أفكار يورغ ديترمان مؤلف كتاب «الخيال العلمي والحياة خارج كوكب الأرض في الإسلام»

أفكار يورغ ديترمان مؤلف كتاب «الخيال العلمي والحياة خارج كوكب الأرض في الإسلام»
حقوق الصورة: shutterstock.com/ yaalan
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يقدم كتاب “الخيال العلمي والحياة خارج كوكب الأرض في الإسلام” (Islam science fiction and extraterrestrial life) لمؤلفه الدكتور “يورغ ماتياس ديترمان” بحثاً معمّقاً ومثيراً عمّا كتبه المسلمون عبر القرون في الخيال العلمي، ويزيد من فهم العلاقة بين المسلمين والخيال العلمي. وقد كان لنا نقاش شيّق معه يوضح فيه أفكاره.

الدكتور يورغ ماتياس ديترمان هو أستاذ مشارك في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر، وهو مؤلف لأربعة كتب: علم التأريخ في المملكة العربية السعودية (2014)، وحث علم الأحياء والتطور في دول الخليج (2015)، وعلوم الفضاء والعالم العربي (2018)، وآخرها الكتاب الذي بين أيدينا اليوم.

الدكتور يورغ ماتياس ديترمان
حقوق الصورة: الدكتور يورغ ماتياس ديترمان

نظرة سريعة إلى الكتاب

يبدأ الدكتور ديترمان الفصل الافتتاحي للكتاب بقصة أيهم جبر، وهو فنان من سوريا نجح في تقديم فنه على الرغم من الحرب في بلده. يرسم لوحات من الخيال العلمي مع مشاهد عربية وإسلامية أصيلة للغاية، وفيها صور لأطباق طائرة وغزو أجنبي، يزعج السلام الطبيعي. يحمل غلاف الكتاب صورة لإحدى هذه الرسومات. 

يسلّط الكتاب الضوء على أن المسلمين كانوا أكثر انفتاحاً من نظرائهم الغربيين على مر القرون فيما يخص الخيال العلمي وعلم الفلك وعلم الأحياء الفلكية والبحث عن كواكب خارج النظام الشمسي والعمل مع وكالات الفضاء الأجنبية مثل وكالة ناسا، دون أن يشكّل الدين عائقاً. وقد تكهنوا بأن الحياة على الأرض نفسها نشأت من النجوم، من بكتيريا غريبة تشق طريقها إلى غلافنا الجوي أو كائنات فضائية تزرع الكوكب بالحياة عن قصد.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: سر نشأة الحياة يكمن في قطرات الماء 

بالإضافة إلى ذلك، يخصص الكاتب جزءاً كبيراً من الكتاب للسينما وما يتعلق باستكشاف الفضاء الخارجي وأفلام الخيال العلمي، بالإضافة إلى الكتب والروايات. وقد ذكر الكتاب العديد من الأمثلة عن الأفلام والكتب باستفاضة لتوضيح أفكاره.  

يرى الكاتب أن المسلمين والعرب يرون المخلوقات الفضائية كائنات أقل تهديداً من الغربيين، ويتحدث أيضاً عن تقبل المسلمين للعوالم الأخرى، وخاصة عالم الجن المذكورين في القرآن الكريم وعلاقتهم في الخيال العلمي.

نقاش معمّق مع الدكتور ديترمان

قصص القرآن تشعل خيال المسلمين العلمي 

يقدم القرآن العديد من الأفكار والمعجزات الكونية المتعلقة بالكواكب والفضاء، أدى ذلك إلى إشعال خيال المسلمين للإبداع بمجال الخيال العلمي، بالإضافة إلى ابتكار الاختراعات المستقبلية. فقد تكون رحلة الإسراء والمعراج، التي ذهب فيها النبي من مكة إلى المسجد الأقصى، وصعوده إلى السماء من هناك، مصدر إلهام للتفكير في الطيران مثلاً، فهي وغيرها من المعجزات الإلهية يتعلم عنها الأطفال المسلمون في وقت مبكر من حياتهم. ويوضح ديترمان أن القرآن لم يعلمنا طريقة السفر بالسرعة تلك، كما لم يعلمنا كيفية الصعود إلى الفضاء، لكن ذلك كان كافياً لإشعال فتيل الإلهام والخيال بطريقة غير مباشرة. 

حياة رواد الفضاء المسلمين الدينية خارج الأرض

يزداد عدد رواد الفضاء المسلمين الذين يسافرون نحو الفضاء الخارجي، فقد عاد رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني من محطة الفضاء الدولية بعد قضائهم نحو 10 أيام هناك، وما زال رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في المحطة. تتطلب مهماتهم التفاعل مع الجمهور وطالبي العلم المسلمين، إذ يتلقون العديد من الأسئلة العلمية منهم عن الحياة في الفضاء، وعليهم الإجابة عنها. تتضمن هذه الأسئلة العديد من الأسئلة الدينية مثل كيفية تحديد موعد دخول رمضان في الفضاء؟ كيف تصوم وتصلي في الفضاء؟ هل توجد حياة لكائنات خارج كوكب الأرض؟ ماذا نفعل عندما نلتقي بهم؟

تتطلب الإجابة عن هذه الأسئلة تعاون العديد من علماء الدين والعلماء ومبدعي الخيال العلمي “للإجابة عن أصعب الأسئلة حول كيفية ممارسة تعاليم الإسلام في بيئات فيزيائية مختلفة خارج الأرض وكيف يجب أن نتعامل أخلاقياً مع الحياة خارج كوكب الأرض” على حد تعبيره.

يساهم العديد من العلماء المذكورين في الكتاب في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة.

الدول العربية الإسلامية تشهد اهتماماً متزايداً بعلوم الفضاء 

أبدت الدول العربية في الآونة الأخيرة اهتماماً متزايداً بعلوم الفضاء، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فقد أرسلت العديد من المهمات إلى الفضاء مثل مسبار الأمل. تعمل هذه البعثات جنباً إلى جنب مع معاهد أبحاث الفضاء في البلدان الإسلامية على رعاية أحلام العديد من المسلمين بالحياة في الفضاء، وتنمي مواهبهم وتؤهلهم ليصبحوا رواد فضاء، ويكونوا قدوة للشباب الذين يمثلون بلدانهم أفضل تمثيل، والإنسانية ككل. 

من بين الطرق التي تعمل فيها هذه الدول على تبني أحلام الأطفال والكبار في السفر إلى الفضاء الكتب العلمية وكتب الخيال العلمي والبرامج والمعارض، ويوضح ديترمان ذلك بأمثلة فيقول: تمتلئ المكتبات بشكل متزايد بأدب الأطفال الذي يصور رواد الفضاء العرب. في عام 2021، على سبيل المثال، اشتريت كتاباً بعنوان “خليفة وأمل في رحلة إلى الفضاء”، والذي نشره مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي. كما توفر القباب السماوية في جميع أنحاء العالم الإسلامي مناظر رائعة للنجوم للأشخاص الذين يعيشون في مدن بها تلوث ضوئي. واحدة من أكبرها جزء من أكاديمية الشارقة لعلوم الفلك وعلوم الفضاء والتكنولوجيا (SAASST). تعرض معلومات حول “برامج الفلك والفضاء في الإسلام العربي الحديث” و”الحياة في الكون”، حتى أنها تستضيف معرضاً كاملاً عن “الكون في القرآن الكريم”.

أكاديمية الشارقة لعلوم الفلك وعلوم الفضاء والتكنولوجيا
أكاديمية الشارقة لعلوم الفلك وعلوم الفضاء والتكنولوجيا. حقوق الصورة: الدكتور يورغ ماتياس ديترمان

الجن والخيال العلمي عند المسلمين

الأجسام الطائرة المجهولة الهوية هي ظواهر غامضة ظلت مجهولة السبب أو لم يتم تفسيرها بشكل كافٍ في العديد من الحالات. ناقش الكاتب بعمق موضوع علم الأجسام الغريبة والاتصال بالأجانب في الإسلام، ويرى أن معظم الناس يعتقدون أن هذه الظاهرة تمثل دليلاً على وجود ذكاء خارج الأرض. وبالإضافة إلى ذلك، يناقش الكاتب ربط ظهور الأجسام الغريبة مع الجن المذكورين في القرآن، وما يتم مناقشته عنهم في الأحاديث الشعبية.

ويقول : “الكثيرون يؤمنون بأن الجن مخلوقات قوية وذكية يمكنها تغيير شكلها وخداع البشر. كما أنها قادرة على الطيران والتسبب في الحروق والظهور والاختفاء بسرعة أمام أعين الإنسان، وقد يسيطرون على إنسان. وقد لاحظ بعض العلماء، أن القصص المتعلقة بالجن لها بعض أوجه الشبه مع تقارير عن مواجهات قريبة مع الأجسام الطائرة المجهولة وعمليات الاختطاف من قبل الفضائيين”.

إشعال خيال الكتّاب والمبدعين

تناول الكتاب المسلمون والعرب علم الأحياء الفلكية واستكشاف عوالم جديدة في العديد من الروايات، فقد أعطى الأدب للفنانين والروائيين المسلمين حرية في التعبير عن خيالهم غير المقيّد بالنص الديني. وقد شرح أن الله هو “رب العالمين”، وذكر العالم بصيغة الجمع “العالمين”، ما يدل على وجود عوالم أخرى خارج الأرض. أدى ذلك إلى إشعال خيال الكتاب ومبدعي الخيال العلمي المسلمين، ونسج قصصهم عن عوالم على كواكب أخرى وفي المستقبل البعيد، بما يتضمن السياسة والاقتصاد فيها على الورق وأحياناً على الشاشة.