دراسة تربط بين تناول أدوية الربو الشائعة وتأثيرات على المادة الدماغية

3 دقائق
دراسة تربط بين تناول أدوية الربو الشائعة وتأثيرات على المادة الدماغية
عادة ما يتم تناول أدوية الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن على شكل حبوب أو استنشاقها بجهاز الاستنشاق. الصورة: فاهروني (Fahroni)/شترستوك

توصلت دراسة نُشرت في مجلة "بي إم جي أوبن" إلى وجود صلة محتملة بين الجلوكوكورتيكويدات المستنشقة والجهازية (التي تؤخذ عن طريق الفم)، والتي عادة ما يتم تناولها لعلاج أمراض مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) أو الربو، وبين التغيرات الهيكلية والحجمية في المادة الرمادية والبيضاء في الجسم. تُستعمل هذه الأدوية، والتي تُعرف أحياناً بالكورتيكوستيرويدات، عن طريق الاستنشاق أو بواسطة الحبوب، وتُوصف على نطاق واسع (يتناولها نحو 1% من السكان). تقدّر مؤسسة الربو والحساسية الأميركية أن 25 مليون شخص (شخص من بين كل 13 شخصاً) في الولايات المتحدة يعانون من الربو.

اختبارات للتحقق من سلامة تناول أدوية الربو

نظرت الدراسة في بيانات من البنك الحيوي البريطاني (UK BioBank)، وهو مركز أبحاث طبي حيوي قام بجمع وتتبع البيانات الصحية والجينية لنصف مليون مقيم في المملكة المتحدة بين عامي 2006 و2010. وجد الباحثون أن 222 شخصاً ممن كان يتناول الجلوكوكورتيكويد الفموي و557 شخصاً كان يعتمد على الجلوكوكورتيكويد المستنشق (779 شخصاً إجمالاً) لم يتم تشخيصهم مسبقاً بأي اضطراب عصبي أو هرموني أو عقلي.

اقرأ أيضاً: دليلك المبسط للتعرف على مرض الربو

بعد ذلك، أجرى الفريق اختبارات للصحة المعرفية والعقلية على هؤلاء الأشخاص وأُخذت صور الانتشار بالرنين المغناطيسي لأدمغتهم. قارن الفريق نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي والنتائج المعرفية مع بيانات أكثر من 24 ألف شخص من البنك الحيوي البريطاني ممن لم يتناولوا هذه الستيروئيدات، وقد وجد الفريق انخفاضاً في حجم المادة البيضاء بين مستخدمي الكورتيكوستيرويد.

تقول مؤلفة الدراسة وطالبة ما بعد الدكتوراة في المركز الطبي بجامعة لايدن في هولندا، ميريل فان دير ميولين: «تُظهر الدراسة أن كلا شكلي الجلوكوكورتيكويدات، الجهازية والمستنشقة، مرتبطان بما يبدو أنه انخفاض واسع النطاق في سلامة المادة البيضاء. تم تحديد الأضرار الأكبر في المادة البيضاء بين الأشخاص الذين يتناولون الجلوكوكورتيكويد عن طريق الفم بانتظام لفترة طويلة من الزمن، بينما ارتبط شكل الجلوكوكورتيكويد المستنشق بأقل الأضرار على المادة الدماغية».

المادة البيضاء الدماغية هي نسيجٌ يربط بين خلايا الدماغ وبقية الجهاز العصبي. يمكن أن يؤدي انخفاض المادة البيضاء في الدماغ إلى إبطاء قدرته على معالجة المعلومات بالإضافة إلى تأثيره على مدى الانتباه (المدى الزمني الذي يستطيع فيه الشخص التركيز على نشاط واحد) والذاكرة. وقد ربطت بعض الدراسات انخفاض مستويات المادة البيضاء بالاكتئاب والقلق وحِدة الطبع.

كتب فريق الدراسة: «تُظهر هذه الدراسة أن كلا شكلي الجلوكوكورتيكويدات، الجهازية والمستنشقة، مرتبطان بما يبدو أنه انخفاض شديد في سلامة المادة البيضاء، الأمر الذي قد يفسّر جزئياً الآثار الجانبية العصبية والنفسية التي لوحظت عند المرضى الذين يتناولون هذا الدواء».

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تفسر سبب حدوث اضطرابات الأكل عند مرضى الآلام المزمنة

تشمل الآثار الجانبية العصبية والنفسية لدى المرضى الذين يتناولون هذه الستيروئيدات على المدى الطويل القلق والاكتئاب والهوس والهذيان.

يقول عالم المناعة العصبية والمدير السريري بالمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، أفيندرا ناث، والذي لم يشارك في الدراسة في مقابلة مع قناة "سي إن إن": «لا داعي للقلق. يعلم الأطباء منذ زمن طويل أن تناول الستيروئيدات يؤدي لتقلص الدماغ، ولكنه يعود إلى حجمه عند إيقافها لأن المادة البيضاء تتمتع بالقدرة على التجدد وإصلاح نفسها لحسن الحظ».

استنتاجات غير مؤكدة

وأشار الفريق إلى بعض القيود في الدراسة. حيث لم يتم تقييم سوى عدد قليل من مؤشرات تغير المزاج ولمدة أسبوعين مقدماً فقط. وذكر الفريق أيضاً أن التغييرات قد تكون مرتبطة بالحالة التي وُصفت لها الستيروئيدات وليست مرتبطة بتناول الستيروئيد نفسه. كما أنهم لم يكونوا قادرين على التمييز بين الأشخاص الذين يتناولون حبوب الستيرويد وأولئك الذين يستخدمون الحقن بسبب أسماء الأدوية المستخدمة من قبل البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وكلها عوامل قد تؤثر على النتائج.

يقول مؤلفو الدراسة: «على الرغم من أنه من المحتمل أن هناك علاقة سببية بين استخدام الجلوكوكورتيكويد والتغيرات في الدماغ، بناءً على الدراسة الحالية والدراسات السابقة، فإن طبيعة هذه الدراسة المقطعية لا تسمح باستنتاجات مؤكدة حول السببية».

اقرأ أيضاً: اكتشاف نوع جديد من خلايا الرئة يحيي الآمال بعلاجات واعدة للانسداد الرئوي المزمن وأضرار أخرى يسببها التدخين

هذه الدراسة مثال آخر على أن الارتباط لا يعني السببية، أي ليس بالضرورة أن يكون عامل يسبب الآخر إذا ما كانا مترابطين. لذلك إذا كنت مصاباً بالربو وتتناول أحد هذه الأدوية، احرص على استشارة طبيبك قبل التفكير بتغيير أدويتك.

المحتوى محمي