مسبار الأمل يلتقط أول صورة لظاهرة الشفق المنفصل في المريخ

3 دقائق
مسبار الأمل

كشف مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، عن الصور الأولى من نوعها التي تبين صورة شاملة لظاهرة الشفق المنفصل «Discrete Aurora» في الغلاف الجوي للمريخ أثناء الليل، باستخدام الأشعة الفوق بنفسجية البعيدة «far ultraviolet».

ستساهم هذه الصور الاستثنائية غير المسبوقة التي التقطها «مسبار الأمل»؛ أول مهمة فضائية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة عربية، في إثراء معارف العلماء والباحثين عند دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ وغلافه الجوي.

قالت المهندسة حصة المطروشي؛ نائب مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ للشؤون العلمية، إن تسجيل هذه اللقطات الفريدة للشفق المنفصل لكوكب المريخ يعد سابقةً على مستوى العالم؛ إذ توفر تفاصيلاً عالية الدقة وعبر أطوال موجية لم يتم رصدها سابقاً.

وأضافت: «أن هذه الصور سوف تساعد العلماء على فهم أعمق لطبيعة الغلاف الجوي للمريخ وعلاقته بالمجال المغناطيسي للكوكب، وسيترتب على ذلك آثار معرفية هائلة؛ حيث تساهم في دعم نظرية أن العواصف الشمسية ليست السبب الوحيد في حدوث الشفق في المريخ».

وتُظهر الصور التي تم التقاطها بواسطة المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية «EMUS»؛ الذي يحمله المسبار على متنه وهجاً يعرف باسم «الشفق المنفصل»، تتتبع أنماطه المعقدة المناطق التي تعمل فيها المجالات المغناطيسية غير المنتظمة التي تنتجها المعادن الممغنطة الموجودة على سطح المريخ، علماً بأن هذا التأثير للحقول المغناطيسية للمريخ يعد سمة فريدة للكوكب الأحمر؛ حيث أنه -على عكس الأرض- لا يمتلك مجالاً مغناطيسياً شاملاً تولده نواة الكوكب .

واللافت أن المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS؛ وهو الجهاز العلمي الأكثر دقةً واستجابةً للأشعة فوق البنفسجية حول كوكب المريخ، قادر على رصد وتصوير هذه التفاعلات الشفقية بتغطية شاملة ودقة عالية، وعبر مجموعة واسعة من الأطوال الموجية؛ مما يوفر فرصة غير مسبوقة لرصد ومتابعة تفاعل الغلاف الجوي مع الأنشطة الشمسية.

وفي حين أوضحت الدراسات السابقة إلى نظرية ارتباط الشفق المنفصل بالمجال المغناطيسي للمريخ، وتوافقت الملاحظات والبيانات العلمية السابقة لهذا الارتباط؛ إلا أن هذه الظاهرة لم يتم تصويرها بهذه الجودة وهذه التغطية سابقاً.

وقال خبير الغلاف الجوي العلوي للمريخ وعضو في الفريق العلمي لمسبار الأمل؛ جاستن ديغان : «لقد استطعنا من خلال عشر دقائق من هذه الملاحظات العلمية من مسبار الأمل، تأكيد نظريات علمية لشفق للمريخ التي اكتُسبت على مدار عشر سنوات، وتؤكد البيانات التي نلتقطها الآن الإمكانات الهائلة التي نمتلكها لاستكشاف شفق المريخ والتفاعلات، بين مجالات المريخ المغناطيسية وغلافه الجوي والأنشطة الشمسية، على قدر من الدقة لم تكن ممكنة من قبل، ومن المفرح أن هذه الملاحظات العلمية ستسهم في الحصول على استنتاجات علمية تتجاوز الأهداف العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ».

ويعد المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية إحدى الأجهزة الثلاثة الموجودة على متن مسبار الأمل، وتتضمن المهمة الرئيسية لهذا الجهاز قياس الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في غلاف المريخ الحراري وتوزيع الهيدروجين والأكسجين في الغلاف الخارجي.

وكان أعضاء الفريق العلمي لمسبار الأمل الذين عملوا سابقاً على مشروع «مسبار مافن» قد أدركوا إمكانية استخدام المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية لمسبار الأمل، لالتقاط جوانب جديدة من ظواهر شفق المريخ؛ لكن نتائج الرصد المبكرة تجاوزت التوقعات.

توجد حول كوكب المريخ ثلاث أنواع من الأشفاق وهي: «الشفق المنتشر - Diffuse Aurora»؛ والذي تم ملاحظته خلال العواصف الشمسية الشديدة التي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة تتفاعل مع الغلاف الجوي للمريخ وتتسبب في إضاءته بأكمله، وعلى عكسه «الشفق المنفصل - Discrete Aurora»؛ الذي يتواجد بشكل محلي في الكوكب وليس على الكوكب أكمله كما أشارت الملاحظات السابقة له؛ التي ترجح نظرية ارتباط مكان وجوده بشكل مباشر بالحقول المغناطيسية غير المنتظمة التي تنتجها المعادن الممغنطة الموجودة على سطح المريخ.

تم رصد الشفقين في الجانب المظلم/الليلي من المريخ، بينما تم رصد النوع الثالث من الأشفاق «الشفق البروتوني» في الجانب المضيء/النهاري من المريخ، وهو ينتج عن تفاعل بين الطاقة الشمسية والهيدروجين في الغلاف الجوي العلوي للمريخ.

يذكر أنه تم تحديد هذه الأنواع الثلاثة من الأشفاق القطبية سابقاً بواسطة أجهزة مطياف الأشعة فوق البنفسجية على متن مسباري «مافين» و«مارس إكسبريس»؛ لكن الصور عالية الجودة بتغطيتها الجغرافية للشفق المنفصل التي وفرها «مسبار الأمل»، تعد غير مسبوقة كونها تمد العلماء ببيانات لم يتم توفرها من قبل.

وقالت المهندسة حصة المطروشي إن أشفاق المريخ تستقطب اهتمام المجتمع العلمي الدولي، لما يترتب على دراستها المتعمقة من آفاق واسعة أمام الأبحاث العلمية التي ستساهم في توسيع فهمنا للغلاف الجوي للمريخ وتفاعله مع الكوكب ومع انبعاثات الطاقة الشمسية.

وأضافت: «كنا نأمل مع بدء المرحلة العلمية لمسبار الأمل في أن يكون لجهاز المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية الذي يحمله المسبار على متنه إسهام في مجال استكشاف ظاهرة الشفق للمريخ؛ ولكننا على يقين الآن أن مساهمة مسبار الأمل ستكون رائدةً في هذا المجال».

يدور مسبار الأمل حول المريخ مرة كل 55 ساعة في مداره العلمي المخطط له؛ والذي يتراوح ما بين 20000 و43000 كيلومتر، بدرجة ميل مداري تبلغ 25 درجة، ويغطي بشكل كامل كل تسعة أيام كوكب المريخ في مهمة تستمر لمدة سنة مريخية كاملة؛ والتي تعادل عامين أرضيين، لرسم صورة كاملة عن الغلاف الجوي لكوكب المريخ.

يعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» تتويجاً لجهود نقل المعرفة وتطويرها التي بدأت في عام 2006 في مركز محمد بن راشد للفضاء؛ وهو ثمرة تعاون وثيق بين فريق من العلماء والباحثين والمهندسين الإماراتيين وشركاء دوليين لتطوير القدرات اللازمة لتصميم وهندسة مهمات فضائية.

اقرأ المزيد: مسبار الأمل: الإمارات إلى المريخ لأن الواقع أفضل من الحلم

المحتوى محمي