هل يحقق التغاضي عن الكمال في أعمال التنظيف نتائج أفضل؟

هل يحقق التغاضي عن الكمال في أعمال التنظيف نتائج أفضل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ New Africa

على الرغم من أن كي سي ديفيس معروفة بأنها تترك أطباق الطعام دون غسلها وتنسى كنس الأرضية ولا تطوي الملابس أبداً بعد غسلها؛ إلا أن متابعيها على منصة تيك توك البالغ عددهم 1.5 مليون متابع، يدينون لها بمساعدتهم في الحفاظ على نظافة منازلهم أفضل من السابق. لقد علمتها تجربتها في التعايش مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وتدريبها كمعالجة مرخصة أن المساحة الوظيفية ليس بالضرورة أن تكون مرتبة دائماً. لقد ساعد نهجها الفريد للنظافة متابعيها والمرضى وحتى نفسها إلى حد كبير على تغيير نظرتهم جذرياً إلى كيفية التنظيف ولماذا يقومون به.

بدأت ديفيس بنشر مقاطع فيديو حول الأبوة والأمومة وأعمال التنظيف على حسابها على تيك توك كوسيلة للتواصل الاجتماعي مع الآخرين في أثناء عمليات الإغلاق التي ترافقت مع الجائحة. ومع ذلك، فإن الضغوط التي فرضتها الجائحة عام 2020، بالإضافة إلى انتقالها وحملها مؤخراً، أدت إلى كراهيتها لأعمال التنظيف.

لم تكن كومة الأطباق غير المغسولة تمثل مشكلة بالنسبة إليها؛ لكنها أصبحت الآن أكثر صعوبة واستهلاكاً للوقت مع تنظيف زجاجات أطفالها بينما يصرخون بشدة طلباً للطعام. تقول ديفيس: "لطالما كنت فوضوية ولكن ذلك لم يمثل لي مشكلة طالما لم يؤثر في مساحة عملي". وجدت نفسها فجأة أنها لا تستطيع المضي قدماً على هذا النحو، وكان عليها العثور على طريقة جديدة للتنظيف.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك تنظيف مطبخك من الدهون بمواد طبيعية ومتوفرة في كل منزل؟

الابتعاد عن الهوس بالأعمال المنزلية

لاحظت ديفيس أن العديد من المؤثرين في مجال التنظيف يؤكدون أهمية تلميع الأرضيات وتنظيف الخزائن من الفتات ويعتبرونها ميزات أساسية يجب أن تتوفر في كل منزل، بينما يلومون الأشخاص الذين لديهم منازل فوضوية لكونهم كسالى ولا يبذلون جهداً كافياً لتحقيق المستوى نفسه من الكمال. رأت ديفيس أوجه تشابه بين هذا النهج والدرس الصعب الذي تعلمته في أثناء علاجها وتعافيها من اضطراب تعاطي المخدرات، وهو أن التركيز على الامتناع التام عن المواد المخدرة يمكن أن يعيق المدمن عن إحراز أي تقدم على الإطلاق.

تؤمن ديفيس التي قضت 18 شهراً في إعادة التأهيل عندما كانت مراهقة، بنهج الحد من الضرر في معالجة الإدمان عند التعاطي مع مجال التدبير المنزلي، وهو نهج يركز عادة على إجراءات التدخل مثل تعلّم مواقع الحقن الآمنة، بهدف الحد من مخاطر تعاطي المخدرات بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يمكنهم الامتناع نهائياً عن تعاطيها أو لا يريدون ذلك ببساطة. وبالمثل؛ تحاول ديفيس إظهار تفهمها للأفراد (بما في ذلك نفسها) الذين لا يستطيعون فعل ما قد يبدو أنه الأفضل بالنسبة إليهم، والتعاطف معهم حتى فيما يتعلق بأعمال التدبير المنزلي اليومية.

أدركت ديفيس أن تغيير روتينها الصباحي بالكامل لن يساعدها في التغلب على كرهها لغسل الأطباق، وتدرك تماماً أن مشهد كومة الأطباق المتسخة لا يمثل مشكلة بالنسبة إليها، لذلك ركزت على إيجاد طريقة لتوفير أطباق نظيفة عند الحاجة. في النهاية، وضعت رفاً للأطباق المتسخة بالقرب من الحوض لتوفير مساحة حول الصنبور تسمح لها بغسل طبق أو طبقين عند الحاجة كل مرة.

اقرأ أيضاً: دليلك في المنزل: اصنع عجينة «سلايم» لتنظيف أدواتك

توضح ديفيس إننا بسعينا إلى الكمال فيما يتعلق بالنظافة؛ نهيئ أنفسنا للفشل وننسى الجوهر الحقيقي لوجودنا في المنزل المتمثل في الراحة التي يمنحنا إياها. وتقول إن تركيز الأفراد الذين يعانون من الإعاقات أو مشكلات الصحة العقلية أو الضغوط المالية على القيام بالأعمال المنزلية على النحو الأمثل قد يمنعهم من إجراء التغييرات الضرورية التي يمكنها أن تساعدهم على إدارة أعراضهم وأعبائهم. وتقترح على متابعيها بدلاً من التركيز على محاولة تنظيف الغرفة الفوضوية بالكامل تقسيم المهام إلى خطوات أصغر يمكن تحقيقها ومن شأنها تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير.

وتؤكد: "كشخص يعاني من أي صعوبات؛ تستحق أن تخفف من آلامك وأن تعمل على تحسين نوعية حياتك بناءً على القدرات التي تمتلكها حالياً".

طريقة الأشياء الخمسة

تشجع ديفيس بشكل عام متابعيها على تجربة الاستراتيجيات التي يشعرون أنها تلائمهم، وتروج بحماس أيضاً لبعض النصائح المفيدة التي يمكن تطبيقها على نطاق واسع.

تُعد طريقة "الأشياء الخمسة" التي انتشرت بسرعة كبيرة في سبتمبر/ أيلول عام 2020، واحدة من أكثر أفكارها شيوعاً. وينطوي المفهوم الأساسي لهذه الطريقة على تقسيم أي فوضى مهما كانت معقدة إلى خمس فئات يمكن التعامل معها: القمامة، الغسيل، الأطباق، والأشياء التي يجب أن تكون في أماكنها، والأشياء التي تحتاج إلى مكان لوضعها فيه.

وجدت ديفيس أن التعامل مع فئة واحدة في كل مرة يساعدها على إدارة الاختلال الوظيفي التنفيذي، وهو أحد الأعراض الشائعة لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يُصعّب أداء المهام التي تنطوي على العديد من القرارات. اعتادت ديفيس في السابق على الانتقال من غرفة إلى أخرى لتنظيفها، الأمر الذي كان يستهلك وقتاً طويلاً ويرهقها. وتقول إن تقسيم التعامل مع الفوضى إلى أجزاء أصغر في كل مرة كان أقل إرهاقاً، وأنها تشعر أن التنظيف أصبح أشبه بلعبة تسترد فيها الأغراض المسروقة!

اقرأ أيضاً: إليك أفضل النصائح للاعتناء بالملابس المقاومة للماء

لا بأس في القليل من الفوضى

وتوضح ديفيس إن طريقة "الأشياء الخمسة" تحتوي على خمس نقاط توقف مضمنة أيضاً. على سبيل المثال؛ يمكن أن تحسّن تعبئة القمامة في أكياس فقط المساحة الوظيفية بشكل ملموس حتى لو شعرت بالتعب أو فقدت التركيز، فكل خطوة تعزز قابلية استخدام غرفتك حتى لو لم تحسّن مظهرها بالضرورة، فالشيء المهم هو الاستمرار وعدم الشعور بالارتباك.

غالباً، تذكّر ديفيس متابعيها أنه لا مشكلة في تقليل الأعمال المتعلقة بالتنظيف، وتقترح أن إعطاء الأولوية لمهام النظافة الأساسية وتنظيف الأشياء شائعة الاستخدام يمكن أن يكون أكثر فاعلية من البدء بروتين التنظيف العميق المتكرر دون الانتهاء منه.

وعلى هذا النحو، استطاعت التعامل مع أكوام الملابس المجعدة التي كانت تغطي أرضية غرفة الغسيل عادةً. بدلاً من الضغط على نفسها لطي الملابس وترتيبها في الخزائن، قالت ديفيس لنفسها: "ما المشكلة إذا تُركت كومة الملابس هذه على حالها دون ترتيب"؟ وأدركت أنها كانت تضيع الكثير من الوقت والجهد في طي الملابس وترتيبها، لذلك بدأت في فرز الملابس التي جفت حديثاً في صناديق مخصصة لكل فرد من أفراد الأسرة فقط، ووضعتها مباشرة في "خزانة عائلية" مشتركة، الأمر الذي أحدث فرقاً كبيراً.

تقول وهي تضحك: "يقلق الناس من تجعد ملابسهم؛ ولكنها كانت مجعدة بالفعل على الأرض وأنا لم أفعل شيئاً أسوأ في الواقع".

اقرأ أيضاً: 5 طرق فعّالة لتنظيف الملابس البيضاء من الاصفرار

في كتابها الذي صدر عام 2022، "كيف تدير الأعمال المنزلية دون إرهاق نفسك" (How to Keep House While Drowning)، كتبت ديفيس كيف أن بعض متابعيها الأوائل وصفوها بالكسولة عند مشاهدة مقاطعها على تيك توك. ومع ذلك، أعرب الكثيرون عن امتنانهم لنهجها الذي شجعت فيه الناس على القيام بالأعمال المنزلية حتى لو لم يتم ذلك على أكمل وجه. وتقول ديفيس أخيراً: "إذا كان هناك شيء يستحق التنظيف، يمكن القيام به حتى ولو لم يكن مثالياً، بدلاً من عدم القيام به مطلقاً".

المحتوى محمي