سأخبرك بسرّ: أنا لا أوقف تشغيل كمبيوتري فعلياً. فعندما أنتهي من عملي اليومي، أفصل عادة كمبيوتري المحمول عن التغذية الكهربائية وأطبق شاشته. وأعتقد أن هذا ما يفعله معظم المستخدمين.
ينطوي إيقاف تشغيل كمبيوترك كل ليلة على بعض الجوانب السلبية. فإذا فعّلت وضع السكون في كمبيوترك، فستلاحظ أن كل شيء سيظل على حاله في الصباح عندما تشغّله. لكن إذا أوقفت التشغيل، فستضطر إلى الانتظار حتى يُكمل الكمبيوتر عملية الإقلاع، ثم ستعيد فتح التطبيقات والمستندات التي كنت تستخدمها كلها. إنه إجراء مزعج،
لكن هناك الكثير من الإجراءات المزعجة التي يمكن أن تؤدي إلى توفير الطاقة، ويستحق الأمر أن يؤخذ في الاعتبار من وجهة نظر بيئية واقتصادية. فهل يساعدك إيقاف تشغيل كمبيوترك على توفير الطاقة والمال؟ هذا ما أردت اكتشافه.
اقرأ أيضاً: كيفية تنزيل رسائل البريد الإلكتروني من جيميل على الكمبيوتر
لا يستهلك الكمبيوتر الكثير من الطاقة في وضع السكون
تفعيل وضع السكون في الكمبيوتر سهل؛ إذ يكفي مثلاً إطباق الشاشة في الكمبيوترات المحمولة. توجد هذه الميزة في قائمة ابدأ (Start) في نظام التشغيل ويندوز (Windows)، أما في نظام التشغيل ماك أو إس (macOS) فتوجد في شريط القائمة، كما أن كلا نظامي التشغيل يفعّلان وضع السكون تلقائياً بعد مرور فترة معينة بصورة افتراضية. لا داعي لتغيير هذا الإعداد إذا لم تكن تستخدم جهازك على أنه مخدِّم (server).
لكن، ما معنى أن يكون الكمبيوتر في وضع "السكون" بالضبط؟ يعني هذا ببساطة أن الكمبيوتر لا يؤدي فعلياً أي مهمة، وأنه يستهلك الطاقة فقط للحفاظ على عمل ذاكرة الوصول العشوائي (RAM). هذه الذاكرة هي الوحدة التي يخزن فيها الكمبيوتر التطبيقات والمستندات وعلامات تبويب المتصفحات المفتوحة، ولا يستهلك الحفاظ على تشغيل ذلك كله قدراً كبيراً من الطاقة.
أردت أن أكوّن فكرة عن مدى ضآلة هذه الطاقة، فأجريت بعض الاختبارات البسيطة. أولاً، شحنت كمبيوتري المحمول في الساعة السادسة مساءً تقريباً بعد استخدامه فترة ما بعد الظهيرة خارج المنزل. شحنت الجهاز بالكامل تقريباً عندها، ثم فصلته عن التغذية الكهربائية وأطبقت الشاشة. انخفض مخزون بطارية الكمبيوتر المحمول من الطاقة بنسبة ضئيلة للغاية لا تتجاوز 1%، والجدير بالذكر أن عمر هذا الكمبيوتر المحمول يبلغ 6 سنوات تقريباً، كما أنه يعمل ببطارية ذات سعة متردية بعض الشيء.
لكنني أردت الحصول على رقم أدق، ولهذا استخدمت جهاز كِل أيه وات (Kill A Watt) لقياس استهلاك كمبيوتري المحمول للطاقة خلال وضع السكون. تركت الجهاز موصولاً بالتغذية الكهربائية وفي وضع السكون من الساعة الرابعة عصراً حتى السابعة من صباح اليوم التالي؛ أي مدة 15 ساعة، وبلغ استهلاكه 0.02 جزءاً من كيلوواط/ساعة من الطاقة. إنه مقدار ضئيل. يبلغ سعر الكيلوواط/ساعة هنا في منطقة بورتلاند بولاية أوريغون 19.45 سنتاً، ما يعني أن ترك كمبيوتري المحمول موصولاً بالتغذية الكهربائية حتى صباح اليوم التالي كلفني أكثر من ثلث سنت بقليل. وعلى مدار السنة كلها، تتراكم هذه التكلفة حتى تصل إلى 1.42 دولار.
هذه القيمة ليست معدومة، لكنها تكاد تكون معدومة. يستهلك مصباح متوهج واحد باستطاعة 60 واطاً طاقة تعادل 0.06 جزءاً من كيلوواط/ساعة، ما يعني أن الاستعاضة عن مصباح متوهج واحد في منزلك بمصابيح ثنائية باعثة للضوء أو مصابيح ليد (LED) اختصاراً، سيوفر عليك في استهلاك الطاقة كمية أكبر بكثير من إيقاف تشغيل كمبيوترك. أيضاً، يستهلك تشغيل آلة تجفيف الملابس الكهربائية 3 كيلوواط/ساعة تقريباً لحمولة الغسيل الواحدة، ما يعني أن الاستغناء عن دورة تجفيف واحدة سيوفر عليك من الطاقة ما يكافئ إيقاف تشغيل كمبيوترك المحمول كل ليلة مدة 150 يوماً. تخيّل كم ستوفر في استهلاك الطاقة إذا استغنيت عن دورة تجفيف واحدة أسبوعياً، أو اعتمدت تجفيف ملابسك بالهواء فقط. يمكنك أيضاً شراء مضخة حرارية، وهي أكثر فاعلية من التسخين بالكهرباء أو الغاز، ما يعني توفير المزيد من الطاقة أيضاً.
ببساطة، ثمة الكثير من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها أي شخص مهتم باستهلاك الطاقة لتوفير الكهرباء والمال مقارنة بإيقاف تشغيل الكمبيوتر خلال الليل. هذا لا يعني أن إيقاف تشغيل الكمبيوتر خلال الليل لن يوفر الطاقة، بل يعني أن مقدار الطاقة التي يمكن أن توفرها ضئيل للغاية مقارنة بما يمكن أن توفره من خلال تطبيق تغييرات أخرى.
اقرأ أيضاً: حيل ونصائح لتحسين أداء الكمبيوتر وتسريعه
ما يزال إيقاف التشغيل في بعض الأحيان فكرة جيدة
لا يعني ما قلناه سابقاً أن نمتنع تماماً عن إيقاف تشغيل الكمبيوتر. فأنا أوقف تشغيل كمبيوتري المحمول عندما أتركه في المدينة وأغادرها مدة تتجاوز الأسبوع. في هذه الحالة، يصبح مقدار الطاقة الذي سيستهلكه الكمبيوتر جديراً بالتوفير مقارنة بمشقة تشغيله مرة أخرى. إضافة إلى ذلك، فقد تنفد بطاريات الكمبيوترات المحمولة في حالة السكون أحياناً عندما تُترَك فترة طويلة، وهو أمر مزعج ببساطة.
كما أن إيقاف التشغيل يمثل الخيار الأفضل بالنسبة لبعض أجهزة الكمبيوتر. على سبيل المثال، إذا كان لديك كمبيوتر مخصص للألعاب وتستخدمه خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط، من المرجح أن إيقاف تشغيله خلال الأسبوع إجراء منطقي.
ثمة سبب آخر يدعوك إلى إيقاف تشغيل الكمبيوتر أو على الأقل إعادة تشغيله بصورة منتظمة، فقد يساعد ذلك أحياناً على حل بعض المشكلات المزعجة فيه. الأخطاء البرمجية هي السبب الرئيسي لهذا الأمر؛ إذ إنها قد تشغل ذاكرة الجهاز مع مرور الوقت وتؤدي عموماً إلى تراجع استقراره. إلا أنه حتى في حال عدم وجود أخطاء برمجية، ثمة احتمال بأن يتراجع أداء الكمبيوتر الذي لا توقف تشغيله على الإطلاق، والسبب مصدره الفضاء الخارجي. هذه ليست مزحة، فقد ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" (BBC) أن الأشعة الكونية القادمة من الفضاء الخارجي يمكن أن تتسبب بالمشكلات في أجهزة الكمبيوتر.
عندما يحدث خطب ما في عمل أجهزة الكمبيوتر، نميل إلى الافتراض أن السبب هو مجرد خلل برمجي؛ أي أنه ناجم عن برمجة رديئة. لكن الإشعاعات المؤيِّنة، بما فيها إشعاعات البروتونات التي تطلقها الشمس نحونا، قد تتسبب بالمشكلات أيضاً. تسمى هذه الحوادث "اضطرابات الحدث المنفرد" وهي نادرة الوقوع، كما أنه قد يكون من المستحيل أن نجزم بأن الأشعة الكونية هي التي تسببت بعطل محدد لأنها لا تترك أي أثر خلفها.
بوجود هذه الأحداث النادرة، والأخطاء البرمجية الأكثر شيوعاً، لا بد أن يحدث بعض المشكلات في جهاز الكمبيوتر بين الحين والآخر مهما بلغت درجة العناية به. ويمكن أن يكون إيقاف تشغيل الكمبيوتر أو حتى مجرد إعادة تشغيله مفيداً في هذه الحالة. إذاً، ثمة حالات يجب أن توقف تشغيل كمبيوترك فيها. لكن، إذا كنت تستخدم كمبيوترك يومياً وتفضل أن تدخله وضع السكون، فلا أعتقد أن الموضوع يستحق منك الكثير من التفكير والتأمل.