دراسة علمية: سرعة المشي قد تتنبأ بتدهور صحة الدماغ والشيخوخة المبكرة

دراسة علمية: سرعة المشي قد تتنبأ بتدهور صحة الدماغ والشيخوخة المبكرة
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ربما ليس خبراً جيداً لمَن يمشي ببطء أو ربما لن نجرؤ على المشي ببطء بعد هذا اليوم! لماذا؟ في الواقع، قد تكون سرعة المشي التي يستطيع الأشخاص في منتصف الأربعينيات مشيها، دون الجري، علامة على شيخوخة أدمغتهم وأجسادهم بناءً على إحدى الدراسات العلمية، وإليك ما جاء فيها.

هل توجد علاقة بين سرعة المشي وشيخوخة الدماغ؟

نفذت مجموعة من الباحثين بقيادة لاين راسموسن (Line Rasmussen)، أستاذ علم النفس والأعصاب في جامعة ديوك في كارولينا الشمالية، دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (Journal of the American Medical Association) عام 2019، بهدف اختبار الفرضية القائلة بأن المشي البطيء يعكس الشيخوخة البيولوجية المتسارعة في منتصف العمر. فمن المعروف في الأوساط الطبية أن مدى سرعة المشي التي يبلغها الفرد توفّر مؤشراً يدل على خطر التدهور الوظيفي والوفيات لدى كبار السن، ولكن لا يُعرف سوى القليل عن العوامل المرتبطة بسرعة المشي في وقت مبكر من الحياة. 

اعتمدت هذه الدراسة على بيانات دراسة سكانية أخرى لمجموعة تقارب الألف شخص من مواليد 1972-1973 في نيوزيلندا، والتي تابعت المشاركين حتى سن 45 عاماً، في حين حصل تحليل البيانات التابع لهذه الدراسة في 2019.

اقرأ أيضاً: نصائح صحية لحياة أفضل بعد سن الأربعين

توصلت الدراسة إلى أن سرعة المشي عند البالغين ترتبط فعلاً بأكثر من الحالة الوظيفية لكبار السن، إذ يمكنها التنبؤ بالشيخوخة المبكرة وصحة الدماغ مدى الحياة؛ حيث يمكن استخدام سرعة المشي لدى الأشخاص الذين يبلغون من العمر 45 عاماً، وخصوصاً أسرع مشية لديهم دون الجري، بمثابة علامة على شيخوخة أدمغتهم وأجسامهم، وتبين أن الأشخاص الذين يمشون بشكلٍ أبطأ يعانون من شيخوخة متسارعة وذلك بناءً على 19 مقياساً ابتكرها الباحثون، حيث تكون رئاتهم وأسنانهم وأجهزتهم المناعية في حالة أسوأ من أقرانهم ممن يستطيعون المشي بسرعة أكبر.

ومن اللافت للنظر أيضاً أن الاختبارات المعرفية العصبية التي أُجريت على هؤلاء الأفراد عندما كانوا أطفالاً يمكن أن تتنبأ بمَن سيصبح ذا مشية بطيئة؛ إذ تتنبأ درجاتهم في اختبار معدل الذكاء ومهاراتهم اللغوية والحركية وقدراتهم على التحكم العاطفي وتحمل الإحباط، بسرعة مشيهم عندما يبلغون الـ 45 عاماً.

اقرأ أيضاً: ما العادات اليومية التي ينبغي عليك التخلي عنها بعد سن الأربعين؟

قال الباحث الرئيسي راسموسن إن المذهل في هذه النتائج أنها تتجلى عند الأشخاص الذين يبلغون من العمر 45 عاماً فقط، وليس عند المرضى المسنين الذين يُقيَّمون عادة باستخدام هذه المقاييس. في الواقع، يعلم الأطباء أن الأشخاص الذين يمشون ببطء في السبعينيات والثمانينيات من العمر يموتون غالباً قبل أقرانهم ممن يمشون بسرعة أكبر، إذ كثيراً ما استُخدمت سرعة المشي بمثابة مقياس للصحة والشيخوخة لدى المرضى المسنين. غطت هذه الدراسة الفترة الممتدة من سنوات ما قبل المدرسة إلى منتصف العمر، ووجدت أن المشي البطيء يمثّل علامة على الشيخوخة قبل عقود من حدوثها.

اقرأ أيضاً: 10 أنشطة لتقوية الذاكرة بعد سن الـ 40

العلاقة بين حجم الدماغ وسرعة المشي

حيث أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي خلال التقييم الأخير في الدراسة، أن الأشخاص الذين يمشون مشية أبطأ يعانون من انخفاض إجمالي في حجم الدماغ، وانخفاض في متوسط سمك القشرة الدماغية، ومساحة أقل في سطح الدماغ، ويكون معدل حدوث فرط كثافة المادة البيضاء عندهم أعلى، وهي إصابات صغيرة مرتبطة بمرض الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ. بكلمات أخرى، تبدو أدمغة الأشخاص الذين يمشون ببطء أكبر سناً إلى حد ما. بالإضافة إلى ذلك، بدت ملامح هؤلاء الأشخاص أكبر عمراً عند تقييمها أمام لجنة مكونة من 8 أشخاص مسؤولة عن تقييم عمر الوجه من خلال الصور الفوتوغرافية.

اقرأ أيضاً: أفضل 4 «ماسكات» مفيدة للبشرة بعد سن الأربعين للرجال والنساء

على الرغم من أن بعض الاختلافات التي لوحظت في الصحة والإدراك عند هؤلاء الأشخاص قد ترتبط بنمط الحياة التي اتبعوها، لكن ومع ذلك، أشار راسموسن إلى أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى وجود علامات في بداية الحياة قد تتنبأ فعلاً بمَن سيصبح أبطأ في المشي، بالتالي، قد يمتلك العلماء فرصة لمعرفة من الذي سيتمتع بصحة أفضل في وقت لاحق من حياته.

ربما تجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة أن الأشخاص الذين يمشون مشية بطيئة عليهم أن يستسلموا لأقدارهم المحتومة المتمثلة بشيخوخة مبكرة وتدهورٍ في صحة الدماغ، وإنما قد تشجّعهم على اتباع نمط حياة صحي، والالتزام ببعض العادات التي من شأنها أن تبطئ الشيخوخة وتزيد عدد سنوات العمر؛ مثل اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والامتناع عن التدخين والكحول والمخدرات، والتواصل الاجتماعي الإيجابي مع العائلة والأصدقاء.