علماء من جامعة الشارقة يقترحون المعالجة اليدوية لآلام الرقبة المزمنة

علماء من جامعة الشارقة يقترحون المعالجة اليدوية لآلام الرقبة المزمنة
حقوق الصورة: جورنال أوف كلينيكال ميديسن. تعديل: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وفقاً لدراسة أجراها علماء من جامعة الشارقة؛ يمكن للأشخاص الذين يعانون آلام الرقبة المزمنة تخفيف الأعراض في أثناء الخضوع إلى العلاج بهدف الشفاء التام إذا اتخذوا الوضعيات الأمثل وحافظوا على محاذاة العمود الفقري.

قيّم الباحثون في هذه الدراسة طريقتين تصحيحيتين مستخدمتَين على نطاق واسع لعلاج آلام الرقبة المزمنة ذات الأسباب غير المعروفة الناجمة عن وضعية سقوط الرأس إلى الأمام، وإعادة التأهيل المعتمدة على المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية وبرامج التمرينات الرياضية التقليدية.

كتب الباحثون في دراستهم التي نُشرت في مجلة جورنال أوف كلينيكال ميديسن (Journal of Clinical Medicine): “تقنية المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية هي طريقة لتصحيح الوضعية تعتمد على تمديد العناصر اللزجة واللينة في الرباط الطولي والأقراص الفقرية، بالإضافة إلى تمديد الأنسجة الرخوة بفعالية في منطقة الرقبة بأكملها في اتجاه الوضعية الطبيعية للرأس والرقبة”.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثّر الجلوس لساعات طويلة في الإنتاجية والصحة؟

دراسة آلام الرقبة الناتجة عن وضعية سقوط الرأس إلى الأمام بين كبار السن

آلام الرقبة المزمنة هي مشكلة صحية منتشرة بين كبار السن تؤثّر في جودة حياتهم ورفاهتهم عموماً، ووضعية سقوط الرأس إلى الأمام هي عامل شائع مسهم في آلام عضلات الرقبة وإحساس عدم الراحة. نظرت الدكتورة عائشة سالم السويدي وزملاؤها في جامعة الشارقة في هذه المشكلة في دراستهم الرائدة بعنوان “مقارنة بين طريقتين لتصحيح وضعية سقوط الرأس إلى الأمام لدى كبار السن الذين يعانون آلام الرقبة المزمنة ذات الأسباب غير المعروفة“.  

تقول السويدي إن هذه الدراسة هدفت إلى تسليط الضوء على النُّهُج الفعالة لتصحيح وضعية سقوط الرأس إلى الأمام والتخفيف من آلام الرقبة المزمنة لدى كبار السن، وتضيف قائلة إن النتائج “واعدة للغاية” في تحسين جودة حياة الكثير من البالغين الأكبر سناً.

الدراسة الجديدة هي عبارة عن تجربة مضبوطة معشّاة شملت مشاركين كبار السن يعانون آلام الرقبة المزمنة ذات الأسباب غير المعروفة، وتمثّل الهدف الرئيس للعلماء في مقارنة فعالية طريقتين مختلفتين لتصحيح وضعية سقوط الرأس إلى الأمام وتخفيف آلام الرقبة. 

شملت الدراسة 66 مشاركاً من كبار السن يعانون هذه الوضعية، ووُزّع هؤلاء عشوائياً على مجموعتين؛ مجموعة المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية والمجموعة القياسية. خضع أفراد المجموعتين إلى 18 جلسة علاجية على مدار 6 أسابيع، ثم خضعوا إلى تقييم متابعة أُجري بعد 3 أشهر من انتهاء العلاج.

لاحظ العلماء أن المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية، وهي طريقة لتصحيح العمود الفقري ووضعية الجسم تعتمد على نهج رياضيّ، هي التقنية الأكثر فعالية بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون وضعية سقوط الرأس إلى الأمام. وكشفت الدراسة أن 66% من المرضى يعانون وضعية سقوط الرأس إلى الأمام، وهي حالة شائعة تتسم بانزياح وضعيّ ويبدو عندها المريض وكأن رأسه يميل إلى الأمام. 

اقرأ أيضاً: كيف سيصبح شكل أجسام العاملين عن بعد في عام 2100؟

المعالجة اليدوية الفيزيائية التي تهدف إلى تصحيح هذه الوضعية

كتب الباحثون في الدراسة: “من ناحية أخرى، برامج التمرينات الرياضية التي تهدف إلى تصحيح اختلال وضعية سقوط الرأس إلى الأمام لتصبح وضعية مثالية باستخدام مزيج من تمرينات التقوية والتمديد شائعة في التدخلات البدنية المتّبعة لعلاج هذه الحالة”.

النتيجة الأساسية التي راقبها الباحثون في الدراسة هي الزاوية القحفية الفقرية التي تقيس محاذاة الرأس والرقبة، وتشمل النتائج الثانوية شدة الألم ودرجة التوازن وفق مقياس بيرغ ودقة تعديل وضعية الرأس ومجال حركة العنق.

تتراوح درجات مقياس بيرغ للتوازن (بي بي إس (BBS) اختصاراً) بين 0 و56. وعلى الأرجح أن يحتاج أي شخص تتراوح درجته بين 0 و20 على هذا المقياس إلى استخدام الكرسي المتحرك، أما من تتراوح درجاتهم بين 21 و40 فيحتاجون إلى عصا أو مشاية للمشي بثبات.

حقوق الصورة: جورنال أوف كلينيكال ميديسن.

يقول أستاذ العلاج الطبيعي في جامعة الشارقة والمؤلف المشارك للدراسة، إبراهيم مصطفى، إنه بعد 18 جلسة، شهد أفراد مجموعة المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية تحسناً ملحوظاً في الزاوية القحفية الفقرية؛ ما يشير إلى أن تصحيح وضعية سقوط الرأس إلى الأمام كان ناجحاً. ويضيف مصطفى قائلاً إنه في المقابل، لم تشهد مجموعة التمرينات الرياضية تغيّراً ملحوظاً في هذه الزاوية، على الرغم من أن القياسات الوظيفية تحسنت وشدة الألم انخفضت لدى أفراد المجموعتين.

آلام الرقبة المزمنة هي آلام مستمرة لا تزول بعد أشهر من الإصابة، وهي تقاوم الأدوية وطرائق العلاج الأخرى عادة. هذه الحالة هي حالة صحية شائعة بين كبار السن، سواء كانوا من النساء أو الرجال.

عوامل تؤدي إلى وضعية سقوط الرأس إلى الأمام

وثمة مجموعة من العوامل التي يمكن أن تتسبب بالألم المزمن؛ ولكن يُعد قضاء ساعات طويلة في وضعية منحنية في أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية الجديدة واحداً من الأسباب الرئيسة عادة. وتشمل العوامل الأخرى الأكثر شيوعاً رفع الأحمال الثقيلة بطريقة غير صحيحة؛ مثل استخدام جانب واحد من الجسم، أو حمل أشياء ثقيلة على كتف واحدة، أو اتباع وضعيات نوم خاطئة، أو وضع الوسائد بطريقة لا توفّر الدعم الكافي للرقبة.

حقوق الصورة: جورنال أوف كلينيكال ميديسن.
حقوق الصورة: جورنال أوف كلينيكال ميديسن.
حقوق الصورة: جورنال أوف كلينيكال ميديسن.
حقوق الصورة: جورنال أوف كلينيكال ميديسن.

يشير العلماء في دراستهم إلى أن تدخّل المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية كان له تأثير إيجابي أوضح وأكثر استدامة في وضعية سقوط الرأس إلى الأمام وشدّة الألم والنتائج الوظيفية ومجال حركة الرقبة، وذلك مقارنة بالطريقة المتّبعة في المجموعة القياسية. يقول الأستاذ مصطفى إن ذلك يشير إلى أن اتباع تقنية المعالجة اليدوية لتصحيح الوضعيات يؤدي دوراً مهماً في التأثير في درجة التحسّن في آلام الرقبة والنتائج الوظيفية ذات الصلة.

وتقول الدكتورة السويدي إن النتائج الجديدة يمكن أن تمهّد الطريق أيضاً لتحسين القدرات الوظيفية وجودة الحياة عموماً لدى كبار السن. تشير أيضاً إلى أن وضعية سقوط الرأس إلى الأمام ليست المصدر الرئيس لألم الرقبة فحسب؛ ولكنها تسبب أيضاً العديد من الحالات المزعجة المرتبطة بالعمود الفقري والاضطرابات الميكانيكية الحيوية؛ مثل ضعف كفاءة الجهاز التنفسي واضطراب التوازن وحدّ مجال حركة العنق. 

وتؤكّد أيضاً إن معالجة هذه المشكلة المتعلقة بوضعية الجسم بالغة الأهمية لأنها يمكن أن تؤثر على نحو بليغ في الرفاهة والقدرات الوظيفية لدى كبار السن.

اقرأ أيضاً: لماذا يفشل بعض علاجات السرطان على كبار السن؟

نتائج مستدامة

ظهرت النتيجة الأهم للدراسة خلال فترة المتابعة بعد العلاج الذي دام 3 أشهر، وحافظ المشاركون في مجموعة المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية في هذه المرحلة، ودون أي تدخلات أخرى، على التحسّن الذي شهدوه في المناحي جميعها؛ ويتضمن ذلك التحسن في الزاوية القحفية الفقرية وانخفاض شدة الألم ودرجة توازن بيرغ ودقة تعديل وضعية الرأس ومجال حركة العنق. في المقابل، شهد المشاركون في مجموعة التمرينات الرياضية تراجعاً؛ إذ انعكست التحسنّات الأولية التي شهدوها.

ووفقاً للأستاذ مصطفى؛ هذا الانزياح في وضعية الجسم “يمكن أن يؤثر كثيراً في جودة الحياة والقدرات الوظيفية لدى كبار السن”.

يقترح الباحثون أن تصحيح وضعية سقوط الرأس إلى الأمام من خلال التدخلات المعتمدة على المعالجة اليدوية الفيزيائية الحيوية، أدّى دوراً مهماً في الحفاظ على تحسّن مستدام في كل من القدرات الوظيفية وتخفيف الألم بدرجة عالية على المدى الطويل.

وتبرز هذه الدراسة باعتبارها محاولة جديدة من قبل العلماء لتقييم طريقتين مستخدمتين على نطاق واسع لتصحيح وضعية سقوط الرأس إلى الأمام لدى كبار السن، وهي فئة عمرية تُهمل غالباً في الأبحاث في هذا المجال. يقول الأستاذ مصطفى إن النتائج الجديدة توفّر رؤىً قيّمة لمتخصصي الرعاية الصحية تساعدهم على تصميم برامج إعادة التأهيل الفعالة للمرضى المسنين الذين يعانون وضعية سقوط الرأس إلى الأمام وآلام الرقبة ذات الأسباب غير المعروفة. ويشير أيضاً إلى أن هذه النتائج يمكن أن تساعد على صياغة السياسات والمبادئ التوجيهية التي تنّظم عملية إدارة آلام الرقبة لدى المسنين.

اقرأ أيضاً: دراسة علمية: سرعة المشي قد تتنبأ بتدهور صحة الدماغ والشيخوخة المبكرة

يقول مصطفى أيضاً إن الرؤى يمكن أن توفّر لمنظمات الرعاية الصحية والهيئات المهنية المعلومات اللازمة لصياغة مبادئ توجيهية قائمة على الأدلة موجّهة لممارسي الرعاية الصحية تهدف لتعزيز الرعاية الموحّدة للمرضى المسنين الذين يعانون آلام الرقبة المزمنة ذات الأسباب غير المعروفة. ويوضّح أن نتائج الدراسة يمكن أن تمهد الطريق لتحسين القدرات الوظيفية وجودة الحياة في نهاية المطاف بالنسبة إلى المرضى المسنين. 

ترتبط وضعية سقوط الرأس إلى الأمام أيضاً بعدة أنواع من آلام العمود الفقري والاضطرابات الميكانيكية الحيوية؛ مثل ضعف كفاءة الجهاز التنفسي واضطراب التوازن وحدّ مجال حركة العنق. ويقول مصطفى إن هذا الانزياح في الوضعية يمكن أن يؤثر كثيراً في جودة الحياة والقدرات الوظيفية لدى كبار السن”.