تصدرت المغرب عناوين الأخبار لأسباب تتجاوز وصولها لمراحل متقدمة من كأس العالم لعام 2022. فقد تم العثور على أحافير جديدة في تكوين فزواطة الطيني الذي يقع في قرية تايشوت في جنوب شرق منطقة زاغورا في المغرب، ويستخدم العلماء هذه الأحافير الآن لملء بعض الفجوات في تاريخ تطور بعض الكائنات القديمة.
اكتشاف أحافير حيويّات فزواطة
حيويّات فزواطة هو اسم لمجموعة فريدة من الحيوانات المتحجرة التي تعود للعصر الأوردوفيشي المبكّر والتي وجدت في منطقة زاغورا. تتضمن هذه المجموعة أحافير لشعاعيات الأسنان وفصّيات الأقدام ومفصليات الأرجل البحرية الرخوية والماريلومورفيّات، يحتوي تكوين فزواطة الطيني على بقايا العديد من مفصليات الأرجل السابحة التي هيمنت على بحار الأرض قبل نحو 470 مليون سنة. ومفصليات الأرجل هذه هي كائنات قريبة وراثياً من الروبيان والحشرات والعناكب.
وصفت دراسة نُشرت بتاريخ 13 ديسمبر/ كانون الأول في مجلة ساينتفيك ريبورتس (Scientific Reports) الأدلة الجديدة التي وجدت في هذه المنطقة. على الرغم من الحاجة لإجراء المزيد من الأبحاث لتحليل البقايا الجديدة، من المحتمل أن أطوال الكائنات التي تعود لها وصلت إلى نحو مترين.
اقرأ أيضاً: اكتشاف بقايا آخر نمر تسماني في أحد المتاحف بعد اختفائها لعقود
وفقاَ لفريق المؤلفين، تفتح المكتشفات الحديثة في قرية تايشوت آفاقاً جديدة في مجال علم الحفريات وعلم البيئة.
قال الطالب في مرحلة الدكتوراة في قسم علم الأحافير في جامعتي لوزان ويونان والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، فريد صالح (Farid Saleh)، في بيان صحفي: "كل شيء في هذه المنطقة جديد، من طبيعتها الرسوبية والأحافير الموجودة فيها حتى إلى درجة حفظ هذه الأحافير، ما يؤكد أهمية حيويات فزواطة في فهمنا لأشكال الحياة القديمة على الأرض".
وفقاً لفريق المؤلفين، والذي يمثّل عدة بلدان من العالم، يعتبر هذا الموقع وسجله الأحفوري مختلفين للغاية عن مواقع فزواطة الأخرى. وجد الباحثون في المواقع الأخرى، والتي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن قرية تايشوت، الأحافير التي تعود لما بعد الانفجار الكامبري.
قالت عالمة الحفريات في جامعة إكستر وجامعة يونان والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، شاويا ما (Xiaoya Ma)، في بيان صحفي: "على الرغم من أن أنواع مفصليات الأرجل العملاقة التي اكتشفناها لم يتم تحديدها بدقة، فقد ينتمي بعضها إلى الأنواع الموصوفة سابقاً والتي تنتمي لحيويات فزواطة، وسيمثل بعضها أنواعاً جديدة بالتأكيد"، وأضافت: "مع ذلك، يشير كبر حجمها ونمط حياتها المعتمد على السباحة إلى أنها أدت دوراً فريداً في الأنظمة البيئية التي عاشت فيها".
ما الذي تقدمه هذه الاكتشافات للدراسات المستقبلية؟
تتضمن الأحافير المكتشفة حديثاً الأصداف الصلبة وبعض الأجزاء الجسدية الرخوة المحفوظة بشكل جيد مثل الأعضاء الداخلية. ستساعد هذه المكتشفات العلماء في دراسة تشريح الحيوانات القديمة التي عاشت على الأرض وكيفية تطوّرها بمرور الزمن. عاشت حيوانات هذه المنطقة في بحر ضحل وعاصف ومليء بالأمواج، والذي دفن بقاياها وأسهم في حفظها في قاعه. مع ذلك، تعتبر هذه الحيوانات السابحة من الأعضاء ذات الأهمية المحدودة نسبياً في حيويات فزواطة.
اقرأ أيضاً: اكتشاف الهيكل العظمي الأكثر اكتمالاً لماموث عمره 30 ألف عام
وجدت الدراسة الجديدة أن الأحافير الموجودة في قرية تايشوت محفوظة في صخور رسوبية أصغر عمراً ببضع الملايين من السنين من الأحافير الأخرى التي وجدت في منطقة زاغورا، وأنها تتألف في أغلبها من شظايا تعود لمفصليات الأرجل العملاقة. تسببت الانهيارات الأرضية تحت المائية بنقل جِيف هذه الحيوانات إلى البيئات البحرية الأكثر عمقاً.
قالت الباحثة في علم الحفريات بجامعة أوفريسك والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، أليسون ديلي (Allison Daley)، في بيان صحفي: "تم إيجاد الحيوانات مثل عضديات الأرجل ملتصقة ببعض شظايا مفصليات الأرجل، ما يشير إلى أن هذه الأخيرة أدت دور مخازن مغذيات بالنسبة لعضديات الأرجل التي تعيش في القاع عندما ماتت وغرقت".
وفقاً لفريق لمؤلفين، تمثّل الأنواع الجديدة مكتشفات مفاجئة حتى بالنسبة لعلماء الحفريات المخضرمين.
اقرأ أيضاً: هكذا دبت الحياة على الأرض بعد الانقراض العظيم
قال عالم الحفريات في جامعة ليون وكبير مؤلفي الدراسة الجديدة، برتراند لوفيفر (Bertrand Lefebvre)، في بيان صحفي: "لا تتوقف حيويات فزواطة عن إدهاشنا بمكتشفات جديدة غير متوقعة".