ما تحتاج لمعرفته عن مشروع الجينوم المرجعي للمصريين الذي أطلق في إكسبو دبي

5 دقائق
مشروع الجينوم المصري

بعد المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، تعلن مصر اليوم 31 يناير/ كانون الثاني 2022 انضمامها إلى نادي البلدان العربية التي أطلقت مشاريعها الخاصة بالجينوم البشري لشعوبها، وذلك ضمن حدث بارز بعنوان "الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين" في إطار فعاليات إكسبو دبي 2020، وتحت رعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش الرئيس الأعلى لجمعية الإمارات للأمراض الجينية، وبحضور الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي القائم بأعمال وزير الصحة والسكان بجمهورية مصر العربية.

حمّل التقرير الخاص من بوبساي: الجينوم السعودي أكثر من برنامج للحد من الأمراض الوراثية

شخصيات بارزة في فعالية الجينوم المرجعي للمصريين في إكسبو دبي 2020

تنظم الفعالية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية، ممثلة في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، بالشراكة مع مركز الشيخ زايد للأبحاث الجينية التابع لجمعية الإمارات للأمراض الجينية. وتثري الفعالية عدد من الشخصيات المصرية والعالمية وعلى رأسها السير مجدي يعقوب، جراح القلب العالمي، والدكتور إسماعيل سراج الدين، الرئيس المؤسس لمكتبة الإسكندرية، والدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والدكتورة مريم مطر، مؤسسة ورئيسة جمعية الإمارات للأمراض الجينية والعضوة في لجنة تحكيم جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تي تكنولوجي ريفيو، واللواء طبيب خالد عامر، مدير مركز البحوث الطبية والطب التجديدى بوزارة الدفاع المصرية، وكوكبة من العلماء من مصر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية.

اقرأ أيضاً: تعرّف على الدكتورة الإماراتية مريم مطر وإسهاماتها البارزة في مجال الأمراض الوراثية

مشروع الجينوم المصري
مشروع الجينوم المرجعي للمصريين الذي أطلق في إكسبو دبي.

تبدأ الفعالية اليوم بافتتاح وضيافة سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير دولة الإمارات العربية المتحدة للتسامح والتعايش والمفوض العام لمعرض اكسبو دبي ٢٠٢٠، وتليها كلمة معالي الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي في مصر. وسيستعرض الأستاذ الدكتور محمود صقر رؤية وأهداف مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين وأهم المخرجات العلمية والتطبيقية المتوقعة للمشروع على المستوى القومي والإقليمي والدولي.

بعد ذلك، يعرض لواء طبيب خالد عامر الخطة التنفيذية للمشروع، ويتناول الأستاذ الدكتور يحيي زكريا جاد رئيس اللجنة العلمية للمشروع القيم العلمية والتاريخية لدراسة الجينوم المرجعي لقدماء المصريين.

وتتضمن الفعالية عدة ندوات ومشاركات من علماء عرب من حول العالم؛ حيث يلقي الدكتور اسماعيل سراج الدين محاضرة حول القيم الأخلاقية المتعلقة بالدراسات الجينية. ويقدم هشام صادق، الدكتور بجامعة تكساس بالولايات المتحدة محاضرة عن العقارات المسؤولة عن تصحيح بعض العيوب الجينية ودورها في ترسيخ مفهوم الطب الشخصي. وفي جلسة أخرى، تسلط الدكتورة شيخة المرزوقي رئيسة المجموعة الإماراتية للخلايا الجذعية الضوء على برنامج الطب التجديدي بدولة الإمارات.

وتختتم الفعالية بمحاضرة تلقيها الدكتورة مريم مطر وتتحدث فيها عن دور الجمعية الريادي في البرامج الوقائية للاضطرابات الجينية في المنطقة، ومحاضرة أخرى للعالم المصري السير مجدي يعقوب يتحدث فيها عن جينوميات أمراض القلب.

اقرأ أيضاً: تعرّف على الدكتور المصري البريطاني مجدي يعقوب الذي أجرى أكبر عدد من عمليات زرع القلب في العالم

ما هو الجينوم البشري؟ وما أهمية دراسته؟

وفقاً للموسوعة البريطانية، فإن الجينوم البشري هو كامل المادة الوراثية المكونة من حوالي ثلاثة مليارات زوج قاعدي من الحمض الريبي النووي منقوص الأكسجين أو الدنا، الذي يضم المجموعة الكاملة للصبغيات البشرية. ويتضمن الجينوم البشري جميع المناطق المرمِّزة في الدنا، التي ترمِّز جميع الجينات لدى الإنسان والتي يتراوح عددها بين 20,000 و25,000 جين موجود في نواة الخلية ومرتبة في هيئة 23 زوجاً من الصبغيات، بالإضافة إلى المناطق غير المرمِّزة. وقد تم إنجاز تسلسل الدنا لكامل الجينوم البشري في عام 2003.

تحمل دراسة الجينوم البشري أهمية كبرى من عدة نواحي؛ فبالإضافة إلى مساعدتها في فهم أصل الجنس البشري والعلاقات بين الشعوب المختلفة، فهي توفّر الوسائل الضرورية لاكتشاف الطفرات الوراثية (أو الخلل الجيني المكتسَب)، التي تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض مثل السرطان والسكري. وبالتالي، من خلال تحديد المخاطر الصحية الناجمة عن الاستعداد الوراثي لشخص ما للإصابة بمرض معين، نجح التشخيص الجيني الوقائي في مساعدة عدد كبير من الأشخاص على مواصلة حياتهم بصحة أفضل ولفترة أطول. وعلى سبيل المثال، عندما يتم اكتشاف الجينات المسؤولة عن مرض سرطان القولون في جينوم عائلة محددة، يمكن إجراء فحوص دورية للأفراد الحاملين لهذه الجينات من أجل اكتشاف الإصابة بالسرطان -في حال حدوثها- والتدخل مبكراً عندما يكون العلاج أكثر فعالية.

اقرأ أيضاً: مشروع الجينوم البشري السعودي: قفزة كبرى لتطوير الطب الشخصي والموجَّه في المملكة العربية السعودية

وعلاوة على ذلك، فإن التقدم الذي تم إحرازه في مجال المعلوماتية الحيوية وتقنيات الهندسة الوراثية والجيل الجديد للتسلسل الجينومي (NGS) قد فتح الباب واسعاً لفهم تباين الاستجابة الدوائية بين الأشخاص. كما مهّد الطريق للانتقال إلى مرحلة الطب الشخصي والطب الموجَّه، الذي يتيح معالجة كل حالة بذاتها من خلال معرفة التركيب الجيني الخاص بكل مجتمع وكل فرد.

لكن بما أنه تم التعرف على الجينوم البشري منذ سنوات، فما الغاية من العمل على توثيق خريطة وراثية خاصة بكل شعب؟

قد تتباين الجينات المسببة للأمراض -والتسلسل الجيني عموماً- بدرجة ما بين الشعوب المختلفة، ما يتطلب من كل شعب أن يطور قاعدة بيانات خاصة به. ومن هنا تنبع أهمية المشاريع الوطنية لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر في مساعدة الأطباء على إجراء تشخيص صحيح في زمن أقصر. 

وعلاوة على ذلك، فإن مشاريع الجينوم تمكِّن المواطنين من اتخاذ القرارات السليمة المتعلقة بصحتهم لمنع انتقال الأمراض الوراثية إلى الأجيال الجديدة. وتقول الدكتورة ملاك عابد الثقفي، المشرف العام للتنسيق الوطني للبحث والتطوير والابتكار في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ورئيسة قسم الأبحاث الفرعية و أبحاث الجينوم ومعمل الجينوم السعودي الفرعي في مدينة الملك فهد الطبية، في مقابلة أجرتها مؤخراً مع إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية إن مشروع الجينوم البشري السعودي يتكامل ويعزز أثر البرامج الوقائية التي سبق وأطلقتها وزارة الصحة في البلاد لتقليل الإصابة بالأمراض الوراثية في المجتمع، مثل برنامج فحص ما قبل الزواج الذي يشمل الكشف عن الأنيميا المنجلية والتلاسيميا والأمراض المعدية، ما ساهم بشكل رئيسي في تقليل نسبة إصابة المواليد بتلك الأمراض.

كما ستستفيد المجتمعات في هذه البلدان بشكل مباشر من مخرجات مشروع الجينوم البشري؛ حيث يحمل إمكانات واعدة في مجال زراعة الأعضاء والتجارب السريرية المبتكرة بناء على الخريطة الوراثية الخاصة بكل شعب منها. إضافة إلى ذلك، تساهم مشاريع الجينوم هذه في بناء قاعدة بيانات جينية عن الصحة والأمراض وتطوير عدد كبير من الاختبارات المبنية على المعلومات الجينية.

أهداف مشروع الجينوم البشري للمصريين

يهدف مشروع الجينوم هذا إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري، تضمن تحديد المؤثرات الجينية في تأثير الأدوية وعلاج الأمراض المختلفة وتحديد العوامل الجينية المؤثرة في الاستجابة لأسباب الأوبئة المختلفة، ما يساعد على تفعيل الطب الشخصي والطب الدقيق، وما يساهم في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابات الفيروسية والذين يمكن أن يتعرضوا لانتكاسات صحية عنيفة تتطلب رعاية صحية خاصة. ويعتبر هذا المشروع العمود الرئيسي للطب الشخصي وأي منظومة صحية متطورة. ويهدف المشروع أيضاً إلى دراسة الجينات المتعلقة ببعض الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب والأورام السائدة لدى المصريين وكذلك الأمراض الوراثية الشائعة فى مصر.

وينطوي المشروع على إنشاء مركز الجينوم المصري، الذي سيكون مختبراً وطنياً متخصصاً في أبحاث الجينوم، وستشارك فيه كل الجهات البحثية والجامعات المصرية ذات الخبرة في علم الجينوم. وسيصبح المركز منارة متاحة لكل الباحثين المصريين من داخل مصر وخارجها المهتمين بأبحاث الجينوم. وسيتيح هذا المركز رفع قدرات شباب الباحثين المصريين في هذا المجال ويوفر إمكانية دراسة العينات داخل مصر دون نقلها للخارج.

وسيواكب إنشاء مركز الجينوم تأسيس وحدة متخصصة لمعالجة البيانات الضخمة تبنى على الإمكانيات الحاسوبية المتاحة في الجهات التي تملك حواسيب فائقة، مثل تلك الموجودة في جامعة القاهرة ومكتبة الإسكندرية وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، لتوفير القدرة الحاسوبية اللازمة لإجراء تحليل البيانات الكمية الهائلة المنتظر إنتاجها. 

ومن المتوقع أن تتنوع عوائد البرنامج ما بين نشر علمي في أكبر الدوريات العالمية وتحسين منظومة الصحة العامة والرعاية الصحية، وتنمية العلوم الطبية، وتنمية صناعات جديدة، وخلق فرص عمل في مجالات جديدة. وسيمكن المشروع من رفع القدرة على تقديم خدمات الجينوم في مجالات الرعاية الطبية داخل مصر، ووضع محددات جينية للتشخيص المبكر والتنبؤ بالأمراض المنتشرة بين المصريين، ما يؤدي لخفض تكلفة الرعاية الطبية وتحسين جودة حياة المصريين. بالإضافة إلى وضع خريطة جينية للأمراض في مصر، ما يؤدي إلى القدرة على وضع عادات غذائية وصحية للوقاية من الأمراض، وهو ما سوف ينعكس على تكلفة وجودة الرعاية الصحية، وسيفتح الباب نحو تطبيق العلاج الجيني في الأمراض المستعصية داخل مصر.

لا شك أن إكسبو دبي 2020، بما يمثله من منصة دولية ضخمة تستقطب جموع المهتمين بمختلف المجالات من الهيئات البحثية والصناعة والقطاع الخاص، يشكل المكان الأنسب للإعلان دولياً عن مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين، وللتأسيس لشراكة عربية-عربية في مجال أبحاث الجينوم البشري، والتي  تظهر جلية من خلال مشاركة أهم الهيئات المهتمة بأبحاث الجينوم في مصر والإمارات فى تنظيم الحدث وحشد العلماء والمختصين في علوم الجينوم من مصر والعالم والقائمين على مشروع الجينوم المصري.

 

المحتوى محمي