ما تبعات الإصابة بعدوى كوفيد-19 أكثر من مرة؟

تزيد الإصابة بمرض كوفيد-19 من احتمال الحمى الشديدة والسعال الجاف وفقدان حاستي التذوّق والشم. ولكن حتى بعد أشهر من التعافي، تزيد الإصابة أيضاً من خطر الإصابة الطويلة بالمرض بعد العدوى، أو الإصابة بالمرض مجدداً. يعتبر فيروس كورونا المراوغ ماهراً للغاية في التكيّف مع جهاز المناعة البشري. لذلك، ليس من المستبعد أن يصاب الأشخاص بمرض كوفيد-19 عدة مرات في السنة. في الواقع، أصيب بعض الأشخاص بهذا المرض في غضون 90 يوماً فقط من التعافي.

خطورة العدوى المتكررة بكوفيد-19

يبدو أن حالات العدوى المتكررة هذه خطيرة، وذلك وفقاً لنتائج دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في مجلة نيتشر بايولوجي. وجدت هذه الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة واشنطن في مدينة سانت لويس ومركز شؤون المحاربين القدماء للرعاية الصحية في نفس المدينة أن تكرار العدوى يزيد من الخطر الذي تتعرض له عدة أجهزة في الجسم بقدر كبير.

تتضمن هذه المخاطر الدخول إلى المستشفى والمشكلات الرئوية والقلبية والدماغية، ومشكلات تتعلق بالجهازين العضلي الهيكلي والهضمي، وحتى الوفاة. وفقاً للدراسة الجديدة، تسهم الإصابة المتكررة بمرض كوفيد-19 أيضاً في الإصابة بالأمراض المزمنة مثل داء السكري وأمراض الكلى وبعض المشكلات المتعلقة بالصحة العقلية.

قال عالم الأوبئة السريرية في جامعة واشنطن في مدينة سانت لويس والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، زياد العلي (Ziyad Al-Aly)، في بيان صحفي: "خلال الأشهر القليلة الماضية، ظن الكثير من الأشخاص الذين أصيبوا بمرض كوفيد-19 أو الذين تلقوا اللقاحات والجرعات المعززة، وخاصة الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض وتلقوا اللقاحات أيضاً، أنهم منيعون تماماً من هذا المرض. بدأ البعض يشيرون إلى هؤلاء على أنهم يتمتّعون بنوع ما من المناعة الفائقة ضد الفيروس"، وأضاف: "تبين دراستنا دون مجال للشك أن تكرار الإصابة مرتين أو ثلاث أو أربع يزيد من المخاطر الخاصة بمرحلة المرض الشديد، أي المرحلة التي تبدأ في أول 30 يوماً من العدوى، ومخاطر المرحلة التي تبدأ في الأشهر التي تلي العدوى، أي مرحلة كوفيد-19 الطويل".

وجدت الدراسة أن احتمال وفاة الأشخاص المصابين بعدوى كوفيد-19 في فترة الدراسة بلغ ضعف احتمال وفاة الأشخاص الذين لم يعانوا من العدوى المتكررة. بالإضافة إلى ذلك بلغ احتمال دخول هؤلاء إلى المستشفى 3 أضعاف احتمال دخول الأشخاص الذين لم يعانوا من الإصابة أكثر من مرة.

كان الأشخاص المصابون بالعدوى المتكررة أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات الرئوية بثلاث مرات ونصف مقارنة بالذين أصيبوا بالعدوى مرة واحدة، وبلغ احتمال إصابتهم بالأمراض القلبية 3 أضعاف احتمال إصابة نفس المجموعة. بينما كانوا أيضاً أكثر عرضة بـ 1.6 مرة للإصابة بالأمراض الدماغية.

الحد من التعرض للفيروس هو عامل ضروري

بيّنت الدراسة أيضاً أن خطر الإصابة بهذه المشكلات الصحية يزداد مع تكرار العدوى. لذلك، يقول العلي إنه من الأفضل تجنّب الإصابة مرة أخرى بمرض كوفيد-19.

قال العلي في البيان سابق الذكر، إن الحد من التعرض للفيروس هو عامل ضروري بشكل خاص مع حلول فصل الشتاء؛ إذ إن السلالات الجديدة بدأت في الظهور والتسبب بزيادة عدد الإصابات في بعض البلدان. قال العلي: "يجب على الأشخاص أن يبذلوا قصارى جهدهم للوقاية من العدوى من خلال ارتداء الكمامات وتلقّي جميع الجرعات المعززة والالتزام بالبقاء في المنزل في أثناء المرض. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتلقّى الجميع لقاحات الإنفلونزا. يجب علينا جميعاً أن نبذل ما بوسعنا لتقليل خطر حدوث جائحة مزدوجة لكل من مرضي كوفيد-19 والإنفلونزا في موسم الشتاء".

نظر الباحثون في الدراسة الجديدة في نحو 5.8 مليون سجل صحي مجهول الهوية من قاعدة البيانات التي تحتفظ بها إدارة شؤون المحاربين القدماء الأميركية. تعتبر هذه الإدارة مركز الرعاية الصحية المدمج الأكبر في الولايات المتحدة. ومثّل المرضى في العينة المدروسة كلا الجنسين ومختلف الأعراق والأعمار.

للمقارنة، قام الباحثون بإنشاء قاعدة بيانات مضبوطة تتألف من 5.3 مليون شخص من الذين لم تُظهر اختبارات كوفيد-19 التي خضعوا لها نتائج إيجابية في الفترة بين 1 مارس/ آذار 2020 (عندما بدأت الجائحة في الولايات المتحدة) و6 أبريل/ نيسان 2022.

باستخدام الإطار الزمني نفسه، قام الباحثون بتشكيل مجموعة ضبط تضم أكثر من 443 ألف شخص ثبتت إصابتهم بعدوى كوفيد-19 لمرة واحدة، ومجموعة أخرى تتألف من نحو 41 ألف شخص أصيبوا بالعدوى مرة واحدة أو أكثر. أصيب الأشخاص الذين أبلغوا عن تكرار الإصابة بحالتين أو 3 حالات من العدوى. وشملت المجموعة الثانية عدداً قليلاً من الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى 4 مرات. لم يعانِ أي مشارك في الدراسة من 5 إصابات أو أكثر بمرض كوفيد-19.

استخدم الفريق طرق النمذجة الإحصائية لتحديد المخاطر الصحية لتكرار العدوى في الأيام الثلاثين الأولى بعد الإصابة بالمرض حتى 6 أشهر بعد الإصابة. شملت الدراسة الإصابات الناجمة عن سلالات مثل دلتا وأوميكرون وبي أيه. 5. وظهرت النتائج السلبية على الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح وعلى أولئك الذين تلقوا الجرعات قبل تكرار العدوى.

قال العلي: "لنتائج دراستنا تبعات واسعة النطاق على الصحة العامة؛ إذ إنها تبين الحاجة لتطبيق استراتيجيات للوقاية من الإصابة وتقليل خطرها"، وأضاف: "خلال فصل الشتاء، يجب أن يكون الجميع على دراية بالمخاطر وأن يتوخّوا الحذر لتقليل خطر إصابتهم بفيروس كورونا".