نتيجة مفاجئة: الصيام المتقطع قد يزيد خطر الوفاة بأمراض القلب بنسبة 91%

4 دقيقة
صيام متقطع
حقوق الصورة: shutterstock.com/ TanyaJoy
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ناقشت دراسة حديثة مثيرة للجدل أجراها فيكتور وينز تشونغ، أستاذ ورئيس قسم علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة كاليفورنيا، وعالم الأوبئة في كلية الطب في جامعة شنغهاي جياو تونغ في الصين، الآثار الصحية للصيام المتقطع. ووجد أن المشاركين الذين قصروا طعامهم على فترة ثماني ساعات في يوم ازداد خطر وفاتهم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 91%. ومع ذلك، اختلف العلماء بين ناقد للدراسة، وآخر متقبّل لها ويرى أن علينا إعادة النظر بهذا النظام الغذائي. حيث تواجه ملاحظات لسببين رئيسيين أولهما أنها غير منشورة والآخر أنها لم تخضع لمراجعة الأقران بعد.

الصيام المتقطع قد يطيل العمر ويقي من الأمراض وربما لا!

الصيام المتقطع هو طريقة لفقدان الوزن، يتناول الشخص فيه الطعام خلال 8 ساعات من أصل 24 ساعة في اليوم، ويقتصر على شرب السوائل فقط خلال الـ 16 ساعة المتبقية. ومن الطرق الأخرى الصيام مدة يومين أو ثلاثة أيام خلال أسبوع أو شهر.

وقد أشار العديد من الأبحاث الحديثة إلى دور الصيام المتقطع في مكافحة الشيخوخة وإطالة العمر والوقاية من الأمراض، إذ يعود هذا النظام بفوائد صحية عديدة مثل خفض ضغط الدم، والمساعدة على إدارة الوزن، وضبط نسبة السكر في الدم، وغيرها.

اقرأ أيضاً: 3 طرق لاتباع حمية الصيام المتقطع بأمان

في المقابل، يجادل البعض بأن الصيام المتقطع ليس أفضل من الأنظمة الغذائية الأخرى، خاصة وأن تأثيراته طويلة المدى لم تُدرس بشكلٍ جيد، ولا يستحق الآثار الجانبية التي تترتب عليه مثل الجوع والصداع واضطرابات الهضم والنوم والتبدلات المزاجية وغيرها.

عموماً، يقول الخبراء إن نوعية الطعام وكميته هي الأهم، وإن إنقاص السعرات الحرارية هو العامل المحدد لفقدان الوزن، وتقليل نسبة الدهون في الجسم، وضبط ضغط الدم، ومستويات الغلوكوز، بغض النظر عن توزيع الأطعمة والمشروبات المستهلكة على مدار اليوم. كما وجدت بعض الدراسات عدم وجود فرق كبير في فقدان الوزن بين الأشخاص الذين يتبعون نظام الصيام المتقطع وأولئك الذين لا يتبعونه.

اقرأ أيضاً: 9 آثار جانبية يعاني منها متّبعو نظام الصيام المتقطع

الصيام المتقطع يزيد خطر الوفاة بسبب أمراض القلب

من أحدث الدراسات المثيرة للجدل دراسة غير منشورة بعد، وقدّم الباحثون جزءاً من نتائجها الأولية في الجلسات العلمية لجمعية القلب الأميركية المنعقدة حالياً في الفترة الواقعة من 18 إلى 21 مارس/آذار 2024، في شيكاغو. يقدّم الاجتماع أحدث العلوم المتعلقة بصحة السكان وآثارها في نمط الحياة.

حلل الباحثون بيانات أكثر من 20 ألف بالغ أميركي بمتوسط عمر 49 عاماً، نساء ورجالاً، ومن أصول عرقية مختلفة، تمت متابعتهم مدة متوسطها 8 سنوات، وهم يتبعون النظام الغذائي القائم على الصوم 16 ساعة يومياً، وقارنوا عاداتهم الغذائية التي أبلغوا عنها ذاتياً بمعدلات المرض والوفاة على مدى ثماني سنوات في المتوسط، وتوقعوا أنهم أقل عرضة لخطر الوفاة، ويتمتعون بصحة قلب أفضل، بناءً على ما وجدته الدراسات السابقة.

لكن كانت المفاجأة حين وجدوا أن نظام الصيام هذا زاد خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 91% مقارنة بالأشخاص الذين يصومون فترة زمنية أقصر أو لا يصومون أبداً. وقال فيكتور وينز تشونغ، كبير الباحثين في الدراسة، وهو أستاذ ورئيس قسم علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة كاليفورنيا، وفي كلية الطب في جامعة شنغهاي جياو تونغ في الصين: “فوجئنا عندما اكتشفنا أن الأشخاص الذين اتبعوا جدولاً زمنياً محدداً لتناول الطعام مدته 8 ساعات كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية”.

وأضاف: “تشجّع نتائج دراستنا على اتباع نهج أكثر حذراً وشخصي تجاه التوصيات الغذائية، ما يضمن توافقها مع الحالة الصحية للفرد وأحدث الأدلة العلمية”.

اقرأ أيضاً: 7 أخطاء شائعة في الصيام المتقطع يمكن تفاديها

ولاحظ الباحثون أيضاً زيادة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بأمراض القلب أو السرطان. ومن بين الأشخاص الذين يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية، ارتبطت مدة تناول الطعام التي لا تقل عن 8 ولا تزيد على 10 ساعات يومياً بزيادة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية بنسبة 66%، وأن الصيام المتقطع لم يقلل من خطر الوفاة بشكلٍ عام لأي سبب.

وارتبطت مدة تناول الطعام أكثر من 16 ساعة يومياً بانخفاض خطر الوفاة بالسرطان بين الأشخاص المصابين بالسرطان.

يرى الباحثون أنه بناءً على نتائج الدراسة، يجب اتباع نهج أكثر حذراً وشخصي تجاه التوصيات الغذائية، ما يضمن توافقها مع الحالة الصحية للفرد وأحدث الأدلة العلمية، وأنه على الرغم من وجود علاقة بين الصيام المتقطع وخطر الوفاة بسبب أمراض القلب، فإن هذا لا يجزم بصحة النتائج.

كانت للدراسة بعض القيود مثل اعتمادها على المعلومات الغذائية المبلغ عنها ذاتياً، والتي قد تتأثر بذاكرة المشارك، وقد لا تقيّم بدقة أنماط الأكل النموذجية. ولم تتضمن العوامل التي قد تؤثّر في الصحة، بعيداً عن وقت لتناول الطعام.

وأشار الباحثون إلى وجوب إجراء أبحاث مستقبلية لدراسة الآليات البيولوجية التي تكمن وراء الارتباطات بين الصيام المتقطع والنتائج الضارة على القلب والأوعية الدموية، وما إذا كانت تنطبق هذه النتائج على السكان في أجزاء أخرى من العالم.

كما يجب دراسة أنماط الصيام الأخرى وتأثيرها في القلب، والوزن، والإجهاد، وعوامل الخطر التقليدية للقلب والأوعية الدموية أو غيرها من العوامل المرتبطة بنتائج القلب والأوعية الدموية السلبية.

اقرأ أيضاً: بماذا يختلف الصيام المتقطع عن الصيام العادي؟ وما أوجه التشابه بينهما؟

العلماء ينقسمون بين ناقد ومتقبّل

أعرب العديد من الخبراء عن مخاوفهم بشأن البحث الجديد، بينما نصح خبراء آخرون بالتريث قبل نشر هذه النتائج المثيرة للقلق، والتركيز على النظام الغذائي ونمط الحياة العام، خاصة وأن الدراسة حللت الأنظمة الغذائية للمشاركين بناءً على استطلاعات مأخوذة حول عاداتهم الغذائية التي يتبعونها مدة يومين فقط، وذلك لا يعكس نمط الغذاء المنتظم للفرد، كما أن الدراسة لم تأخذ في الاعتبار عوامل نمط الحياة مثل ممارسة الرياضة، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، وتعاطي الكحول والتدخين، والمتغيرات الأخرى التي لها تأثير كبير على خطر الإصابة بأمراض القلب.

في المقابل، يرى خبراء آخرون أن الدراسة تستحق إعادة النظر، ويمكن لبياناتها أن تساعد على فهم كيفية تأثير الصيام في صحتنا بمرور الوقت، وأنه قد يكون للصيام المتقطع فوائد قصيرة المدى، ولكن آثاره الضارة طويلة المدى. كما أن الأشخاص الذين يتبعون نظام الصيام المتقطع لديهم كتلة عضلية أقل، لأن الصيام لفترة طويلة قد يزيد من صعوبة بناء العضلات أو الحفاظ عليها. وبالتالي، قد توجد صلة بين فقدان كتلة الجسم النحيل بزيادة خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

اقرأ أيضاً: ما الأطعمة المسموح بها وغير المسموح بها في الصيام المتقطع؟

يُنصح بالتركيز على تناول الطعام الصحي من البروتين والألياف والعناصر الغذائية الأخرى لعيش حياة صحية، أي يجب النظر إلى نوعية الطعام وجودته، وليس إلى وقت تناوله فقط.