 10 دقائق لـ6 مرات والذهاب مباشرة إلى غرفة الطوارئ. تحذّر جونسون-أربور من أن تناول العسل ليس بديلاً عن الرعاية الصحية في أي شكل من الأشكال. مع ذلك، فهو يفيد بشكل مؤقت لأن العسل يغلف البطارية ويقلل من إنتاج أيونات الهيدروكسيد. يؤخر ذلك حدوث إصابات الأنسجة الناتجة عن التآكل في المريء حتى تصل إلى المستشفى. تقول جونسون-أربور: "لا تتأخر في الذهاب إلى غرفة الطوارئ بالتوقف لشراء شيء ما من متجر البقالة أو بالذهاب إلى منزل جارك لإحضار العسل، وذلك لأن معالجة حالة ابتلاع بطارية مستديرة يجب أن تتم بسرعة".
لا يجب أن يتناول الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد العسل بسبب احتمالية الإصابة بحالة تحمل اسم التسمم السجقي. تتضمن الاحتياطات الأخرى الحرص على عدم تحفيز التقيؤ لدى الأطفال ومنعهم من تناول الأطعمة والمشروبات حتى استشارة الطبيب.