إليك ما نعرفه حول ارتداد كوفيد-19 حتى الآن

4 دقائق
إليك ما نعرفه حول ارتداد كوفيد-19 حتى الآن
يمكن أن يحدث ارتداد كوفيد-19 في غضون أيام من بدء العلاج باستخدام دواء باكسلوفيد. ديبوزيت فوتوز

مع زيادة إنتاج مضاد الفيروسات "باكسلوفيد" (Paxlovid) هذا الربيع، والذي تصنعه شركة فايزر، أصبح هذا الدواء حجر الأساس في استجابة الولايات المتحدة لكوفيد-19. لقد استثمر البيت الأبيض في البنية التحتية للاختبار والعلاج التي تسمح للأشخاص المصابين بكوفيد-19 بالوصول الفوري إلى دواء باكسلوفيد، وتقوم الحكومة الآن بتوزيع نحو نصف مليون جرعة من الدواء أسبوعياً. الدواء منقذ للحياة حقاً، وهو يهاجم بروتيناً رئيسياً يسهم في تكاثر فيروس كورونا. في التجارب السريرية، أدى العلاج بالدواء لمدة 5 أيام إلى خفض معدل الاستشفاء والوفاة بنسبة 90%.

ولكن كوفيد-19 لا يزال يعاود الظهور لدى بعض المرضى الذين يتناولون باكسلوفيد. تُسمى هذه الظاهرة بارتداد باكسلوفيد، وهي جديدة نسبياً وغير مفهومة جيداً. في عدد قليل من المرضى، يسبب الارتداد نوبات الحمى أو السعال أو أعراضاً أخرى، بينما يكون الارتداد في البعض الآخر بدون أعراض، لكن قد تكون نتيجة اختبارهم إيجابية بعد أن كانت سلبية في نهاية العلاج.

ارتداد باكسلوفيد

تحدثت مديرة قسم الأمراض المعدية والطب الدولي في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا الصحية، كامي كيم، إلى مجلة "بوبيولار ساينس" (العلوم للعلوم) أثناء وجودها في الحجر الصحي بسبب إصابتها بارتداد كوفيد-19. في الشهر الماضي، ثبتت إصابة كيم بالفيروس لأول مرة خلال الجائحة. على الرغم من أنها لم تكن معرضة لخطر كبير، إلا أنها تقول: «كان مرضي معتدلاً إلى حد ما وأصر رئيسي على أن أتناول باكسلوفيد لأنه يجب البدء بتناوله في وقت مبكر». اختفت أعراضها -الاحتقان ومشكلات الجهاز الهضمي- بعد فترة وجيزة من بدء تناول الدواء.

ولكن بعد أسبوعين من بدء إصابتها بالعدوى الأولى، بدأت كيم تشعر وكأنها تعاني من حساسية تجاه شيئ ما. لم تهتم كيم بالأمر كثيراً إلى أن تعرضت لفيروس كورونا خلال رحلة بعد بضعة أيام. أجرت اختباراً سريعاً وكان "إيجابياً بشكلٍ صارخ" حسب تعبيرها، لذلك عادت إلى الحجر الصحي. وتوضح كيم أنه لولا هذا التعرض، لكانت اعتقدت أن الحساسية وراء هذه الأعراض. تقول: «إنها نوع من قصة الارتداد الكلاسيكية لباكسلوفيد. تظهر الأعراض، ولكن ليس بنفس السوء الذي كان في المرة الأولى».

اقرأ أيضاً: المضادات الفيروسية لكوفيد-19 تثبت فعاليتها ضد سلالة أوميكرون

بدأ الإبلاغ عن ارتداد باكسلوفيد على نطاق واسع في الولايات المتحدة في أوائل ربيع عام 2022. في 24 مايو/أيار، أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إرشادات منقحة للأشخاص الذين يعانون من الانتكاس. وفقاً للوكالة، يجب على المرضى التعامل مع الارتداد وكأنه جولة ثانية من المرض، ويجب أن يبدؤوا بحجر أنفسهم مجدداً.

شهدت التجارب السريرية لمضاد فيروسات فايزر، والتي أجريت على المدخنين ومن يعانون من نقص المناعة والمعرضين لخطر الإصابة بكوفيد الشديد، حالات ارتداد باكسلوفيد عند نحو 1% فقط من المرضى. حتى الآن، لا توجد دراسات شاملة حول معدل ارتداد باكسلوفيد بين عموم الناس، لكن التقارير القصصية تشير إلى أن نسبة انتشاره أكثر من 1%. قد يعود هذا الاختلاف جزئياً إلى أن الأطباء يصفون باكسلوفيد للأشخاص المعرضين لخطر منخفض من كوفيد-19 وليس للمجموعة المعرضة لمخاطر عالية كالتي شاركت في الدراسة.  قالت طبيبة الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، مونيكا غاندي، لموقع "ستات" (STAT) الطبي الشهر الماضي: «ربما يرجع السبب في ذلك إلى أننا ببساطة لم نستخدم الدواء في المجموعات السكانية التي تمت دراستها».

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، لا توجد تقارير حتى الآن عن إصابة أي شخص بمرض شديد أثناء حالة الارتداد، ما يعني أن الخطر يكمن في انتقال الفيروس أكثر بدلاً من خطورته على المريض.

اقرأ أيضاً: جديد أخبار كوفيد: الموافقة على تطعيم الأطفال دون الخامسة ضد فيروس كورونا

تقول كيم: «ليس الأمر كما لو أن هذه الأدوية لا تعمل. إنها تبقي الناس خارج المستشفى، حتى عند الإصابة بمتغير أوميكرون».

يوصي كل من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وإدارة الدواء والغذاء الأميركية (FDA) بعدم إعطاء مرضى الارتداد دورة ثانية من الدواء. حتى أن توصيات إدارة الغذاء والدواء قد تناقضت علناً مع ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، ألبرت بورلا، لبلومبرغ حول أن المرضى يجب أن يكرروا استخدام علاج باكسلوفيد بعد ثبوت إصابتهم بفيروس كورونا مرة أخرى.

سكون الفيروس يسبب ارتداد باكسلوفيد

نظراً لأن دواء باكسلوفيد لم يتم تطويره إلا مؤخراً كعلاج لكوفيد-19، ما تزال هناك بعض الجوانب غير المعروفة عن تأثيراته. شعر الباحثون في البداية بالقلق من أن الارتداد علامة على أن الفيروس قد أصبح مقاوماً للدواء، لكن التحليل الجيني لحالات الارتداد لم يظهر أي طفراتٍ جديدة في فيروس كورونا تشي بأن الفيروس يحاول التكيف. الاحتمالات الأخرى هي أن الفيروس قد ينجو من الدواء عن طريق الاختباء في بعض الأنسجة غير المعروفة للأعضاء، أو أن جهاز المناعة في الجسم لا يستجيب بالسرعة الكافية لتدمير جزيئات الفيروس المتبقية.

تقول كيم: «إذا نظرنا إلى كيفية عمل الدواء، فإن الأمر منطقي من الناحية العملية. فعلى العكس من الأجسام المضادة أحادية النسيلة التي تمنع الفيروس من إصابة الخلايا، يمنع باكسلوفيد الفيروس من التكاثر. لكن الفيروس يبقى ما لم يقضِ الجهاز المناعي على كل الخلايا المصابة. من الناحية النظرية، يمكن أن يدخل الفيروس في حالة هجوع أو سكون، فإذا لم يقضِ الجهاز المناعي على جميع الخلايا المصابة، يمكن أن ينشط الفيروس مجدداً نظرياً ويبدأ في التكاثر مرة أخرى».

هناك سبب آخر وراء صعوبة تشخيص ارتداد باكسلوفيد، وهو عدم القدرة على التنبؤ بعدوى كوفيد-19 غير المعالجة، حيث قد يحمل البعض الفيروس الحي في أجسامهم ويظلون ناقلين للعدوى بعد 10 أيام. لقد كانت هناك تقارير في وقت مبكر من الجائحة عن بعض المرضى الذين يتعافون ثم ينتكسون بشكل متكرر على مدار عدة أشهر.

لاحظت إحدى الدراسات التي تناولت هذه الانتكاسات غير المعالجة أنه كان من الصعب احتسابها نظراً لأن عدداً كبيراً منها كان يتم الإبلاغ عنها ذاتياً. إلا أن الدراسة وجدت، على الأقل بالنسبة للمرضى الذين يصابون بمرض خفيف من كوفيد، أنه من غير المرجح أن يكون الانتكاس ناتجاً عن جزيئات الفيروس المتبقية. بدلاً من ذلك، ربما كان له علاقة بالاستجابة المناعية للفرد.

اقرأ أيضاً: ما هو التقدير الأكثر مصداقية لعدد الوفيات بسبب كوفيد-19 عالمياً؟

يجري علماء المناعة أبحاثاً للإجابة عن أسئلة مماثلة متعلقة بكوفيد طويل الأمد، والذي يظهر عند بعض الأشخاص على شكل نوبات متكررة من أعراض العدوى. من المرجح أن يكون هناك العديد من الأسباب المختلفة وراء كوفيد طويل الأمد، لكن إحدى الفرضيات البارزة تطرح فكرة مخزون الفيروس في الجسم كأحد الأسباب المحتملة.

إن مصدر القلق الأكبر بالنسبة لمن يعانون من ارتداد باكسلوفيد هو أنهم يمكن أن يصبحوا ناقلين للعدوى مرة أخرى. ولكن من الناحية العلمية، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الظاهرة ناتجة عن الدواء أو هي طبيعة عدوى كوفيد نفسها.

المحتوى محمي