إذا كنت تفكر في أغنية فرقة بينك فلويد (Pink Floyd) الكلاسيكية،"طوبة أخرى في الحائط (الجزء الأول)" (Another Brick in the Wall (Part 1))، فمن المرجّح أنك ستتمكن على الفور من سماع لازمة الجوقة الشهيرة التي تشبه صوت الطائرات من دون طيار في رأسك. اللحن البطيء لهذا الأغنية هو عنصر أساسي في الوحدة اللحنية التي يتميّز بها روجر ووترز (Roger Waters)، أي الاختلافات الصوتية مثل التنغيم وإبراز الأصوات أو الكلمات والإيقاع واللهجة التي تجعل الكلام البشري يبدو بشرياً.
مع ذلك، استخدام أحد برامج تحويل النص إلى كلام لقول "لسنا بحاجة إلى تعليم" (إحدى عبارات الجزء الثاني من الأغنية)، يولّد لحناً رتيباً من طبيعة ميكانيكية مختلفة عادة. ولكن ماذا لو لم تتمكن هذه الأدوات من فهم الصوت الداخلي لعقلك فحسب، بل كانت قادرة على إعادة إنشاء ميزات الوحدات اللحنية التي تريدها بدقة أيضاً؟
اقرأ أيضاً: الأطباء يسجلون الموجات الدماغية للمرضى بهدف فهم الآلام المزمنة
إعادة إنشاء الألحان التي تريدها
أصبح الخبراء أقرب إلى جعل ذلك حقيقة واقعة من أي وقت مضى بفضل الإنجازات الجديدة التي حققها الباحثون في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
وفقاً لدراسة نُشرت بتاريخ 15 أغسطس/ آب 2023 في مجلة بلوس بايولوجي (PLOS Biology)، أعاد فريق من علماء الأعصاب إنشاء مقطع صوتي من ألبوم "الحائط" لفرقة بينك فلويد باستخدام النشاط الكهربائي المُسجّل لأدمغة المستمعين. كما يشير إعلان أصدرته جامعة كاليفورنيا في بيركلي، هذه هي أول مرة ينجح فيها الباحثون في إعادة إنشاء أصوات الآلات الموسيقية في أغنية وإيقاعها وألحانها الصوتية باستخدام عمليات مسح الدماغ فقط.
تسجيل النشاط الدماغي
استغرق هذا الإنجاز المثير للإعجاب عقداً من الزمن. بين عامي 2008 و2015، أدرج الباحثون 29 من المرضى المصابين بالصرع ليتلقّوا مجموعة من غرسات الأقطاب الكهربائية الدماغية التي تشبه الأظافر كان من المقرر أن يتلقوها ضمن علاجهم بالفعل. منحت هذه المجموعات من الغرسات الفريق الفرصة لتسجيل النشاط الدماغي بسهولة. بعد ذلك، شرع الباحثون في مطابقة مناطق النشاط العصبي مع نطاقات التردد الصوتية الفردية؛ 128 نطاقاً على وجه الدقة. وفقاً لما ورد في صحيفة نيويورك تايمز في 15 أغسطس/ آب 2023، يعني ذلك تدريب 128 نموذجاً حاسوبياً مختلفاً لفك ترميز البيانات، التي مثّلت عند دمجها أغنية مذهلة معاد إنشاؤها لأغنية بينك فلويد.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: اضطرابات النوم تضاعف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية
قال طبيب الأعصاب وأستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا في بيركلي والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدة، روبرت نايت، في بيان صحفي: "إنها نتيجة رائعة. مع تقدّم مجال واجهات التخاطب بين الدماغ والآلة، تمنحنا هذه الآلية طريقة لإضافة طابع موسيقي إلى غرسات الدماغ المستقبلية للأشخاص الذين يحتاجون إليها"، مثل أولئك الذين يعانون التصلب الجانبي الضموري أو الأمراض المشابهة التي تؤثر في القدرة على الكلام.
أضاف نايت: "يمنحنا ذلك القدرة على فك ترميز المحتوى اللغوي وبعض المحتوى اللحني للكلام وبعض تأثيراته. أعتقد أن هذا هو ما بدأنا بإنجازه بالفعل". بالإضافة إلى التطورات الواعدة التي أنجزها فريق نايت في مجال إعادة الإنشاء الصوتي، يستطيع هؤلاء الباحثون أيضاً أن يثبتوا أخيراً أن النصف الأيمن من الدماغ يتمتع باستعدادات لإدراك الموسيقى أكبر من تلك التي في القشرة الدماغية اليسرى.
سبب اختيار الأغنية عملي أكثر من رمزي. يميل مرضى الصرع الذين شاركوا في الدراسة إلى أن يكونوا من كبار السن، وسمع معظمهم هذه الأغنية من قبل. جادل أحد الباحثين في حديث مع صحيفة نيويورك تايمز بأن البيانات ستكون أقل موثوقية أو إفادة "إذا رفض [المشاركون] الاستماع إلى هذه الأغنية".