في يوم الخميس 9 يونيو/حزيران 2022، أعلنت "الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء" المعروفة بـ "ناسا" (NASA) عن قرارها بفتح ملف "الظواهر الجوية المجهولة" (UAPs) من جديد في الخريف، بما فيها الأجسام الطائرة مجهولة الهوية (UFOs) التي حيرت الجميع، لكن على أسس علمية صارمة لتحديد ماهية تلك الأجسام الغريبة، مؤكدة من خلال بيان عبر موقعها الإلكتروني على أنه ليس هناك أي دليل على أنّ تلك الأجسام من خارج كوكب الأرض.
متى لاحظ الإنسان الأطباق الطائرة لأول مرة؟
في ظهيرة يوم 24 يونيو/حزيران عام 1947، كان السيد "كينيث أرنولد"، وهو رجل أعمال وطيار أميركي، يحلق بطائرته فوق العاصمة الأميركية واشنطن بالقرب من جبل رينييه حين شاهد 9 أجسام تشبه الأطباق محلقة بسرعات عالية جداً، ما أثار ذهوله. انتشر الخبر في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، ما جعل فكرة الأطباق الطائرة تشتعل في رؤوس العامة، وأصبحت حديث الشارع.
وبعد قصة السيد "كينيث"، سادت أفكار نظريات المؤامرة، خاصة بعدما شاهد بعض الناس بقايا حطام لمركبات تشبه الأطباق الطائرة في ولاية نيو مكسيكو بالولايات المتحدة الأميركية، وتحفظت القوات العسكرية على الأمر. وبعد مرور نحو 50 عاماً، أصدر الجيش الأميركي بياناً يعترف فيه بأنّ ذلك الحطام كان جزءاً من مشروع تجسس نووي سري يُسمى "موغول".
اقرأ أيضاً: هل تشبه المركبات القمرية مستقبلاً الأطباق الطائرة؟
محاولات سابقة للكشف عن هوية الأطباق الطائرة
اهتم البشر بالأطباق الطائرة عندما ظهرت لأول مرة أثناء القرن الماضي، وما زاد انتشار الاهتمام بها والأقاويل عنها هو غموضها الغريب الذي لم يستطع أحد تفسيره، فألف الكتّاب الكتب والروايات عن تلك الأجسام، ما زاد تعلق الناس بها وزادت شعبيتها لتصبح بطلاً أساسياً لجلسات العائلات وقصص الأطفال والكبار أيضاً. وسعياً من الحكومة الأميركية للتقليل من شعبية هذه الأطباق ونظريات المؤامرة حولها، أقامت عدة مشاريع لكشف حقيقتها، من ضمن هذه المشاريع:
مشروع الكتاب الأزرق
انطلق مشروع الكتاب الأزرق عام 1952 مع زيادة ظهور تلك الأجسام الغريبة، حيث جمع العاملون به ما يزيد عن 12,000 مشاهدة، وخلصوا إلى أنّ عدد كبير من تلك الأجسام صُنف على أنه شُهب ونيازك ونجوم وأجرام سماوية أخرى، ونسبة صغيرة جداً كانت أشياء مجهولة الهوية، لا توجد معلومات كافية تحدد ماهيتها. انتهى المشروع عام 1969.
لجنة روبرتسون
في صيف عام 1952، وصلت أعداد البلاغات في الولايات المتحدة الأميركية عن الأطباق الطائرة إلى رقم قياسي، بسبب بعض المشاهدات الغريبة فوق العاصمة واشنطن، ما أجبر الحكومة على تشكيل لجنة من الخبراء للتحقيق في تلك الظاهرة، وكان على رأس اللجنة مهندس الصواريخ وعالم الفيزياء الفلكية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الأميركي "هاورد روبرتسون" .
اجتمعت اللجنة لمدة 3 أيام في عام 1953، وتخللت تلك المقابلات اجتماعات مع ضباط عسكريين ورئيس مشروع الكتاب الأزرق، كما راجع المجتمعون الأفلام المسجلة والصور التي التُقطت للأجسام الطائرة الغريبة، واستنتجوا أنّ 90 % من تلك المشاهد كانت للشهب والنيازك والشفق القطبي والسحب الأيونية وبالونات وطيور وطائرات ومصابيح وغيرها من الأشياء المألوفة، وأقروا أيضاً أنه لا شيء يدعو للخوف، فلا يوجد أي تهديد أمني على البلاد. لكن تم الاحتفاظ بأجزاء كثيرة من التقرير حتى عام 1979، ما أثار العديد من الشكوك وارتفع صوت نظرية المؤامرة.
اقرأ أيضاً: تكنولوجيا الأشرعة الشمسية الجديدة ستساعد علماء وكالة ناسا على رصد الشمس
تقرير كوندون
عام 1966، أُنشئت لجنة أخرى مكونة من 37 عالماً، بطلب من سلاح الجو الأميركي، لمراجعة 59 مشهداً من المشاهدات التي جمعها مشروع الكتاب الأزرق. وبعد مرور عامين، صدرت نتائج التحقيق والتي أفادت بأنه لا يوجد أي دليل على وجود الأطباق الطائرة، وكانت النتائج مشابهة لتقرير روبرتسون غير أنّ هذا التقرير سُمي بـ "تقرير كوندون"، نسبة إلى كبير العلماء الذي ترأس هذه اللجنة، الدكتور "إدوارد كوندون".
اقرأ أيضاً: كائنات فضائية: البنتاجون يحقق في الأجسام الطائرة التي مرت على الأرض
فتح ملف الأجسام الغريبة: بيان وكالة ناسا لعام 2022
أعلنت وكالة ناسا عن قرارها بدراسة الأجسام المجهولة هذه بعد 3 أسابيع تقريباً من جلسة أمام الكونغرس الأميركي، سيُستجوب بناءً على القرار 2 من كبار رجال المخابرات والدفاع في الدولة بخصوص تقارير الطيارين العسكريين عن الأجسام الطائرة. وبحلول خريف 2022، ستنطلق مبادرة ناسا للتحقيق في الأمر على أسس علمية، ومن المقرر أن يستغرق المشروع مدة 9 أشهر. وفي نفس البيان، أقرت وكالة ناسا بأنها في هذا المشروع ليست تابعة لوزارة الدفاع، ولكنها نسقت مع الحكومة فيما يتعلق بتطبيق العلم لمعرفة طبيعة وأصل تلك الظواهر.
اقرأ أيضاً: لماذا تعلق ناسا الكثير من الآمال على الزراعة الفضائية؟
يقود فريق الدراسة عالم الفيزياء الفلكية الأميركي ورئيس مؤسسة سيمونز في نيويورك الدكتور "ديفيد سبيرجل"، ، ويوضح طبيعة مهمة فريق البحث، وأن أول خطوة هي جمع أكبر قدر من البيانات التي يمكنهم جمعها من المدنيين والحكومات والمؤسسات غير الربحية والشركات، ومن ثمّ استخدام أفضل وأدق الطرق لتحليلها جيداً بمساعدة الخبراء والمتخصصين في الملاحة الجوية وتحليل البيانات وتعزيز عملية الرصد. وأكد ديفيد على أنّ النتائج ستكون متاحة بشفافية للعامة.