أثناء العمل من المنزل: دليلك للوقاية من إجهاد العين الرقمي

5 دقائق
إجهاد العين الرقمي
إجهاد العين الرقمي

من مشاهدة نتفلكس لساعاتٍ طويلة إلى اجتماعات زووم؛ زادت جائحة فيروس كورونا بشكلٍ كبير من مقدار الوقت الذي نقضيه أمام الشاشات في حياتنا اليومية. قضاء وقتٍ طويل أمام الأجهزة الإلكترونية يمكن أن يرهق العين، فإذا لاحظت أنك أصبحت تعاني من صداع أو إرهاق العين وعدم وضوح الرؤية منذ بدء عملك عن بعد، فأنت لست وحدك، إنها أعراض إجهاد العين الرقمي؛ والمعروفة أيضاً بـ «متلازمة النظر للكمبيوتر»؛ وهو مصطلح طبي حقيقي وفقاً لجمعية البصريات الأميركية.

إجهاد العين الرقمي ليس إصابةً جسديةً أو مرضية، ولا بمثّل خطراً طويل الأمد للعين؛ ولكنه غير مريح، ويمكن أن يجعل الحياة أصعب في العصر الرقمي. لحسن الحظ؛ هناك خطوات بسيطة يمكنك اتخاذها للوقاية من هذه الأعراض أو التعافي منها.

تعرّف أولاً: أسباب إجهاد العين الرقمي

تقول «بريانكا كومار»؛ طبيبة العيون في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا: «عندما لا ننظر إلى الشاشة، فإننا نرمش مرةً كل 4 ثوانٍ تقريباً. كل رمشة تفرز طبقة جديدة من الدموع -التي تعتبر مزيجاً من الزيت والماء والمخاط- تعمل على ترطيب العين وحمايتها.

Computer, Apple, Business, Workplace, Home Office

عندما ننظر إلى الشاشة، فإن معدل الرمش ينخفض بمقدار النصف؛ مما يعرض العين للجفاف، وقد نشعر بحرقةٍ ووخزٍ فيها. عندما يدرك دماغنا أن عيوننا جافة جداً، يحث العين على إفراز المزيد من الدموع؛ ولكن هذه الدموع تختلف عن الدموع التي تنتجها العين في الحالة العادية؛ إذ تتكون في معظمها من الماء، ولذلك تميل إلى التبخر بسرعة». تضيف كومار: «زيادة الدموع هي مؤشر على جفاف العينين».

بينما يختلف سبب الصداع وعدم وضوح الرؤية المرتبطان بإجهاد العين الرقمي، قد يؤدي قضاء ساعات أمام الشاشات إلى إجهاد العضلات التي تنسق حركة أعيننا بسبب تقلصها المستمر لتركيز نظرنا على نفس المسافة لفترة طويلة من الزمن. تقول «كاثرين وايز»؛ الأستاذة في كلية البصريات بجامعة ألاباما: «يمكنك تشبيه الأمر بالجري في سباقات الماراثون طوال اليوم. إن قضاء وقتٍ طويل أمام الشاشة يمكن أن يصيب أي شخصٍ بهذه المجموعة المحددة من الأعراض؛ لكن هناك خطراً أكبرَ بالنسبة لمن يعانون من مشكلةٍ كامنة في تنسيق حركة العين، فإذا كنت تعاني من الصداع وتشوش الرؤية، ووجدت أنه من الأسهل عليك التركيز عندما تقوم بتغطية إحدى عينيك، فمن الأفضل مراجعة طبيب العيون لفحص عينيك والتحقق من وجود مشكلةٍ ما في تنسيق حركة العينين».

اقرأ أيضاً: من مقعد مكتبك: 6 تمارين تبقيك رشيقاً وتحافظ على صحتك 

ضرر وقت الشاشة

تقول كومار: «بالنسبة للبالغين؛ يمكن أن يكون إجهاد العين مؤلماً ومزعجاً؛ ولكنه لا يسبب ضرراً حقيقياً للعين. أما بالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات، فإن الأمر مختلف نظراً لأن عضلات العين لديهم لم تتطور بعد بشكلٍ كافٍ».

هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن قضاء وقت طويل أمام الشاشة يمكن أن يساهم في تطور قصر النظر؛ وهي الحالة التي يصعب فيها رؤية الأشياء البعيدة بشكلٍ واضح، وتشير بعض الدراسات إلى أن قصر النظر أصبح أكثر شيوعاً لدى الأطفال خلال جائحة كوفيد-19؛ ويرجع ذلك على الأرجح إلى زيادة وقت الشاشة الذي يقضونه في التعلّم عن بعد.

كما وجدت إحدى الدراسات التي نُشرت في دورية «جاما أوفتامولوجي» أن مقدار الزيادة بلغ 3 أضعاف. يمكن علاج هذه الحالة عادةً بوصف نظاراتٍ طبية أو باستخدام العدسات اللاصقة؛ ولكن يمكن أن يؤدي قصر النظر في الحالات الشديدة إلى انفصال الشبكية؛ وهي إصابة تؤدي غالباً إلى العمى.

الوقاية من إجهاد العين

لحسن الحظ، فإن حماية العين من آثار وقت الشاشة ليس بالأمر الصعب، ويمكن أن تتلاءم مع روتينك اليومي بسلاسة. تقول كومار: «أهم خطوة هي أخذ فترات لإراحة العين، وأفضّل استخدام قاعدة «20-20-20-2»؛ والتي تنص بأنه عليك النظر إلى شيءٍ ما من على بعد 20 قدماً (6 أمتار) لمدة 20 ثانيةٍ على الأقل كلّ 20 دقيقة، ومحاولة قضاء ساعتين في الخارج يومياً». عندما نكون في الخارج، تميل أعيننا إلى التركيز على الأشياء البعيدة؛ مما يريحها من التركيز على ما هو أمام وجهنا مباشرةً. تنصح كومار بتحديد وقتٍ أو هدفٍ لمقدار العمل الذي يجب أن تنجزه قبل أن تأخذ قسطاً من الراحة.

يعد وضع شاشتك في المكان المناسب أمراً مهماً لتقليل إجهاد العين أيضاً. تقول كومار في هذا الصدد: «ضع شاشتك على بعد 60 سنتيمتراً تقريباً عن عينيك، وفي مكانٍ أعلى قليلاً من المكان الذي يستقر فيه بصرك بشكلٍ طبيعي دون إمالة رأسك. تقريب الشاشة أكثر منك سيؤدي حتماً لإجهاد عينيك».

ووفقاً لكومار؛ يمكنك استعمال الدموع الصناعية لتخفيف الشعور بالجفاف أو الحرقان، وإذا كنت تستخدم العدسات اللاصقة، فجرب استعمال النظارات الطبية بدلاً منها، على الأقل أثناء عملك، لأن العدسات اللاصقة تؤدي إلى تفاقم جفاف العين.

أخيراً؛ تجنّب الضوء المبهر كما تقول وايز: «تجنّب النظر مباشرةً إلى الضوء المتوهج، لأنه يصعّب على أعيننا مهمة تركيز النظر ويرهق عضلاتها؛ خصوصاً العضلات التي تعمل على توسيع حدقة العين. امنح عينيك فترة راحةٍ بعيداً عن الوهج من خلال التأكد من أن الضوء المحيط مماثل للضوء المنبعث من الشاشة، وأوقف تشغيل المصابيح العلوية الساطعة، وقلل من العمل الذي تقوم به في الخارج تحت أشعة الشمس المتوهجة. بالإضافة إلى ذلك؛ تجنب العمل في ظروف الإضاءة المنخفضة. تضيف وايز أن النظارات ذات الطلاء المضاد للانعكاس يمكن أن تساعد أيضاً في الحدّ من تعرضك للوهج.

لا تتوقع الحصول على مفعولٍ فوري مباشرةً بعد البدء بهذه الاستراتيجيات. يقول «سكوت دريكسلر»؛ أستاذ طب العيون في جامعة بيتسبرغ للطب: «إذا كنت تشعر بالفعل بتأثير إجهاد العين الرقمي، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تشعر بالراحة مجدداً». لحسن الحظ؛ لا تحتاج إلى التوقف تماماً عن العمل أمام الشاشة. وبشكلٍ عام؛ يجب أن تبدأ في الشعور بالتحسن في غضون أيامٍ قليلة.

اقرأ أيضاً: سعياً للرزق: ساعات العمل الطويلة تؤدي إلى موت الآلاف سنوياً

هل يجب شراء عدسات ترشيح الضوء الأزرق؟

Spec, Glass, Reflection, Lens, Vision, Optical, Eye

كثر الحديث مؤخراً عن الآثار السلبية للضوء الأزرق. يزعم بعض خبراء وأخصائيي البصريات (المتخصصون المرخصون الذين يصلحون العدسات ويبيعونها ويصفونها؛ لكنهم ليسوا أطباء) أن الضوء الأزرق يضر شبكية العين؛ مما قد يؤدي إلى مشاكل في الرؤية على المدى الطويل.

تستند هذه الادعاءات إلى بعض الدراسات التي وجدت أن التعرض المباشر للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات تسبب بتلف شبكية عين الجرذان والخلايا البشرية المزروعة في المختبر؛ لكن الأكاديمية الأميركية لطب العيون لا توصي باستخدام عدسات ترشيح الضوء الأزرق نظراً لعدم كفاية الأدلة، وعدم قابلية تعميم دراسات الفئران وظروف المختبر على البشر. يمكنك شراء زوجٍ من عدسات ترشيح الضوء الأزرق مقابل 50 إلى 100 دولار.

لا شك أن بعض أنواع الضوء الأزرق ضارة بالفعل. يمكن للأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس أن تسبب التنكس البقعي والسرطان؛ لكن بالمقابل، لا يُعتبر الضوء الأزرق بجميع أنواعه ضاراً بنفس القدر، فأجهزتنا لا تنتج الأشعة فوق البنفسجية. ووفقاً لوايز، فإن كمية الضوء الأزرق الكلية التي نتعرض لها هي في الواقع ضئيلة جداً، وتبلغ حوالي واحد في الألف من كمية الضوء الأزرق المحيط في يومٍ غائم. إذا كنت مهتماً بصحة عينيك على المدى الطويل، فإن ارتداء نظاراتٍ عالية الجودة مزودة بفلتر للأشعة فوق البنفسجية عندما تقضي فتراتٍ طويلةً في الشمس، هو استثمارٌ أفضل بكثير من شراء عدسات ترشيح اللون الأزرق المخصصة للعمل على شاشة الكمبيوتر.

خلاصة القول؛ ليس على البالغين القلق بشأن الآثار طويلة المدى لوقت الشاشة على أعينهم؛ ولكن لا داعي للإفراط في استخدام الشاشات، والتسبب لنفسك بصداع وجفاف العينين وعدم وضوح الرؤية. ربما قد حان الوقت لمنح عينيك استراحة؛ ابدأ الآن.

اقرأ أيضاً: هذا الدليل يساعدك في مواجهة صعوبات العودة للعمل في المكتب

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي