علاج جديد لسرطان المستقيم ينجح في شفاء جميع المرضى المشاركين في تجربة ضيقة النطاق

علاج جديد لسرطان المستقيم ينجح في شفاء جميع المرضى المشاركين في تجربة ضيقة النطاق
حقوق الصورة: مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في دراسة ضيقة النطاق، نجح فريق من الباحثين الأميركيين في علاج 12 مريضاً مصاباً بالسرطان، وجعلوا السرطان يختفي تماماً. “كان هناك الكثير من دموع الفرح” بهذه الكلمات وصفت أخصائية الأورام المشاركة في الدراسة “أندريا سيرسيك” نتائج الدراسة التي توصلوا إليها بفضل العقار الجديد.

استُخدم العقار الجديد الذي يدعى “دوستارليماب” سابقاً خارج الولايات المتحدة في العلاج المناعي لسرطان عنق الرحم؛ وهو جسم مضاد أحادي النسيلة ويُعرف تجارياً بمسمى (جمبرلي). إلا أن الأطباء في مركز “ميموريال سلون كيترينج للسرطان” (MSK) لم يتوقعوا مثل هذا التأثير المدوي للعقار عند تجربته على 12 مريضاً بسرطان المستقيم له، إذ اختفت جميع الأورام السرطانية من جميع المرضى.

في الدراسة التي نُشرت في دورية “نيو إنجلاند الطبية” (The New England Journal of Medicine)، انطلق الباحثون في بحثهم من فكرتين رئيسيتين:

  1. يرتبط العلاج القياسي لسرطان المستقيم بالعلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة، وهو ما قد يتسبب بمضاعفات دائمة، مثل الخلل الوظيفي في الأمعاء والمثانة وسلس البول والعقم والضعف الجنسي. يقول الدكتور “لويس دياز جونيور”، عالم الأورام الطبي في مركز (MSK): “من الواضح أن هذا يمكن أن يؤدي إلى الكثير من مشكلات احترام الذات والأزمات النفسية أيضاً”. لذا كان هدف الأطباء إيجاد علاج يجنب المرضى الآثار الجانبية الخطرة لسرطان المستقيم.
  2. تحديد المرضى الذين يستفيدون أكثر من العلاج المناعي بدقة، حيث يشترك جميع المرضى في التجربة بإصابتهم بمتلازمة “عوز إصلاح عدم التطابق” (MMRd)، وهي ورم طوّر عيباً في قدرته على إصلاح أنواع معينة من الطفرات التي تصيب خلاياه. يعد مرضى متلازمة (MMRd) حالة فرعية من سرطان المستقيم وتصيب 5-10% منهم. ينتج عن تراكم هذه الطفرات في خلايا الورم تحفيزٌ للجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية التي تحمل الطفرات. لكن الخلايا السرطانية استطاعت التحايل على الجهاز المناعي. فكيف ذلك؟

اقرأ أيضاً: لماذا لا يُصاب القلب بالسرطان؟

كيف يعمل العقار المناعي دوستارليماب

تمتلك خلايا الجهاز المناعي على سطحها ما يُدعى “نقطة تفتيش”، وتعمل النقاط في التحكم بالخلايا المناعية وتوجيهها نحو الخلايا السرطانية ومنعها من مهاجمة الخلايا الطبيعية، إلا أنه يمكن للخلايا السرطانية أن توقف عمل نقاط التفتيش، ما يعيق الخلايا المناعية في التعرف على خلايا الورم. يستهدف عقار دوستارليماب نقاط التفتيش هذه، ويعمل على إعادة تنشيطها لتتعرف الخلايا المناعية من جديد على الخلايا السرطانية المختبئة ذات الطفرات الغريبة وتهاجمها.

نتائج مبهرة للعقار الجديد

في التجربة السريرية تناول المرضى جرعة من دواء دوستارليماب (مثبط نقاط التفتيش) عن طريق الوريد كل ثلاثة أسابيع لمدة ستة أشهر، مع الإشارة إلى أن جميع المرضى في مرحلة متماثلة من سرطان المستقيم، إذ كان لديهم أورام من الدرجة الثانية والثالثة من سرطان المستقيم (MMRd) والذي لم ينتشر إلى أعضاء أخرى. وعلى مدى شهور العلاج، تتبع الأطباء الأورام عن طريق الرنين المغناطيسي، ومسح التصوير المقطعي، والتنظير الداخلي، والخزعة، من بين اختبارات أخرى. تقول الدكتورة سيرسيك: “قلّص العلاج المناعي الأورام بشكل أسرع بكثير مما كنت أتوقع”، حيث أفاد أحد المرضى أنه توقف عن النزيف وتلاشت آلامه بعد الجرعة الأولى، وبعد 3 جلسات قال للدكتورة سيرسيك: “هذا أمر لا يصدق؛ أشعر أنني طبيعي مرة أخرى”. وفي نهاية المدة العلاجية كانت النتائج مذهلة؛ لقد اختفى الورم كلياً لدى جميع المرضى المشاركين في التجربة، دون الحاجة لأية علاج آخر كيميائي أو إشعاعي أو جراحي، كما أنهم حافظوا على وظيفة الأمعاء الطبيعية والمثانة والوظيفة الجنسية والخصوبة، ولم يعانوا سوى من بعض الآثار الجانبية البسيطة مثل الطفح الجلدي والحكة والتعب والغثيان، ولم يلحظوا أي نمو سرطاني خلال مدة أقصاها عامين.

هل تم علاج المرضى نهائياً؟

تعد هذه التجربة الأولى من نوعها التي تحقق قضاءً نهائياً على السرطان، إلا أن هذه الاستجابة السريرية الكاملة للعقار المثبط لنقاط التفتيش (دوستارليماب) قد لا تعني علاجاً نهائياً، حيث حدد الخبراء “معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات”، بما معناه أن الذين لم يشهدوا أي وجود للسرطان خلال مدة خمس سنوات بعد التشخيص الأولي للمرض هم من يمكن اعتبارهم قد شُفوا تماماً.

كما توضح خبيرة سرطان القولون والمستقيم في كلية الطب في جامعة هارفارد، إنه على الرغم من النتائج المذهلة، إلا أن عدد المشاركين صغيرٌ جداً وتحتاج التجربة إلى المزيد من التكرار.

اقرأ أيضاً: هل ستنجح لقاحات السرطان في حسم المعركة ضد هذا المرض الخبيث؟

ماذا تعني الدراسة لعلاجات السرطان في المستقبل؟

لم ينته البحث الممول من قبل شركة “جلاكسو سميث كلاين” (GlaxoSmithKline) الدوائية، والتي تُصنع دواء “جيمبرلي”. يأمل الأطباء مستقبلاً، في توسيع العلاج المناعي بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة، ليشمل أنواعاً أخرى من السرطان. يقول الطبيب دياز: “نحن نتحرى ما إذا كانت هذه الطريقة نفسها قد تساعد سرطانات أخرى، ونقوم حالياً بتسجيل المرضى المصابين بسرطان المعدة والبروستاتا والبنكرياس”.

أشار الباحثون إلى أن البحث مستمر، ويُسجَّل المزيد من مرضى السرطان في التجربة. يقول الدكتور دياز: “رسالتنا هي: اخضع للفحص إذا كنت مصاباً بسرطان المستقيم لمعرفة ما إذا كان الورم هو MMRd. بغض النظر عن مرحلة السرطان، لدينا تجربة في مركز MSK قد تساعدك، وخبرة خاصة مهمة جداً”.