في 16 يونيو/حزيران، وافقت لجنة من مستشاري إدارة الغذاء والدواء (FDA) بالإجماع على لقاحين لكوفيد للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات. يمهد التصويت الطريق للحصول على ترخيص الاستخدام الطارئ الذي من شأنه أن يسمح للأطباء والصيدليات بإعطاء اللقاحات، وسيريح ملايين آباء الأطفال الصغار الذين انتظروا لمدة عام ونصف منذ أن تم السماح بأول لقاحاتٍ للبالغين.
يجب أن تمر اللقاحات التي تصنعها شركة فايزر وموديرنا عبر ثلاث مراحل أخرى قبل أن تصبح متاحة لعامة الناس: يجب أن تحصل على تصريح رسمي من إدارة الغذاء والدواء، وأن تتم مراجعتها من قبل لجنة مستقلة تشكلها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها؛ وأن تحصل أخيراً على موافقة مراكز السيطرة على الأمراض. ستجتمع لجنة مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها يومي الجمعة والسبت، لذا فمن المرجح توزيع اللقاحات بدءاً من الأسبوع المقبل.
سيكون لقاح فايزر مكوناً من ثلاث جرعات. سيتم إعطاء أول جرعتين بفاصل ثلاثة أسابيع، في حين ستُعطى الجرعة الثالثة بعد ذلك بثمانية أسابيع. بينما سيتضمن لقاح موديرنا جرعتين يتم إعطاؤهما بفاصل شهر. وجدت التجارب السريرية على اللقاحات أنها تقلل من الأعراض المرضية بنحو 50 إلى 80%، ولكن نظراً لأن الأطفال نادراً ما يمرضون من كوفيد-19، فإن فعالية اللقاح الدقيقة لا تزال غير مؤكدة تماماً. مع ذلك، يشعر المستشارون أن فوائد اللقاح تفوق المخاطر التي لوحظت في التجربة، والتي كانت مماثلة لتلك التي شوهدت في التجارب للفئات العمرية الأخرى.
اقرأ أيضاً: شركة موديرنا تختبر لقاحاً مخصصاً لسلالة أوميكرون وإليك نتائج التجارب حتى الآن
الأطفال أولوية قصوى
على الرغم من أن موجة الإصابات بمتغير أوميكرون قد بلغت ذروتها في الولايات المتحدة، بدأ المسؤولون في إدارة الغذاء والدواء الاجتماع بالتشديد على الحاجة المستمرة لحماية الأطفال الصغار. وفقاً لهؤلاء المسؤولين، توفي 442 طفلاً دون سن الرابعة بسبب كوفيد-19 حتى 28 مايو/أيار. في حين أن معدل الوفيات هذا منخفض مقارنةً بمثيله في الفئات العمرية الأخرى، إلا أنه رقم "فظيع جداً مقارنة بما رأيناه مع الإنفلونزا في الماضي"، وفقاً لما قاله مدير مركز تقييم البيولوجيا التابع لإدارة الغذاء والدواء، بيتر ماركس، في افتتاحية كلمته في الاجتماع. وأشار إلى أن 78 طفلاً توفوا في موسم الإنفلونزا السيئ بين عامي 2009-2010.
وأضاف ماركس: «من المهم ألا نفقد الإحساس إزاء أرقام وفيات الأطفال القليلة عند مقارنتها بعدد الوفيات الهائل بين كبار السن... كل خسارة تحطم أسرة».
على الرغم من الحاجة الملحة، فقد مرت نحو 8 أشهر منذ أن تمت الموافقة على إعطاء اللقاح لمن هم فوق سن الخامسة، واستبعاد الأطفال الأصغر سناً. يعود سبب تأخر الترخيص في السابق جزئياً إلى أن أجهزة المناعة لدى الأطفال تعمل بشكلٍ مختلف عن أجهزة المناعة لدى البالغين، ما جعل تحديد الجرعة المثالية أمراً صعباً.
اقرأ أيضاً: فيروس كورونا يؤدي إلى الوفاة، فهل سيموت جميع المصابين به؟
لكن المنظمين الفيدراليين وجهوا انتقادات أيضاً بسبب طريقة تعاملهم مع بيانات التجارب السريرية المبكرة. في فبراير/شباط، وبعد أن قدمت شركة فايزر نتائج باهتة نسبياً لتجاربها على لقاحها ذو الجرعتين إلى إدارة الغذاء والدواء، اختارت الوكالة الانتظار ومعرفة ما إذا كانت الجرعة ثالثة ستجعل العلاج بأكمله أكثر فعالية. وفي أبريل / نيسان، قرر المنظمون "تأجيل" اتخاذ قرار بشأن طلب ترخيص الاستخدام الطارئ الذي تقدمت به شركة موديرنا للقاحها إلى أن تتم الموافقة على كلا اللقاحين (لقاح فايزر وموديرنا) في وقت واحد، بحجة أن ذلك سيقلل من إرباك الآباء.
توضح البيانات التي قدمتها شركة فايزر في 16 يونيو/حزيران سبب تأجيل اتخاذ قرار بشأن لقاحها في فبراير/شباط. قللت جرعتان من اللقاح المرض المصحوب بأعراض لدى اليافعين بنسبة 14% فقط، وهي نتيجة ضعيفة، حتى أن اللجنة تجاهلت نسبة الفعالية المرتفعة التي زادت عن 90% بالنسبة للقاحات الرنا المرسال للبالغين. ولكن مع ثلاث جرعات، زادت فايزر الآن من فعالية لقاحها ضد المرض المصحوب بأعراض إلى 80%. وفي الوقت نفسه، قلل لقاح موديرنا ذو الجرعتين من فرصة إصابة الأطفال بالمرض بنسبة 40%.
شملت الآثار الجانبية الصداع والطفح الجلدي والحمى، على غرار الآثار الجانبية التي ظهرت عند البالغين. عانى عدد قليل من الأطفال من ارتفاع درجة الحرارة أكثر من 40 درجة مئوية، على الرغم من أن جميع الحالات شُفيت في غضون أيام. ومع ذلك، يمكن أن تسبب الحمى الشديدة لدى الأطفال الصغار أعراضاً، مثل الاختلاجات، لا تظهر عند البالغين. لم تكتشف التجارب أي حالات لالتهاب عضلة القلب أو حالات التهاب التامور التي تم رصدها أحياناً عند البالغين، ولكن حجم العينة كان صغيراً جداً بحيث لا يمكن استبعاد هذه الحالات تماماً.
نتائج التجربة
كانت نتائج الفعالية في كلا اللقاحين محاطة بقدر كبير من عدم اليقين. بينما سجلت الشركتان عشرات الآلاف من المشاركين في التجارب السريرية للقاحات البالغين، إلا أن عدد الأطفال المشاركين في تجارب كلا اللقاحين لم يتجاوز بضعة آلاف. وفي نفس الوقت، اختبرت التجارب فقط الأطفال الذين ظهرت عليهم أعراض كوفيد-19 على الرغم من أن 75% من الأطفال المصابين بكوفيد لا تظهر عليهم الأعراض مطلقاً. نظراً لأن الفعالية تعتمد على عدد حالات كوفيد-19 المرصودة، فقد كان لدى الباحثين قدر أقل من البيانات للاستناد عليها، ما أدى إلى تقديرات أقل موثوقية.
اقرأ أيضاً: ما تأثير اللقاحات على عدوى كوفيد-19 طويل الأمد؟
استندت نتائج الفعالية في دراسة فايزر، على سبيل المثال، إلى سبع حالات كوفيد-19 في مجموعة الدواء الوهمي وثلاث حالات في المجموعة التي تم تلقيحها. لم تستطع أي من التجربتين تقدير الفعالية ضد المرض الشديد من كوفيد، لأن أياً من المشاركين لم يصب به.
لكن مستشاري إدارة الغذاء والدواء الأميركية كانوا مقتنعين بفعالية اللقاحات، بشكل جزئي، مستندين إلى مستويات الأجسام المضادة لدى الأطفال الملقحين الذين شاركوا في التجارب. تتسق مستويات الأجسام المضادة هذه إلى حد ما مع المستويات التي شوهدت عند البالغين، ويقول ممثلو الشركتين إنهم يعتقدون أن لقاحات الأطفال ستوفر حماية مماثلة في الواقع ضد المرض الشديد.
لا يعني غياب بعض البيانات أن اللقاحات غير فعالة، ولكن إلى أن يتم جمع المزيد من البيانات، لا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كان لقاح أحد الشركتين أكثر فعالية من الآخر، أو معرفة عدد الحالات من كوفيد التي سيمنعها في عموم السكان.
كما أوضحت لجنة إدارة الغذاء والدواء الأميركية بصراحة أنها اعتبرت البيانات أولية، لكن الحاجة إلى توفير لقاح للأطفال كانت ملحة جداً ولا تحتمل انتظار توفر بيانات أكثر دقة مرة أخرى. تقول أخصائية الأمراض المعدية للأطفال في جامعة ستانفورد، هايلي غانس: «كنت أتوقع أن تضيف شركة موديرنا جرعة ثالثة إلى لقاحها المخصص للأطفال مع إجرائها المزيد من التجارب».
اقرأ أيضاً: دراسة من سوريا: هل أصبحت أساليب الوقاية من كوفيد-19 تشكل خطراً على الصحة؟
ناقش كل من أعضاء اللجنة وممثلي الشركة عدداً من الأسئلة التي أثارتها الأبحاث الجارية، بدءاً مما إذا كان هناك حاجة إلى جرعات إضافية، بما في ذلك المخصصة لمتغير أوميكرون، إلى فعالية اللقاحات بين الأطفال الذين يعانون من نقص المناعة.
كما ناقشوا حالة معينة من تجربة موديرنا حيث أصيب طفل صغير بحمى شديدة أدت إلى "نوبة حموية"، وهي نوع من نوبات الحمى يعاني منها بعض الأطفال مع تجاوز درجة حرارتهم 37.7 درجة مئوية. لا تُعتبر النوبات الحموية خطرة بالضرورة أثناء الإصابة بالعدوى الفيروسية، لكن المحققين يشتبهون في أن الحدث كان مرتبطاً بجرعة اللقاح الأولى. ومع ذلك، فقد تعافى الطفل وأكمل الدراسة دون أن يظهر استجابة مماثلة بعد أخذ الجرعة الثانية من اللقاح.
نظراً للأخطاء التي ارتكبها مسؤولو الصحة العامة بالفعل في الإبلاغ عن أوجه عدم اليقين بشأن اللقاحات أثناء الجائحة، سيكون التحدي التالي هو توفير اللقاحات للأطفال الذين يحتاجون إليها. وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "كايسر فاميلي فاونديشن"، يقول واحد من كل خمسة آباء لطفل دون سن الخامسة إنهم سيلقحون أطفالهم على الفور، بينما قال 40% إنهم "سينتظرون ويرون".