تعتبر العقدة الجيبية الأذينية المنظم الطبيعي لضربات القلب، توجد في الأذينة اليمنى للقلب وهي التي ترسل النبضة الكهربائية الأولى التي جعلت قلوبنا تنبض للمرة الأولى. يتم إرسال هذه النبضة الكهربائية عن طريق حزم وشبكات تصل بين هذه العقدة والجدران العضلية لكل أجواف القلب حتّى تأخذ الأمر بالانقباض والاسترخاء. وفي السنوات الأخيرة تم إيجاد جهاز يحاكي عمل هذه العقدة ويُستخدم في الحالات التي تعجز فيها العقدة الأذينية عن أداء وظيفتها بالشكل الأمثل، ويُسمى بجهاز تنظيم ضربات القلب أو (Pacemaker).
اقرأ أيضاً: بعد تحديد الخلايا المسؤولة عن إصلاح القلب لنفسه: ما الآفاق المستقبلية لعلاج الأمراض القلبية؟
كيف يعمل جهاز تنظيم ضربات القلب؟
يخشى العديد من عملية زرع جهاز تنظيم ضربات القلب، إلا أنه عادةً ما يتم تركيب الجهاز تحت تأثير التخدير الموضعي، أي يبقى المريض مستيقظاً أثناء العملية، فهي بسيطة لا تتطلب التخدير العام لأنها قصيرة المدة ونادرة المضاعفات، كما يكون العمل الجراحي بعيداً عن موقع القلب ويتركز أعلى الصدر أو في البطن. علاوةً على ذلك، يحصل المرضى على مهدئ لمساعدتهم على الاسترخاء والشعور بالنعاس.
لفهم آلية عمل جهاز تنظيم ضربات القلب علينا أن نتعرف على مكوناته وهي:
- أسلاك توصيل: وهي أسلاك رفيعة للغاية وتتصف بكونها مرنة ومعزولة كهربائياً، تُدخل عن طريق الوريد أعلى الترقوة لتصل إلى أجواف القلب اليمنى وتُثبت هناك، عادةً ما يُستخدم سلك إلى 3 أسلاك.
- مولد النبض: يتم توصيل الأسلاك بصندوق وهو مولد النسق الطبيعي للقلب ومنظم ضرباته، يحتوي الصندوق على بطارية وحاسوب صغير ذي ذاكرة تُسجل حدوث أي اضطرابات في نظم القلب. يُزرع الصندوق أعلى وأيسر الصدر أسفل عظمة الترقوة، ويستشعر هذه الصندوق أي خلل في النظم عن طريق الأسلاك، فإذا استشعر أن القلب قد تباطأ أو توقف عن النبض للحظة، فإنه يرسل نبضة كهربائية لتحفيز القلب لإعادته إلى نسقه الطبيعي.
- البطارية: يُقدر متوسط العمر الافتراضي لبطارية جهاز تنظيم ضربات القلب بين 6-7 سنوات، وعملية تغيير البطارية هي أبسط بكثير من عملية زرع الجهاز، إذ يُعاد فتح الجرح وإزالة الصندوق فقط، بينما تبقى الأسلاك في مكانها.
تختلف آلية عمل جهاز تنظيم ضربات القلب قليلاً باختلاف نوعه، إذ ترسل بعض الأجهزة نبضات كهربائية منظِمة طوال الوقت، بينما تعمل معظم أجهزة تنظيم ضربات القلب فقط عند الحاجة إليها، أي عند تحسس وجود خلل في النظام والنسق القلبي.
كما تحتوي أجهزة تنظيم ضربات القلب الحديثة على أجهزة استشعار تكشف حركة الجسم ومعدل التنفس، وترسل إشارة إلى جهاز تنظيم ضربات القلب لزيادة معدل ضربات القلب أثناء التمرين، حسب حاجة الجسم ليحاكي الاختلافات الطبيعية للنسق القلبي حسب حركة الجسم.
اقرأ أيضاً: كيف تعزز الرياضة من صحة العضلة القلبية؟ وما خصوصية ممارستها عند مرضى القلب؟
مَن يستخدم جهاز تنظيم ضربات القلب؟
يُحسّن استخدام أجهزة تنظيم ضربات القلب من نوعية الحياة بشكل كبير، ويمكن أن يكون منقذاً للحياة بالنسبة للمصابين بأمراض نظم القلب المهددة للحياة كالرجفان البطيني. نذكر أهم الأمراض القلبية التي تحتاج زرع جهاز تنظيم ضربات القلب:
- الحصارات القلبية: وهي تأخر في وصول الإشارات الكهربائية التي تنتقل عبر القلب ما يجعل القلب ينبض ببطء شديد.
- التسارعات القلبية: والتي ينبض فيها القلب بسرعة كبيرة لا يتم التحكم بها باستخدام الأدوية.
- قصور القلب: يؤدي ضعف العضلة القلبية إلى عدم تزامن ضخ الدم في الحجرات القلبية ما يسبب نقصاً في نتاج القلب، لذلك يحتاج هؤلاء المصابون إلى زرع جهاز تنظيم ضربات قلب خاص يسمى جهاز إعادة التزامن القلبي (Cardiac Resynchronization Therapy) الذي يساعد على تنسيق ضخ العضلة القلبية.
اقرأ أيضاً: الهندسة النسيجية: متى سنشهد أول عملية لزرع قلب صناعي؟
مخاطر زرع جهاز تنظيم ضربات القلب
مثل أي عمل جراحي بسيط، توجد مجموعة من المضاعفات التي قد تحدث، من الطبيعي أن يشعر المريض بالتعب في الأيام التي تتلو زرع الجهاز، وعادةً ما تكون النسبة الأكبر من المرضى قادرة على العودة إلى نمط الحياة الطبيعي في غضون أيام قليلة. يُوصى بتجنب القيام بأي نشاط مكثّف مثل التمارين الشاقة لمدة 4-6 أسابيع بعد زرع الجهاز وتجنب قيادة السيارة لمدة أسبوع على الأقل. وعلى رأس باقي المضاعفات نذكر:
- تطور إنتان بالقرب من موقع زرع الجهاز.
- حدوث تورم وكدمات ونزيف بسيط في موقع زرع الجهاز، وعلى وجه الخصوص عند المرضى ممن يتناولون الأدوية المميعة للدم.
- جلطات دموية وإتلاف الأوعية الدموية أو الأعصاب المجاورة لموقع زرع الجهاز.
- حدوث استرواح في الصدر، وفي بعض الحالات يمكن أن يحدث تدمي في الصدر أي وصول كمية من الدم إلى الفراغ بين الرئة وجوف الصدر.
- عدم ثبات الصندوق المولد للنبض أو الأسلاك، ما قد يؤدي إلى حدوث انثقاب في العضلة القلبية إلا أنها من المضاعفات نادرة الحدوث.
اقرأ أيضاً: كيف تستدل على وجود أمراض القلب الوراثية في عائلتك؟ وما دور الاستشارة الوراثية في التشخيص؟
هل يؤثر استخدام الهاتف الذكي على أجهزة تنظيم ضربات القلب؟
تحتوي الإصدارات الحديثة من الهواتف الذكية على مغناطيسات إضافية وخاصة تلك التي تتميز بخاصية الشحن اللاسلكي، هذه الحقول المغناطيسية كفيلة بتعطيل أجهزة تنظيم ضربات القلب مؤقتاً، لذلك يُنصح المرضى بالحفاظ على أجهزتهم على بعد أكثر من 6 بوصات من مكان الزرع، وأكثر من 12 بوصة أثناء شحن الهاتف لا سلكياً، حيث يكون عندئذ المغناطيس قيد الاستخدام.
ومع ذلك، لا خطورة في تعطيل جهاز التنظيم بشكل دائم ولا بأس من استخدام الهاتف الذكي بعد زرع جهاز تنظيم ضربات القلب، إذ إنه مصمم للعودة إلى إعداداته الطبيعية بمجرد إبعاد المغناطيس.