دراسة جديدة: التدخين قد يؤدي إلى زيادة دهون البطن الخطيرة

4 دقيقة
دراسة جديدة: التدخين قد يؤدي إلى زيادة دهون البطن الخطيرة
حقوق الصورة: shutterstock.com/DANAI KHAMPIRANON
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ أوائل القرن العشرين حتى منتصفه، اعتُبر التدخين في كثيرٍ من الأحيان وسيلة مساعدة لإنقاص الوزن، حيث روّجت شركات السجائر التدخين كوسيلة لقمع الشهية والتحكم في الوزن، مستهدفة النساء خصوصاً القلقات بشأن أوزانهن، ما أسهم في الاعتقاد الشائع بأن التدخين يمكن أن يساعد الناس على خسارة الوزن.

وعلى الرغم من أن وزن المدخنين يميلُ إلى أن يكون أقل من غير المدخنين، بسبب تأثير النيكوتين المؤقت في كبح الشهية، فإنه يمكن للتدخين أن يتسبب في زيادة دهون البطن وفقاً لدراسة جديدة.

اقرأ أيضاً: قد يرتبط تراكم دهون البطن بزيادة مخاطر الوفاة المبكر

التدخين قد يؤدي إلى زيادة دهون البطن

بحسب دراسة حديثة، يتسبب التدخين في زيادة تمركز نوع من الدهون في البطن يُعرف بالدهون الحشوية، وهي الدهون العميقة التي تلتف حول أعضاء البطن، مقارنة بالدهون المخزنة تحت الجلد.

وتكمن المشكلة في ارتباط زيادة نسبة هذه الدهون بالعديد من الأمراض، مثل الخرف والربو وسرطان الثدي والسكري من النوع الثاني.

جمع الباحثون نتائج دراسات وراثية سابقة واسعة النطاق أجريت على مشاركين من أصول أوروبية، لتحديد الجينات المرتبطة بالتدخين وعلاقتها بمقاييس توزيع الدهون في الجسم. على سبيل المثال، نسبة الخصر إلى الورك، ومحيط الخصر والورك.

واستطاعوا بواسطة هذه المعلومات الجينية إيجاد علاقة بين الأشخاص الذين لديهم جينات مرتبطة بالتدخين، واختلاف أماكن توزيع دهون الجسم لديهم، خصوصاً ازدياد الدهون الحشوية. 

وضعت الدراسة في الاعتبار عوامل أخرى مثل تعاطي الكحول أو الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؛ للتأكد من أن أي روابط وجدوها بين التدخين وازدياد دهون البطن كانت في الحقيقة بسبب التدخين نفسه وليس بسبب عوامل أخرى.

لم تحسم الدراسة العلاقة بين معدل التدخين وسمنة البطن، لكن أشارت تحليلات السببية العكسية إلى أن سمنة البطن يمكن أن تزيد من معدل التدخين.

استخدم الباحثون إحدى طرق التحليل الإحصائي تُسمّى “التوزيع العشوائي المندلي”، تدرس هذه الطريقة كيف يمكن أن تؤدي سلوكيات أو بيئات أو عوامل أخرى معينة إلى نتائج صحية محددة، من خلال النظر في الاختلافات الجينية المؤثرة في الطريقة التي تتفاعل بها أجسام الناس مع السلوك أو البيئة أو أي عامل آخر.

أجرى الدراسة باحثون من مركز مؤسسة نوفو نورديسك لأبحاث الأيض الأساسية، التابع لجامعة كوبنهاغن، ونشرتها مجلة “الإدمان Addiction” العلمية.

اقرأ أيضاً: حتى يطير الدخان: أسباب وطرق الإقلاع عن التدخين

ووفقاً لما صرّح به جيرمان كاراسكيلا، الباحث الرئيسي بالدراسة، فإن هذه النتائج تعزز أهمية بذل جهود واسعة النطاق لمنع التدخين والحد منه بين عامة السكان، لأن هذا قد يساعد على تقليل الدهون الحشوية بالبطن والأمراض المزمنة جميعها المرتبطة بها. فالحد من أحد المخاطر الصحية الرئيسية بين السكان سيؤدي، بشكلٍ غير مباشر، إلى تقليل خطر صحي كبير آخر.

ويُضيف: “أحد الأسئلة الكبيرة التي لا تزال قائمة هو ما إذا كان التوقف عن التدخين يمكن أن يعكس عملية تطور الدهون الحشوية. لكن لا يعني هذا أن يتردد المدخنون في بدء رحلتهم نحو الإقلاع عن التدخين”.

على الرغم من الاعتقاد بأن التدخين يمكن أن يساعد في الحفاظ على وزن منخفض، لكن من المهم تسليط الضوء على أن المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين تفوق بكثير أي فوائد محتملة لإدارة الوزن. حيث يرتبط التدخين بالعديد من الحالات الصحية الخطيرة، بما في ذلك سرطان الرئة وأمراض القلب ومشكلات الجهاز التنفسي.

ما أهمية موقع الدهون في الجسم؟

يُعدّ موقع الدهون في الجسم مهماً، ويوجد نحو 90% من هذه الدهون تحت الجلد مباشرة عند غالبية الناس، بينما توجد النسبة الباقية المعروفة بالدهون الحشوية داخل البطن محيطة بالأعضاء الداخلية، مثل الكبد والأمعاء. 

ومع أنها لا تشكّل سوى نسبة صغيرة من دهون الجسم، لكنها تشبه الغدد الصماء، فهي تفرز هرمونات وجزيئات مختلفة تؤثّر في الأنسجة الأخرى.

يمكن أن تؤدي هذه المواد التي تنتجها الدهون الحشوية إلى تأثيرات ضارة محتملة. إحدى المواد التي تنتجها الدهون الحشوية بروتينات تُدعى السيتوكينات يمكنها أن تتسبب في الالتهاب، وهو أحد عوامل الخطر المسببة للإصابة بأمراض القلب وغيره من الأمراض المزمنة، كما تنتج هذه الدهون مركباً طبيعياً لبروتين الأنجيوتنسين، الذي يؤدي لانقباض الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم.

تصعب رؤية الدهون الحشوية، فقد لا تكون السمنة العامة مؤشراً دقيقاً على نسبتها، وقد تكون بطنك مسطحة، ولا يزال لديك نسبة غير صحية من هذه الدهون.

يمكن قياس الدهون الحشوية بعدة طرق، أدقها الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي لكامل الجسم، لكن نظراً لارتفاع تكلفتها وعدم توفرها أحياناً، تُستخدم تقديرات تعتمد على قياس محيط الخصر ومدى تناسبه مع الطول، وتحديد ما إن كان محيط الخصر أعلى من المتوسط بالنسبة لمؤشر كتلة الجسم.

وتعتمد أماكن توزيع الدهون في الجسم على عدة عوامل مثل الجينات والهرمونات والعمر والوزن عند الولادة، حيث تزداد دهون البطن فيما بعد لدى الأطفال الأقل وزناً على نحو أكبر، كما تزداد عادة نسبة الدهون الحشوية لدى النساء اللاتي أنجبن عمن لم ينجبن.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف العلاقة بين دهون البطن والتدهور المعرفي لدى الرجال في منتصف العمر

لماذا يزيد التدخين من دهون البطن بالتحديد؟

قد يتمتع المدخنون بوزن جسم أقل مقارنة بغير المدخنين، حيث إن مادة النيكوتين الموجودة في التبغ والمسببة للإدمان، تزيد من معدل التمثيل الغذائي وتثبط الشهية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الوزن الإجمالي للجسم، بما في ذلك مخازن الدهون. 

وعلى الرغم من تأثير النيكوتين في زيادة معدل الحرق بالجسم، فإن التدخين يتسبب في عدد من التغيرات الهرمونية. حيث وجد أن التدخين يؤثّر في مستويات الهرمونات في الجسم، بما في ذلك تلك المتعلقة بتنظيم الشهية وتخزين الدهون. على سبيل المثال، يزيد التدخين من مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر المرتبط بالسمنة في منطقة البطن، ويمكن أن تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى تعزيز تراكم الدهون في منطقة البطن.

كما يؤثّر النيكوتين في توزيع الدهون عن طريق تغيير نشاط بعض الإنزيمات والمستقبلات المشاركة في استقلاب الدهون، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحول تخزين الدهون من مناطق أخرى من الجسم إلى منطقة البطن.

الرياضة والنظام الغذائي الصحي: أفضل الحلول لمشكلة دهون البطن الحشوية

الأمر الجيد أنه يمكن التخلص من الدهون الحشوية الزائدة، وعلى نحو أيسر، مقارنة بالدهون الموجودة في الوركين والفخذين، حيث يمكن استقلاب هذه الدهون بسهولة إلى أحماض دهنية.

إليك بعض النصائح للتخلص من هذه الدهون الزائدة:

  • تحرك: يمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضية على تقليل محيط الخصر. فحتى إن لم تفقد وزناً، فإنك تفقد دهون البطن الحشوية وتكتسب كتلة عضلية. لذا يُنصح بممارسة ما لا يقل عن 30 دقيقة من الأنشطة المعتدلة الشدة في معظم الأيام.
  • تناول طعاماً صحياً: تجنّب المنتجات التي يمكن أن تزيد من تمركز الدهون في البطن، خاصة السكريات البسيطة مثل الأطعمة والمشروبات المحلاة بالفركتوز.
  • احصل على قسط كافٍ من النوم: النوم عدد ساعات أقل من المطلوب أمر سيئ، كذلك النوم مدة أطول من اللازم ليس جيداً. حاول الحصول على سبع ساعات من النوم على الأقل في الليلة.
  • تجنّب الحلول السريعة: مثل عمليات شفط الدهون، حيث لا يمكنها الوصول إلى الدهون الحشوية.