هل توقفت يوماً للتفكير في كيف تحافظ الثلاجة على البرودة والهدوء حتى في حرارة الصيف الحارقة؟ من المعروف أن الطعام يفسد لأن البكتيريا تتكاثر بداخله؛ لكن البكتيريا تنمو بسرعةٍ أقل في درجات الحرارة المنخفضة. لذا، فكلما كان الطعام أكثر برودةً، كلما استمر قابلاً للأكل. الثلاجة عبارة عن آلة تحافظ على برودة الطعام باستخدام علم ذكي للغاية، فطوال الوقت الذي تعمل فيه ثلاجتك، تتحول السوائل إلى غازات، ويتحول الماء إلى ثلج، ويظل طعامك طازجاً. إذاً، كيف تعمل الثلاجة؟ دعونا نلقي نظرةً فاحصة.
مبدأ عمل الثلاجة
إن مبدأ التبريد بسيط للغاية، فهو ينطوي على إزالة الحرارة من منطقة ما وإيداعها في منطقةٍ أخرى. عندما تمرر سائلاً منخفض الحرارة قريباً من الأشياء التي تريد تبريدها، تنتقل الحرارة من تلك الأجسام إلى السائل؛ الذي يتبخر ويزيل الحرارة في هذه العملية.
وقد تعلم بالفعل أن الغازات تسخن عندما تضغطها وتبرد عندما يُسمح لها بالتمدد؛ وهذا تماماً هو السبب في أن مضخة الدراجة تكون دافئةً عند استخدامها لضخ الهواء في الإطار، في حين أن رش العطر يكون بارداً، ذلك لأنه يُسمح للغاز فيه بالتمدد فجأة؛ مما يؤدي إلى خفض درجة حرارته.
إن ميل الغازات للسخونة عند ضغطها والبرودة عند تمددها، جنباً إلى جنب مع مساعدة بعض الأجهزة المكرِّرة، يساعد الثلاجة على تبريد الأشياء المخزنة فيها.
الأجزاء المكوّنة للثلاجة
تتكون الثلاجة من عدة مكونات رئيسية تلعب دوراً مهماً في عملية التبريد، وهي:
صمام التمدد
يشار إليه أيضاً باسم «جهاز التحكم في التدفق»؛ وهو صمام التمدد الذي يتحكم في تدفق سائل التبريد -المعروف أيضاً باسم المبرّد- إلى المبخّر. إنه في الواقع جهاز صغير جداً، حساس لتغيرات درجة حرارة مادة التبريد.
الضاغط
يتكون الضاغط من محرك يمتص سائل التبريد -المبرد- من المبخر ويضغطه في أسطوانة لتكوين غاز ساخن عالي الضغط.
المبخّر
هذا الجزء المسؤول عن تبريد المواد المخزنة في الثلاجة، يتكون من أنابيب ذات زعانف -مصنوعة من معادن ذات موصلية حرارية عالية لزيادة نقل الحرارة إلى أقصى حد- تمتص الحرارة المنفوخة عبر مِلف بواسطة مروحة. يمتص المبخر الحرارة من الأشياء المحفوظة بالداخل، ونتيجةً لهذه الحرارة؛ يتحول سائل التبريد إلى بخار.
المكثّف
يتكون المكثف من مجموعة ملفوفة من الأنابيب ذات الزعانف الخارجية، ويقع في الجزء الخلفي من الثلاجة، يساعد في تسييل مادة التبريد الغازية عن طريق امتصاص حرارتها ومن ثم طردها إلى المناطق المحيطة. عند إزالة حرارة «المبرّد»، تنخفض درجة حرارته إلى درجة حرارة التكثيف، وتتغير حالته من بخار إلى سائل.
المبرّدات
هي السوائل التي تحافظ على استمرار دورة التبريد. في الواقع؛ إنها مادة كيميائية مطوّرة خصيصاً لأداء هذا الغرض في الثلاجات؛ قادرةً على التناوب بين كونها غازاً ساخناً وسائلاً بارداً.
في القرن العشرين، كانت مركبات الكربون الفلورية؛ وخاصةً مركبات الكربون الكلورية الفلورية، خياراً شائعاً كمبردات، ومع ذلك، فمع مطلع القرن الواحد والعشرين، أصبح يتم استبدالها بمبرّدات صديقة للبيئة؛ مثل «الأمونيا».
وظيفة الثلاجة: كيف تعمل الثلاجة؟
يمر المبرّد؛ الذي هو الآن في حالة سائلة، عبر صمام التمدد ويتحول إلى غاز بارد بسبب الانخفاض المفاجئ في الضغط، وعندما يتدفق غاز التبريد البارد عبر خزانة المبرد، فإنه يمتص الحرارة من المواد الغذائية داخل الثلاجة.
بعد ذلك؛ يتدفق المبرّد؛ وهو غاز الآن، إلى الضاغط الذي يمتصه بالداخل، ويضغط الجزيئات معاً لتحويله إلى غاز ساخن عالي الضغط، وبعد مرحلة المكثف، ينتقل المبرد السائل عائداً إلى صمام التمدد؛ حيث يتعرض لانخفاض الضغط، ويتحول مرةً أخرى إلى غاز بارد، ثم يمتص الحرارة من محتويات الثلاجة، ويعيد الدورة بأكملها نفسها.
لماذا يستغرق التبريد وقتاً؟
مثل أي شيء آخر في عالمنا؛ يجب أن تمتثل الثلاجات لقانون أساسي في الفيزياء يسمى «قانون حفظ الطاقة». الجوهر هو أنه لا يمكنك توليد الطاقة من لا شيء أو جعل الطاقة تتلاشى في الهواء؛ بل يمكنك فقط تحويل الطاقة إلى أشكالٍ أخرى؛ هذا له بعض الآثار المهمة جداً لمستخدمي الثلاجة.
يشرح قانون حفظ الطاقة لماذا يستغرق تبريد أو تجميد الطعام في الثلاجة وقتاً طويلاً. يحتوي الطعام على الكثير من الماء؛ وهو مركّب مصنوع من جزيئات خفيفة الوزن جداً -الهيدروجين والأكسجين هما من أخف الذرات-، وحتى كمية صغيرة من السائل المائي -أو الطعام- تحتوي على عدد كبير من الجزيئات؛ كل منها يحتاج إلى طاقة للتسخين أو التبريد.
هذا هو السبب في أن غليان كوب أو كوبين من الماء يستغرق عدة دقائق؛ إذ أن هناك عدد جزيئات أكثر بكثير مما لو كنت تحاول غلي شيء مثل كوب من الحديد المنصهر أو معدن الرصاص. الأمر نفسه ينطبق على التبريد؛ يتطلب الأمر طاقة ووقتاً لإزالة الحرارة من السوائل المائية مثل عصير الفاكهة أو الطعام، لهذا السبب يستغرق تجميد الطعام أو تبريده وقتاً طويلاً، ولا يعني ذلك أن الثلاجة أو المجمد الخاص بك غير فعال؛ بل إنه ببساطة يحتاج إلى إضافة أو إزالة كميات كبيرة من الطاقة لجعل الأشياء المائية تغير درجة حرارتها بأكثر من بضع درجات.
في محاولةٍ لوضع بعض الأرقام التقريبية لكل هذا؛ كمية الطاقة اللازمة لتغيير درجة حرارة الماء تسمى «السعة الحرارية النوعية» لها؛ وهي 4200 جول لكل كيلوغرام لكل درجة مئوية؛ هذا يعني أنك بحاجة إلى استخدام 4200 جول من الطاقة لتسخين أو تبريد كيلوغرام من الماء بدرجة واحدة.
لذلك إذا كنت ترغب في تجميد زجاجة لتر من الماء -وزنها 1 كيلوغرم- من درجة حرارة الغرفة -20 درجة مئوية- إلى درجة حرارة الثلاجة -20 درجة مئوية تحت الصفر-، فستحتاج إلى 4200×1 كيلوغرام×40 درجة مئوية، أو، 168000 جول، وإذا كان بإمكان حُجرة التجميد في الثلاجة إزالة الحرارة بقوة 100 واط -100 جول في الثانية-، فسيستغرق ذلك 1680 ثانية، أو حوالي نصف ساعة.
لذا؛ يمكنك أن ترى أن هناك حاجة إلى الكثير من الطاقة لتبريد الأطعمة؛ خصوصاً تلك التي تحوي الكثير من الماء؛ وهذا بدوره يفسر سبب استهلاك الثلاجات للكهرباء. وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية؛ تستخدم الثلاجات حوالي 7% من إجمالي الكهرباء المحلية في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: صديق الصيف المفضل: كيف يعمل المكيف؟