باحثون يكتشفون الأسباب المحتملة للتسمم الحملي تمهيداً لتطوير علاج مناسب

باحثون يكتشفون الأسباب المحتملة للتسمم الحملي تمهيداً لتطوير علاج مناسب
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Elizaveta Galitckaia
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

التسمم الحملي حالة طبية خطيرة تحدث عادة في منتصف فترة الحمل، وتؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستويات البروتين في الدم، واحتباس السوائل، وقد تسبب في بعض الحالات مضاعفات خطيرة مثل إضعاف وظائف الكبد والكلى أو تراكم السوائل في الرئتين أو انخفاض تدفق الدم إلى المشيمة.

أمّا أسباب حدوث التسمم الحملي فما زالت غامضة، لكن يعتقد الباحثون أنه ينشأ نتيجة مشكلة تُصيب المشيمة. في الواقع، تشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن تفاعلات الأكسدة والاختزال غير المتوازنة في بعض خلايا الرحم قد تسهم في تطور هذه الحالة، وإليك تفاصيل الدراسة.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: الاستماع إلى نص توجد به أخطاء لغوية قد يؤثّر في معدل ضربات القلب

الإجهاد التأكسدي في المشيمة سبب محتمل للتسمم الحملي

تدعم نتائج دراسة منشورة في دورية ساينس أدفانسيس (Science Advances) في ديسمبر/كانون الأول من عام 2023، الفرضية القائلة إن الإجهاد الخلوي والجزيئي (الناتج عن الإجهاد التأكسدي) في إحدى طبقات المشيمة، وتُدعى الأرومة الغاذية المخلوية (Syncytiotrophoblast)، قد يكون سبباً محورياً لحدوث التسمم الحملي.

وتبيّن الدراسة أن الإفراط في نشاط بروتين غاك (Gaq) يزيد إجهاد الأرومة، وهو بروتين ينتمي إلى عائلة بروتين جي (G protein)، ويؤدي دوراً في نقل الإشارات المتعلقة بمستويات العديد من الهرمونات التي ترتفع على نحو زائد في حالة التسمم الحملي. علاوة على ذلك، يشير البحث إلى أن استهداف الإجهاد التأكسدي علاجياً قد يساعد على إبطاء تطور التسمم الحملي.

تؤدي طبقة الأرومة الغاذية المخلوية دوراً أساسياً في منع الجهاز المناعي للأم من التفاعل مع الجنين والاستجابة له كما لو كان تهديداً غريباً على الجسم مثل الفيروسات والبكتيريا، كما يمنع الجهاز المناعي المتنامي للجنين من التفاعل مع خلايا الأم وأنسجتها.

وقد بدأ الفريق بقيادة أستاذة علم وظائف الأعضاء في كلية الطب ويسكونسن (Medical College of Wisconsin)، ميغان أوبيشكا (Megan Opichka)، البحث بمقارنة المشيمة البشرية المُتبرع بها لأغراض بحثية بمشيمات الإناث اللاتي عانين من تسمم حملي، وقد كانت عينات المشيمة المتبرع بها حاسمة في تحديد الآليات المحتملة لحدوث الإجهاد في طبقة الأرومة الغاذية المخلوية، لكن العلماء احتاجوا إلى تطوير نموذج حيواني لتحديد فيما إذا كانت مصادر الإجهاد هذه سبباً فعلياً.

اقرأ أيضاً: اكتشاف جينات بشرية قد تساعد على علاج السرطان

لذلك، وبناءً على النتائج التي بيّنت أن مستقبلات البروتين جي تكون نشطة على نحو مفرط عند مريضات التسمم الحملي، فقد استخدموا تقنيات الهندسة الوراثية من أجل تصميم نموذج حيواني من الفئران، يُتيح لهم التلاعب بإشارات مستقبلات البروتين جي داخل أنواع معينة من خلايا الرحم.

وبالفعل أثبت الفريق أنه حتى التنشيط القصير لسلسلة الإشارات المحددة خلال المراحل المبكرة أو المتوسطة من الحمل أدّى إلى عواقب وخيمة في أثناء حمل الفأر، وقد ظهرت على الفئران العلامات المميزة جميعها للتسمم الحملي؛ مثل ارتفاع ضغط الدم وتلف الكلى والتغيرات التشريحية والخلوية الأخرى.

ثم اختبر العلماء على بعض الفئران التي تعرضت لإشارات تسمم تأثير دواء يقلل الإجهاد التأكسدي في الميتوكوندريا التي تولّد الطاقة داخل كل خلية، وقد أسهم الدواء في تأمين حماية كبيرة ضد ظهور علامات التسمم الحملي وأعراضه. ونظراً لأن الدواء آمن عموماً، يخطط الفريق لاختبار الجرعة والفاعلية المناسبة قبل متابعة المزيد من الدراسات السريرية على التسمم الحملي مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين إهمال تنظيف الأسنان والإصابة بألزهايمر؟ دراسة حديثة تُجيب

أعراض التسمم الحملي

 من الأعراض المميزة للتسمم الحملي هو ارتفاع ضغط الدم؛ حيث تكون قراءة ضغط الدم أعلى من 140/90 مليمتراً زئبقياً، بالإضافة إلى إمكانية ظهور بعض الأعراض الأخرى مثل:

  • البيلة البروتينية: وجود كمية زائدة من البروتين في البول ما يشير إلى وجود مشكلات في الكلى.
  • التورم (الوذمة): في حين أن التورم الخفيف أمر طبيعي في أثناء الحمل، فإن التورم المفاجئ أو الشديد، خاصة في اليدين والوجه، قد يكون علامة على تسمم الحمل.
  • الصداع: الصداع المستمر الذي لا يمكن تخفيفه بالأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية قد يكون أحد الأعراض. قد ينتج الصداع عن ارتفاع ضغط الدم.
  • ارتفاع إنزيمات الكبد: ما يدل على وجود مشكلات في الكبد.
  • تغيرات في الرؤية: قد يسبب تسمم الحمل اضطرابات بصرية مثل عدم وضوح الرؤية، أو الحساسية للضوء أو فقدان الرؤية مؤقتاً.
  • ألم في البطن: قد يشير الألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن، تحت الأضلاع، إلى إصابة الكبد.
  • ضيق التنفس: يمكن أن تكون صعوبة التنفس، غير المرتبطة بالمجهود البدني، أحد أعراض تسمم الحمل، وينتج عن وجود السوائل في الرئتين.
  • الغثيان أو القيء: قد يرتبط الغثيان أو القيء المستمر، خاصة في النصف الثاني من الحمل، بتسمم الحمل.

من المهم ملاحظة أن بعض النساء المصابات بتسمم الحمل قد لا تظهر عليهن أعراض واضحة، ما يجعل إجراء فحوصات منتظمة قبل الولادة أمراً ضرورياً للكشف المبكر.

اقرأ أيضاً: تقرير جديد من منظمة الصحة العالمية يركّز على تأثيرات ارتفاع ضغط الدم على مستوى العالم

علاج التسمم الحملي

عادة ما يوصي الطبيب باستخدام جرعات منخفضة من الأسبرين يومياً بعد مرور 12 أسبوعاً من فترة الحمل للوقاية من التسمم الحملي، خصوصاً في حال وجود عوامل خطر تزيد احتمالية الإصابة؛ مثل تسمم حملي في حمل سابق، أو الحمل بأكثر من طفل، أو ارتفاع ضغط الدم المزمن، أو وجود اضطرابات مناعية ذاتية، أو السمنة، أو وجود تاريخ عائلي، أو عمر الأم فوق الـ 35 عاماً، أو مرور أكثر من 10 أعوام على الحمل السابق، أو الحمل بواسطة الإخصاب المخبري.

بعد التشخيص، تصبح المراقبة الدقيقة لضغط الدم ومستويات البروتين في البول ووظيفة الأعضاء أمراً بالغ الأهمية. بالنسبة للحالات الخفيفة، قد يُوصى بإجراء تعديلات على نمط الحياة، والتزام الراحة في الفراش، وتعديلات النظام الغذائي؛ إذ يمكن أن يساعد الترطيب الكافي واتباع نظام غذائي منخفض الصوديوم على إدارة احتباس السوائل وضغط الدم.

اقرأ أيضاً: دراسة سعودية تُنشر أول مرة حول أسباب فشل جراحة إنقاص الوزن

أمّا في الحالات الشديدة وفي حال لم يكن الحمل متقدماً كفاية للولادة، قد يكون دخول المستشفى ضرورياً للمراقبة والتدخل الدقيق. يمكن وصف الأدوية مثل الأدوية الخافضة للضغط للتحكم في ضغط الدم، والأدوية المضادة للتشنج للوقاية من النوبات المَرضية، كما يمكن إعطاء الكورتيكوستيرويدات لتسريع نمو رئة الجنين في الحالات التي تكون فيها الولادة المبكرة وشيكة.

عموماً، تنتهي حالة تسمم الحمل عند الولادة. لذا، في بعض الحالات الشديدة قد يُوصى بتحريض المخاض أو إجراء عملية قيصرية قبل إتمام الأسبوع الـ 37 من الحمل، أمّا في الحالات غير الشديدة، فقد يُوصى بالولادة المبكرة بعد الأسبوع الـ 37.

يؤدي تثقيف المريضة دوراً حاسماً في إدارة تسمم الحمل؛ إذ ينبغي إعلام الأمهات الحوامل بالعلامات والأعراض، مع التأكيد على أهمية إجراء فحوصات منتظمة قبل الولادة. من الضروري مراقبة حركات الجنين والإبلاغ الفوري عن أي مخاوف. وتُعدُّ الرعاية بعد الولادة أمراً بالغ الأهمية أيضاً لأن بعض حالات تسمم الحمل يمكن أن يستمر أو يتطور بعد الولادة. وتُعدُّ مراقبة ضغط الدم المستمرة ومواعيد المتابعة ضرورية لاكتشاف أي آثار متبقية وإدارتها.