لماذا تنهار الجسور؟ وما أشهر هذه الحوادث عالمياً؟

تشكّل الجسور نقاط وصل مهمة لحركة المرور على الطرق والسكك الحديدية وعبر الأنهار أو الوديان، ومن دون الجسور ستظهر العديد من الصعوبات في المواصلات في معظم المدن، وسيتطلب الانتقال بين ضفتي نهر أو بين طرفي وادٍ وغيرهما الكثير من الزمن. لذا يسبب انهيار الجسور أو إغلاقها للإصلاحات أزمة مرورية كبيرة ويمكن أن تُشلَّ حركة المواصلات، فما أسباب انهيار الجسور وما أبرز هذه الحوادث عالمياً؟

اقرأ أيضاً: كيف تُبنى السدود؟ وكيف تمنع تسريب الماء بعد 100 عام من إنشائها؟

10 أسباب لانهيار الجسور وأمثلة عنها

تتلخص أبرز أسباب انهيار الجسور وأشهر الحوادث المرتبطة بها بما يلي:

الزلازل

تسبب الزلازل تدمير المباني والهياكل التي بناها الإنسان بما فيها الجسور، ومن أشهر الزلازل التي سببت انهيار الجسور زلزال لوما بريتا الذي ضرب مدينتي أوكلاند وسان فرانسيسكو الساحليتين في ولاية كاليفورنيا بأميركا في أكتوبر 1989، حيث تسبب الزلزال بمقتل 43 شخصاً نتيجة انهيار جسر خليج سان فرانسيسكو وأوكلاند وجسر شارع سيبرس الذي يحمل الطريق السريع 880.

لذا من المهم بناء الجسور في المناطق غير المعرضة لخطر الزلازل، وبناؤها بحيث تكون مقاومة للهزات الأرضية.

الحرائق

تعتبر الحرائق من أندر أسباب انهيار الجسور في العصر الحالي نظراً لاستخدام مواد بناء مقاومة للحرائق وتفادي استخدام الخشب في بناء الجسور المعاصرة، لكن توجد في التاريخ عدة حالات احترقت فيها الجسور ومنها جسور القطارات بشكلٍ خاص، لأن عجلات القطار الفولاذية الموجودة على القضبان الفولاذية للمسار كانت تولّد شرارات تسبب اشتعال الجسر الخشبي. لكن بالوقت ذاته تتضرر الجسور الحديثة بشكلٍ بالغ بسبب النيران الناتجة عن انفجار الصهاريج التي تحمل كميات كبيرة من مواد شديدة الاشتعال مثل البنزين، فقد تكون الحرارة شديدة لدرجة إذابة الفولاذ المستخدم في بناء الجسر. 

مثلاً، اشتعلت النيران في صهريج محمل بمواد قابلة للاشتعال عام 2009 على الطريق السريع I-75 بالقرب من مدينة ديترويت الأميركية، ودمَّر الحريق الناتج الجسر بالكامل، ولحسن الحظ لم يكن هناك ضحايا.

تحطم قطار فوق الجسر

يمكن أن يسبب تحطم قطار على جسر انهياره، ومن أشهر الأمثلة على هذه الحالة حادثة قطار إيشيده عام 1998، حيث تعرض قطار فائق السرعة يعبر ألمانيا إلى عطل ميكانيكي في إحدى عجلاته، فخرج القطار عن مساره وتحركت عربات القطار بسرعة 200 كيلومتر في الساعة تقريباً خارج المسار، واصطدمت بالأرصفة الداعمة للجسر الذي كان يمر فوق خطوط السكك الحديدية، ما أدّى إلى انهيار الجسر فوق عربات القطار وسحقها، وتوفي آنذاك 101 شخص في الحادث.

اصطدام طائرة بالجسر 

على الرغم من أن احتمال اصطدام الطائرات بالجسور ضئيل، فإنه ممكن، حيث اصطدمت طائرة فلوريدا رقم 90 عام 1982 بجسر شارع 14 فوق الطريق السريع 395 بالقرب من مطار واشنطن الوطني في أميركا، ما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص في سياراتهم، ومع أن الجسر لم ينهار بشكلٍ تام، فإنه تطلب إصلاحات هيكلية واسعة.

اقرأ أيضاً: لماذا توقف العالم عن بناء الأبنية الكلاسيكية الجميلة؟

اصطدام السفن والقوارب بالجسر

تُشيَّد العديد من الجسور فوق الأنهار والمسطحات المائية والمضائق البحرية، وهذا يعني أن القوارب يجب أن تمر تحت الجسر، وهناك حالات تكون فيها الجسور متحركة أي يُرفع الجسر لتمر السفينة من تحته أو يكون الجسر مرتفعاً بشكل كافٍ ليسمح بمرور السفن تحته عادة. ولكن في بعض الحالات عندما تكون السفن ضخمة وذات كتلة كبير مثل سفن النقل التجاري والبوارج التي تحتوي على حاويات يصل عددها إلى المئات بوزن مئات الأطنان، وتصطدم بدعائم الجسر أو أرصفته أو جسمه، سيُهدم الجسر حتى وإن كان متيناً وهذا ما حدث مع جسر فرانسيس سكوت كي (Francis Scott Key) في بالتيمور ماريلاند بعد اصطدام سفينة نقل سنغافورية به بتاريخ 26/3/2024، وسبب هذا الحادث سقوط العديد من السيارات التي كانت فوق الجسر في الماء.

انهيار جسر Francis Scott Key في بالتيمور ماريلاند بعد اصطدام سفينة نقل سنغافورية به

يوجد 20 شخص مفقود

معلومة: جسر آخر بين فيرجينيا وجورج تاون في واشنطن دي سي يحمل نفس الاسم

فرانسيس سكوت كي هو كاتب النشيد الوطني الأمريكي في عام 1814 ومازال حتى اليوم
pic.twitter.com/crIsVqXESq

— عبدالله مشاط (@AbdullahMashat) March 26, 2024

الفيضانات

تتسبب الفيضانات بانهيار الجسور بعدة طرق مختلفة، إذ يمكن للفيضان أن يحمل ركام المنازل أو الأشجار التي يضرب بها الجسور الموجودة في طريقه، ويمكن أيضاً أن يرفع الفيضان منسوب المياه فيتجمع حطام المنازل والأشجار والسيارات وغيرها بشكلٍ مكثّفٍ فوق الجسر، وبعد انحسار المياه ستسبب أوزان الأكوام المتراكمة سقوط الجسر.

يمكن أن تؤدي الفيضانات إلى انهيار الجسور من خلال تآكل التربة حول وتحت أرصفة الجسر تدريجياً، ويحدث ذلك عندما توضع أساسات الجسور تحت الماء، ويُعدُّ جسر شوهاري كريك مثالاً على الانهيار الناجم عن الفيضانات، وقد حدث عام 1987، حيث تسببت فيضانات الربيع في ارتفاع منسوب المياه وتآكل التربة المحيطة بالأساسات وبالتالي انهيار الجسر ووفاة 10 أشخاص جرّاء الحادث.

اقرأ أيضاً: لماذا لم يسقط برج بيزا المائل حتى الآن؟

حوادث البناء

يحتاج بناء الجسور إلى مئات العمال وتحدث معظم انهيارات الجسور في أثناء بنائها، ما يسفر عن عددٍ كبيرٍ من الضحايا عند حدوث الانهيار. ومن أبرز حوادث انهيارات الجسور في أثناء البناء انهيار جسر كيبيك الذي يصل ضفتي نهر سانت لورانس في مدينة كيبيك في كندا عام 1907، والسبب كان الأخطاء الهندسية في الحسابات، وقُتل 74 عاملاً حينها، وفي أثناء إعادة بناء الجسر نفسه عام 1916، انهار مرة أخرى ما أسفر عن مقتل 13 عاملاً آخر.

عيوب التصنيع

قد تنهار الجسور بسبب وجود عيب بقطع صغيرة مستخدمة لبناء الجسر مثل العزقات وغيرها، أو من الممكن أن يسبب استخدام مواد منخفضة الجودة أو معيبة التصنيع انهيار الجسر، ولا يتبين سبب هذا النوع من الانهيارات إلّا بعد القيام بالتحقيق اللاحق للانهيار وتقصي أسبابه.

كان انهيار الجسر الفضي فوق نهر أوهايو عام 1967 في بوينت بليزانت بولاية فرجينيا الغربية بأميركا أحد الانهيارات الناتجة عن العيوب التصنيعية في إحدى العوارض الفولاذية التي كانت تثبت الجسر، وتسبب في وفاة 46 شخصاً.

عيوب التصميم

وفي هذه الحالة يكون المهندس المعماري قد أعطى الجسر تصميماً غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، وهذا ما يحدث عند عدم دراسة إمكانية اعتماد التصميم. 

كان انهيار جسر I-35 فوق نهر المسيسيبي في مينيابوليس بولاية مينيسوتا عام 2007 ناجماً عن خلل في التصميم، إذ لم تكن ألواح التقوية الفولاذية التي تربط الأجزاء الرئيسية من هيكل الجسر كبيرة بما يكفي لحمل الوزن الإضافي، وانهار الجسر بأكمله مودياً بحياة 13 شخصاً كانوا عليه.

إهمال الصيانة

تحتاج الجسور المشيدة والطرق بشكلٍ عام إلى الصيانة الدورية، ويؤدي إهمال الصيانة أو التقاعس عنها إلى التعرض للأزمات الإنشائية مثل انهيارات الجسور، إذ يمتلك كل جسر عُمراً افتراضياً يحدده المهندسون الذين قاموا بإنشائه بالإضافة لفترة صيانة دورية تسمح ببقاء الجسر قائماً لنهاية فترة خدمته الافتراضية، 

ومن أبرز أعمال الصيانة التي تخضع لها الجسور استبدال الأجزاء الصدئة وتنظيف مرافق الصرف الصحي وتجديد الطلاء والتدعيم.

انهار جسر طريق كونيتيكت تيرنبايك فوق نهر ميانوس في أميركا عام 1983، وكان السبب في انهياره تآكل المسامير الفولاذية التي تدعم بنية الجسر وعدم استبدالها من قِبل فريق الصيانة الدورية.

اقرأ أيضاً: اهتزاز الجسور المعلقة مشكلة لا يرغب المهندسون في رؤيتها

وهناك لائحة طويلة بالأسباب الأخرى مثل الأعمال الإرهابية والأعاصير والتخريب المتعمد للجسور وغيرها، لكن في الحالات كلها يجب الاحتياط لأسوأ الاحتمالات ومحاولة تدعيم الجسور بأفضل شكلٍ ممكن وصيانتها باستمرار تلافياً لأي حادث انهيار قد يتعرض له الجسر.