لا شيء يضاهي تناول قطعة لذيذة وساخنة من البيتزا. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه الخميرة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الانتفاخ أو الإسهال أو الغازات أو آلام المعدة أو حتى الصدمة التحسسية.
لا تزال نسبة الأشخاص الذين يعانون من التحسس تجاه الخميرة غير معروفة. في ثمانينيات القرن الماضي، اقترح بعض الأطباء أن واحداً من كل 3 أميركيين يمكن أن يكون مصاباً بالتحسس تجاه خميرة «المُبيَضّة البيضاء»، ولكن ثبت مؤخراً أن هذه نسبة مبالغ فيها. اليوم، لا تزال موضة الأطعمة الخالية من الخميرة وتلك التي تحتوي على نسبة منخفضة جداً من الخميرة رائجة. وقد يعاني الأشخاص المصابون بضعف جهاز المناعة من حساسية تجاه الأطعمة الغنية بالخميرة.
كيف أنتج العلماء عجينة بيتزا بدون خميرة؟
بالنسبة لأطعمة مثل الخبز والمعجنات، قد يكون من الصعب جداً التخلي عن الخميرة. حتى ينتفخ العجين، يجب أن تتغذّى خلايا الخميرة على السكريات وتنتج ثنائي أوكسيد الكربون، وهو ما يجعل المخبوزات المفضلة لدينا خفيفة. إن تقليد تأثير الخميرة على العجين يكاد يكون مستحيلاً، على الأقل حتى بدأ «إرنيستو دي مايو»، عالم المواد، محاولاته في صناعة البيتزا التي لا تحتاج الخميرة.
وجد دي مايو، وهو باحث في المواد الحيوية في جامعة نابولي فيديريكو الثاني، والذي صادف أنه يعاني من حساسية تجاه الخميرة، طريقة لتحضير العجين من الماء والدقيق والملح فقط، دون الحاجة للخميرة. كان يختبر دي مايو مادة أخرى في بحث سابق، وهي «متعدد اليوريثان» والتي تتشكل أيضاً بعملية فقاعية. أوحى له بحثه هذا بفكرة عبقرية: ترك العجين في موصدة ساخنة (وهي آلة تستخدم لتنفيذ العمليات الصناعية والعلمية التي تتطلب درجة حرارة وضغطاً مرتفعين).
بينما تستخدم الموصدات عادة لتعقيم معدات المختبرات، استخدم دي مايو و«روسانا باسكوينو»، طالبة في مرحلة الدراسات العليا هذه الآلة للخبز، إذ أنهما قاما (إلى جانب فريق من العلماء) بحل الغاز في العجين تحت ضغوط عالية (مثل الطريقة التي تحضر فيها المشروبات الغازية نوعاً ما)، ما شكّل تلك الفقاعات المقرمشة التي يحبها عشاق البيتزا. وفقاً للباحثين، فإن تناسق وطعم عينات العجين (التي كانت بحجم قطعة نقود) كان مشابهاً بشكل مذهل لعجينة البيتزا التي تحتوي على الخميرة. نشر الباحثون النتائج في 22 مارس/آذار 2022 في دورية «فيزياء السوائل» (Physics of Fluids).
يبدو الأمر سهلاً، لكن تحضير العجين قد يكون صعباً للغاية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالضغط. قال دي مايو في بيان صحفي إن تحرير الضغط يمكن أن يُجهد العجينة، ما يجعلها غير لذيذة. ومع ذلك، باستخدام خلفياتهم كعلماء مواد، تمكن الباحثون من قياس تدفق وتشوه هذه المادة الجديدة وإيجاد المقدار المثالي من الضغط لتحضير عجينة مهواة ولذيذة.
قالت باسكوينو في بيان صحفي: «لقد درسنا سلوك العجين مع الخميرة وبدونها، أي كيف تتغير الرخاوة مع التخمير، وكيف يستجيب العجين لتغير درجة الحرارة أثناء الخبز»، وأضافت: «كان هذا أمراً أساسياً لمعرفة الضغوط المناسبة لتحضير العجين بدون الخميرة».
اقرأ أيضاً: الربيع قادم بأمراضه التحسسية: كيف تأخذ الأدوية المضادة للحساسية بالطريقة الأمثل؟
على الرغم من أن الموصدة كانت تطبق ضغطاً منخفضاً جداً، مشابهاً لمستوى ضغط آلة صنع القهوة المنزلية، إلى أنه لا يزال الوقت باكراً على استخدام العجين الخالي من الخميرة في مطاعم البيتزا حول العالم. سيحصل الباحثون قريباً على موصدة أكبر، ويقول دي مايو إنه ربما في غضون عامين، مع المزيد من العمل والمساعدة، يمكن أن يكون العجين المخمر علمياً جاهزاً للمطاعم.