"رائحتك رائعة!" مجاملة لا تفشل أبداً في إسعادك. إذا كنت تسمع هذه العبارة كثيراً، فمن المحتمل أنك اكتشفت عطرك المثالي؛ وهو الرائحة التي لا تتوافق مع شخصيتك فحسب، بل أيضاً مع كيمياء بشرتك. في الواقع يصبح عطرك المميز علامة شمية، تُذكّر الناس بك على الفور. لكن الوصول إلى هذا العطر الذي يتطابق معك، يتضمن عملية تجربة واستكشاف.
سواء كنت تبحث عن رائحتك المميزة أو تستكشف عطوراً جديدة، إليك بعض الأمور الواجب أخذها بعين الاعتبار للوصول إلى العطر الذي يناسبك.
اختيار تركيز العطر
هل أنت ذاهب إلى غداء سريع مع صديقك؟ أم لديك يوم عمل طويل يتجاوز الست ساعات؟ أم مناسبة خاصة بالنسبة لك؟ إن تحديد الإجابة عن هذا السؤال قد يساعدك في اختيار نوع العطر الذي ستحتاج إليه. تتحدد قوة ثبات العطر ومدى استمراريته بتركيز الزيت العطري فيه، وبناء عليها يمكن تقسيم العطورات إلى الأنواع التالية:
- ماء الكولونيا أو الكولونيا (Eau de cologne): تحتوي على أقل تركيز للعطر، وعادة ما يكون نحو 3-5% من الزيت العطري مخلوطاً بالماء والكحول. يكون خفيفاً ومنعشاً لكنه يدوم نحو ساعتين فقط، وهو مثاليّ للاستخدام غير الرسمي أو قصير الأمد، أو لأولئك الذين يفضلون العطور الخفيفة والأقل كثافة.
- ماء الزينة (Eau de toilette): أكثر تركيزاً قليلاً من ماء الكولونيا، حيث يتكون من زيت عطري بتركيز ما بين 4-8% في خليط من الكحول والماء، ويستمر أثره نحو 3-4 ساعات، وهو مثالي للعمل أو المناسبات الاجتماعية.
- الماء العطري (Eau de parfum): يمكن أن يدوم حتى 6 ساعات، لأن تركيز الزيت العطري فيه يتراوح بين 15-18%. يناسب الأمسيات أو المناسبات الخاصة، حيث ترغب في الحصول على عطر أكثر كثافة ويدوم فترة أطول، أو حين تريد أن تترك رائحتك انطباعاً دائماً.
- العطر (Parfum): هو العطر الأعلى تركيزاً، والذي يصل تركيز الزيت العطري فيه إلى نحو 15-30%، ويستمر طوال اليوم. إنه الأنسب للمناسبات الرسمية، والمفضل للأشخاص الذين يستمتعون بالروائح العميقة والغنية التي تدوم طوال اليوم.
اقرأ أيضاً: لماذا نحب رائحة المواليد الجدد؟ دراسة حديثة تجيب
تحديد عائلة الرائحة
هنا يأتي مكان التفضيلات الشخصية، فالعطور تندرج تحت 4 عائلات يمكن الاختيار من بينها وفقاً لذوق كل فرد:
- العطور الزهرية والحلوة: هي العطور المصنوعة من الزهور المقطوفة حديثاً؛ مثل الورد والخزامى والقرنفل والياسمين، أو ما يمكن أكله مثل الكراميل والشوكولاتة والعسل. غالباً ما تُفضل النساء هذا النوع من العطور.
- عطور الفاكهة: هي العطور المنعشة، وتُصنع من قشور الفاكهة، وخاصة الحمضيات، مثل البرتقال والجريب فروت والليمون، وكذلك التفاح والمشمش والخوخ، وتناسب الاستخدام اليومي أو البيئة المهنية.
- العطور الشرقية الحارة: مثل عطور اليانسون النجمي والقرفة، وهي الخيار الأفضل في المناسبات الخاصة.
- العطور الخشبية: ذات الرائحة الترابية والخشبية، مثل رائحة البرغموت والبلوط والبتشولي، وتناسب الأنشطة الخارجية والرياضية.
فهم مكونات العطور: النوتات
هل حدث أن أحببت عطراً في المتجر عندما رششته على بطاقة اختبار، ثم لم يعجبك عندما استخدمته بنفسك؟ يتغير العطر بمرور الوقت بسبب اختلاف مكوناته.
تتكون العطور من عدة طبقات من الرائحة، والتي تتحرر تدريجياً بمرور الوقت. تُعرف هذه الطبقات بالروائح أو النوتات العليا والوسطى والقاعدية:
- الروائح العليا: هي الروائح الأولية التي تشتمها مباشرة بعد وضع العطر. غالباً ما تكون خفيفة ومنعشة، مثل نفحات من الليمون أو الخزامى أو الريحان.
- الروائح الوسطى: تُعرف بـ "الروائح القلبية"، وتظهر هذه الروائح بمجرد أن تبدأ الروائح العليا بالتلاشي، وتمثّل جوهر العطر، وتدوم فترة أطول قليلاً.
- الروائح القاعدية: تظهر هذه الروائح بمجرد أن تبدأ الروائح الوسطى بالتلاشي، وهي نوتات عميقة، وتدوم أطول مدة بين النوتات.
اقرأ أيضاً: لماذا يجب تجنب كريمات تفتيح البشرة؟
تأثير كيمياء الجلد: الأس الهيدروجيني
هل لاحظت يوماً كيف أن رائحة عطر صديقك لا تمنحك الشعور ذاته بالرائحة عندما تستخدمه أنت؟ حسناً إن هذا طبيعي وسببه اختلاف كيمياء الجلد بين فرد وآخر. تتحدد كيمياء الجلد باختلاف الأس الهيدروجيني (درجة الحموضة) للبشرة.
عندما ترش العطر، فإنه يمتزج بالزيوت الطبيعية للجسم، ويتأثر هذا المزيج بدرجة حموضة البشرة. وقد أشارت الدراسة المنشورة في دورية الاستشعار والبحث البيولوجي (Sensing and Bio-Sensing Research)، إلى أن الرقم الهيدروجيني الصحي لسطح الجلد يتراوح بين (4.0-6.0)، وهو ما يتحدد بعوامل مثل النظام الغذائي والإجهاد والعوامل الوراثية.
تتأثر مكونات العطر بدرجة حموضة البشرة، على سبيل المثال، تزيد البشرة الحمضية (الرقم الهيدروجيني المنخفض) من وضوح الروائح الزهرية على حساب باقي الروائح. في المقابل، يمكن للبشرة القلوية أن تكثّف رائحة العطر فتبدو أكثر حدة ووضوحاً.
عموماً، تتغير الرائحة ودوام تأثير العطر والطابع العام له باختلاف الرقم الهيدروجيني، ما يؤدي إلى اختلافات دقيقة في إدراك الرائحة.
نوع البشرة
تتأثر رائحة العطر بنوع البشرة؛ إن كانت جافة أو دهنية أو مختلطة؛ إذ غالباً ما تتلاشى الرائحة بسرعة أكبر عن البشرة الجافة، لذا تحتاج لاستخدام العطور المستدامة التي تحتوي على تركيز أعلى من زيوت العطور. في المقابل، يمكن للبشرة الدهنية أن تزيد قوة الرائحة وتطيل أمدها، أي يمكن اختيار العطور الأخف والطبيعية والاستمتاع برائحة تدوم طويلاً.
علاوة على ذلك، تؤثر عوامل أخرى تتعلق بطبيعة كل فرد في رائحة العطر، مثل درجة حرارة الجسم، حيث تحفّز الحرارة إطلاق مكونات العطر وانتشاره وتكثيف الرائحة. لذا فإن الطريقة الأنسب لتطبيق العطر هي وضعه في مناطق النبض، أي التي يتدفق الدم فيها بالقرب من السطح، مثل المعصمين والرقبة وخلف الأذنين.
اقرأ أيضاً: هل تفيد صابونة الفحم البشرة الدهنية كما يُروَّج لها؟
نصائح لاختيار العطر المناسب لك
يمكن للنصائح التالية أن تساعدك على اختيار العطر المناسب لك:
- فكر في متى وأين ستضع العطر؛ فالروائح الخفيفة والمنعشة مثالية للنهار والطقس الدافئ، في حين أن العطور القوية والكثيفة مناسبة بشكل أفضل للأمسيات والأشهر الباردة.
- ابحث عن العطر الذي يناسب تفضيلاتك الشخصية وفقاً لعائلات العطور وشدة تركيزها.
- رش العطر على شرائط الاختبار أولاً، لأخذ فكرة أولية عن العطر دون اختلاطه بالزيوت الطبيعية لبشرتك.
- رش العطر، بمجرد العثور على رائحة تحبها، على نقاط النبض لديك، واترك رائحته تتطور على مدار بضع ساعات لترى كيف تتفاعل مع كيمياء جسمك، وتستشعر جميع نوتاتها.
- اشترِ حجماً صغيراً قبل الالتزام بزجاجة عطر كبيرة، بما يسمح لك بالتفاعل والتعايش مع الرائحة فترة من الوقت ومعرفة إذا ما كانت تناسبك حقاً.