تبين أن الزمرة الدموية هي أكثر من مجرد تصنيف لمستضدات الكريات الحمراء أو عامل الريزوس، حيث وجد أنها تؤدي دوراً قد يزيد أو يقي من الإصابة ببعض الأمراض. وعلى الرغم من أن هذا يبدو مخيفاً، فإنه يمكننا أن نرى ذلك من منظور آخر وهو تسليط الضوء على ما قد نُصاب به مستقبلاً، الأمر الذي يوجّهنا منذ وقت مبكر لإجراء التحاليل المخبرية المنتظمة والحفاظ على نمط حياة صحي والتحضير الجيد لما قد يواجهنا. لهذا السبب ينبغي أن نعي جيداً الأمراض التي ترتبط بكل زمرة دموية، ليس من باب زيادة القلق وإنما لزيادة الوعي.
ما الأمراض التي ترتبط بكل زمرة دموية؟
قام تورستين داهلين، وهو طالب دكتوراة في العلوم الطبية في معهد كارولينسكا في مدينة ستوكهولم السويدية، بمساعدة زملائه على دراسة السجلات الطبية السويدية لأكثر من 5 ملايين شخص باحثين عن روابط بين زمر الدم والإصابة بأكثر من 1000 مرض، ووجدوا أن 49 مرضاً ارتبطت بشكلٍ ملحوظ بالزمر الدموية، نذكر أبرزها في هذا المقال.
الأمراض التي ترتبط بالزمر الدموية A وB وAB
يشيع حدوث الأمراض القلبية والاحتشاءات عند حاملي الزمر الدموية A وB وAB، والسبب في ذلك يعود إلى أن الجين الذي يشفر لمستضدات الزمر الدموية A وB وAB يرتبط أيضاً بالإصابة بأمراض القلب التاجية وزيادة قابلية تخثر الدم، وما أكد ذلك هو غياب خطر الإصابة عند حاملي الزمرة الدموية O الذين لا يملكون مستضداً سطحياً للكريات الحمراء والذين يغيب لديهم هذا الجين.
من جهة أخرى، يميل الأفراد ذوو الزمرة الدموية A إلى الإصابة بارتفاع التوتر الشرياني أكثر من غيرهم، والسبب يعود لإفراز كميات أكبر من هرمون الكورتيزول، الذي يعتبر هرمون التوتر والإجهاد الرئيسي، والذي بدوره يرفع من ضغط الدم.
إضافة لذلك، يرتبط الجين السابق نفسه بزيادة خطر تطوير ضعف في الأداء الذهني وفقدان الذاكرة، حيث كان المرضى ذوو الزمر A وB وAB أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الإدراك والذاكرة والخرف بنسبة 82% مقارنة بحاملي الزمرة O. ويُعزى جزء من الأسباب المحتملة لفقدان الذاكرة إلى أن هذه الزمرة الدموية مؤهبة لحدوث ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول بالدرجة الأولى والتي بدورها تؤثّر في تدفق الدم إلى الدماغ.
كما يؤدي الجين نفسه دوراً في زيادة خطر الإصابة بالسرطان أيضاً، حيث يقع حاملو الزمرة الدموية A في دائرة خطر أعلى لتطوير سرطان المعدة على وجه التحديد مقارنة بالزمرة B أو AB.
وبما يتعلق بداء السكري، ارتبطت الزمرة الدموية O بأقل خطر للإصابة بداء السكري النمط 2 في الوقت الذي أظهرت الزمرتان A وB خطراً أعلى للإصابة وخاصةً الزمرة A.
اقرأ أيضاً: هل تساءلت يوماً عن السبب وراء وجود زمر دموية مختلفة؟ إليك بعض الفرضيات
ومن الأمراض الأخرى التي ترتبط بالزمر الدموية A وB وAB:
- أمراض المناعة الذاتية. على سبيل المثال الذئبة الحمامية الجهازية وخاصة حاملي الزمرة A أو B.
- التهاب القولون القرحي.
- الروماتيزم.
- داء كرون.
- التصلب المتعدد.
الأمراض التي ترتبط بالزمرة الدموية O
نظراً لغياب الجين الذي يشفر للمستضدات السطحية لكريات الدم الحمراء عند حاملي الزمرة O، يكون خطر حدوث تخثرات الدم في أدنى مستوياته وفي الوقت نفسه يكون هؤلاء الأفراد معرضين للإصابة بحوادث النزوف. وإضافة لذلك، نصت النتائج على أن الحوامل حاملات الزمرة O أكثر عرضة للإصابة بارتفاع التوتر الشرياني الحملي.
من جهة أخرى، كانت نسبة مرضى الملاريا ممن زمرتهم الدموية O أقل بكثير مقارنة بباقي الزمر الدموية، الأمر الذي يوجّه إلى أن هذه الزمرة الدموية تساعد على درء الملاريا، ومن المرجّح أن يكون التفسير أن طفيلي الملاريا يواجه صعوبة في ربط نفسه بالخلايا الدموية التي تتبع هذه الزمرة.
يشيع حدوث القرحات الهضمية المعدية والمعوية لدى حاملي الزمرة الدموية O مقارنة بباقي الزمر، والخطورة في ذلك تكمن بأن هؤلاء الأفراد مؤهبون بالدرجة الأولى لحدوث النزيف ما يجعل تدبير القرحة ضرورياً منعاً لخسارة الدم عبر السبيل الهضمي والذي قد ينتهي بحدوث فقر دم.
وعلى الرغم من أن أمراض المناعة الذاتية أكثر شيوعاً لدى الزمر الدموية A وB وAB، فإن أحد الأمراض المناعية غادر السرب واستقر بين صفوف حاملي الزمرة الدموية O وهو داء هاشيموتو، والذي تهاجم فيه خلايا الجهاز المناعي خلايا الغدة الدرقية وتتلفها، ما يؤدي إلى تراجع وظيفة الدرق.
اقرأ أيضاً: اختبار لتحديد الزمرة الدموية للشخص من خلال تغير لون ورقة الاختبار
فوفق الدراسة البحثية، كانت أعداد المصابين بداء هاشيموتو على وجه التحديد أعلى من أمراض الدرق الأخرى، وكذلك كانت أعداد المصابين بداء هاشيموتو بين حاملي الزمرة الدموية O أعلى مقارنة بباقي الزمر، الأمر الذي يوجّه إلى أن الزمرة الدموية تؤدي دوراً في الميل للإصابة.
في الختام، لا تزال هذه الدراسات والأبحاث بحاجة إلى المزيد من البحث والتعمق، وخلال هذا الوقت يمكننا أن نعتبر ذلك رسالة لنا من المستقبل تُطلعنا على ما قد نكون مؤهبين جينياً للإصابة به، لننتبه لضرورة البدء باتباع نظام حياة يقلل من عوامل الخطر، فعندما يتعلق الأمر بصحتنا نحن بالطبع لا نريد أن نفاقم الخطر.