على مدى نحو 30 يوماً، تأقلمت أجسام الصائمين خلال شهر رمضان على الصيام من الفجر حتى المغيب عن كل ما يمكن تناوله أو شربه، واعتمد الصائمون نظام الوجبتين الغذائيتين فقط، وهما الإفطار عند المغيب، والسحور عند الفجر. ومع ذلك، قد تكون لهذا النمط الغذائي المتواصل آثار على أنماط النوم، وتوازن النظام الغذائي، فبمجرد انتهاء شهر رمضان، يكون من الصعب العودة إلى روتين منتظم. فكيف يمكنك أن تُعيد تنظيم حياتك لتستعيد نومك ونظامك الغذائي بعد انتهاء شهر رمضان الفضيل؟
كيف يؤثّر صيام رمضان في أنماط النوم؟
قد يتأثر نمط النوم في رمضان، ويصاب بعض الصائمين باضطرابات النوم، وهو ما يمكن إرجاعه لعدة أسباب، ومنها:
- تقييد النوم: تغيير مواعيد الوجبات الغذائية خلال شهر رمضان قد يعرّض النوم للتقييد، ويتسبب بالنعاس وتراجع كفاءة العمل خلال النهار. على سبيل المثال، أشارت دراسة أجريت على طلاب في المغرب، ونُشرت في دورية النوم والنوم المغناطيسي (Sleep and Hypnosis)، إلى زيادة حالات النوم خلال الفصل الدراسي في الأسبوع الأول من رمضان، وانخفاض مدة النوم ليلاً بشكل ملحوظ.
- النوم مباشرة بعد تناول إحدى الوجبتين: إذ يكون الجسم مشغولاً بهضم الطعام، وتزداد درجة حرارته، بينما يحتاج لانخفاض بسيط فيها.
- تراجع النشاط البدني: حيث تساعد الحركة وممارسة التمارين الرياضية على إطلاق الإندروفين، الذي يرفع من المزاج ويحسّن من النوم، وبالتالي يؤثر تراجع النشاط البدني في نوعية النوم.
اقرأ أيضاً: هل يمكنك تغيير نمط نومك لتصبح شخصاً صباحياً؟
كيف يمكن استعادة تنظيم النوم بعد رمضان؟
باتباع بعض النصائح العامة قد تتمكن من تنظيم نومك بعد رمضان:
- تعديل جدول النوم تدريجياً: عادة ما يبقى الناس مستيقظين لوقت متأخر خلال شهر رمضان، ويستيقظون مبكراً لتناول السحور، لذا حاول ضبط موعد نومك واستيقاظك قبل وبعد بنحو 15-30 دقيقة يومياً، حتى تستعيد نمط النوم الصحي.
- الاستيقاظ المبكر: مع تجنب القيلولة النهارية، بحيث يصبح الليل هو الوقت المناسب للنوم.
- تجنب الكافيين والسكر قبل النوم: استهلاك الكافيين والسكر يمكن أن يتداخل مع جودة النوم ويجعله أكثر صعوبة، فاحرص على عدم تناول هذه المواد قبل النوم بمدة 4-6 ساعات على الأقل.
- إنشاء روتين مريح لوقت النوم: لإعلام جسدك بأن الليل هو الوقت المناسب للاسترخاء. على سبيل المثال، يمكن أخذ حمام دافئ أو قراءة كتاب أو ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل.
- الحد من وقت الشاشة قبل النوم: يمكن للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية أن يوقف إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ. تجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية لمدة ساعة على الأقل قبل النوم.
- ممارسة الرياضة بانتظام: يمكن أن تحسّن التمارين الرياضية من جودة النوم وتساعد على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية. مارس التمارين متوسطة الشدة لمدة 30 دقيقة على الأقل في معظم أيام الأسبوع. ومع ذلك، تجنّب الرياضة قبل النوم بمدة لا تقل عن 3 ساعات.
- تجنّب الطعام: حاول ألا تأكل قبل موعد النوم بـ 2-3 ساعات، وبشكلٍ خاص الأطعمة السكرية والدهنية والحارة، لكن يمكن تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي لتجديد بكتيريا الأمعاء.
- طلب المساعدة المتخصصة: إذا كنت لا تزال تواجه صعوبة في النوم على الرغم من إجراء تغييرات في نمط حياتك، فكر في طلب المساعدة المهنية من مقدم الرعاية الصحية أو أخصائي النوم.
اقرأ أيضاً: إليك النظام الغذائي الذي سيقيك من العطش في رمضان
كيف توازن نظامك الغذائي بعد صيام رمضان؟
قالت جافيريا قريشي (Javeria Qureshi)، أخصائية التغذية العلاجية في مستشفى ثومبي بالفجيرة: "إن معاملة الطعام كمكافأة يمكن أن تعرّض جهودك لتطوير نظام غذائي صحي في حياتك اليومية للخطر".
خلال شهر رمضان، يتغير التمثيل الغذائي لدينا ويبدأ جسمنا في التأقلم مع نظام الصيام الجديد، وينتهي بتراجع مستوى التمثيل الغذائي في الجسم. لاستعادة التمثيل الغذائي، وضمان الانتقال السلس إلى نظام غذائي طبيعي بعد شهر رمضان، حث خبراء التغذية الصائمين على اتباع بعض النصائح بعد صيام رمضان، إليك أهمها:
- تناول وجبات الإفطار: لإخراج الجسم من روتين تناول الطعام ليلاً، يجب المواظبة على تناول وجبة إفطار كافية وغنية بالفاكهة والبروتين، وحاول الحد من تناول الطعام في الليل.
- ابدأ بوجبات صغيرة: يساعد البدء بوجبات صغيرة وزيادة حجم الحصة تدريجياً، الجهاز الهضمي على التكيّف مع عادات الأكل المنتظمة.
- حافظ على رطوبتك: شرب الكثير من الماء ضروري للحفاظ على صحة جيدة بعد رمضان، ما يحمي من الإصابات الناجمة عن العودة لممارسة التمارين الرياضية، ولمكافحة التغيرات المفاجئة في نمط الأكل. للترطيب الصحيح والكافي، يجب استهلاك نحو 2-3 لترات من المياه على مدار اليوم.
- اتبع نظاماً غذائياً متوازناً: النظام الغذائي المتوازن الذي يشمل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية ضروري لاستعادة التوازن في الجسم. وتجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر أو الدهون، لأن ذلك سيبطئ عملية التمثيل الغذائي.
- مارس الرياضة بانتظام: يساعد التمرين المنتظم على تحسين الدورة الدموية وزيادة مستويات الطاقة وتقليل مستويات التوتر. لذا احرص على ممارس التمارين الرياضية بشكلٍ منتظم، ولمدة 30-45 دقيقة كل صباح.
- احصل على قسط كافٍ من النوم: إن الحصول على قسط كافٍ من النوم أمر حاسم لإعادة التوازن في الجسم بعد رمضان. حاول النوم لمدة 7-8 ساعات على الأقل كل ليلة.
اقرأ أيضاً: دليلك الأمثل حتى لا تشعر بالجوع في رمضان
في الختام، قد تطول المدة التي يحتاج إليها الجسم للعودة إلى إيقاعه الطبيعي، إلا أن عملية استعادة التوازن للجسم قد تستغرق عموماً نحو 10 أيام، عندما تتحلى بالصبر والمواظبة.