تعرَّف إلى الحشرات الأقوى والأقدم من الديناصورات

تعرَّف إلى الحشرات الأقوى والأقدم من الديناصورات
قد يكون للبعوض الفطري أسلاف عاشوا في فترة ما قبل الديناصورات. كاي ماغواير/ غيتي إميدجيز

قد يعود تاريخ الحشرات الطائرة الصغيرة والمزعجة إلى زمن قديم جداً، فالبعوض هو اسم عام لمجموعة حشرات من رتيبة خيطيات القرن (Nematocera) ضمن رتبة ذوات الجناحين (Diptera)، ويصفها معهد سميثسونيان (Smithsonian) بأنها "حشرات غير لاسعة، لا يتجاوز حجمها بضع حبات من الملح، وتنجذب إلى السوائل التي تفرزها العينان".

على الرغم من أن متوسط أعمار هذه الحشرات لا يتجاوز أسبوعاً واحداً فقط؛ لكن حياتها عبر التاريخ التطوري تمتد إلى أكثر من ذلك. ووفقاً لبحث جديد، فقد تكون هذه الحشرات موجودة منذ 247 مليون سنة أي أنها أقدم من الديناصورات الأولى.

اقرأ أيضاً: دراسة: طفرات وراثية تجعل بعوض الزاعجة المصرية مقاوماً للمبيدات الحشرية

أقدم عينة مكتشفة من الأحافير

وفي دراسة جديدة نُشرت في 10 مارس/ آذار في مجلة "أبحاث في علم الأحافير" (Papers in Paleontology)، درس علماء الجيولوجيا والأحياء من إسبانيا وإنجلترا الأحافير المكتشَفة مؤخراً والتي يمكن أن تقدم المزيد من المعلومات حول بدايات البعوض وقدراته المذهلة في البقاء على قيد الحياة. عُثر على هذه الأحافير في مرفأ صغير في بلدة إستيينشس (Estellencs) الواقعة في جُزُر البليار الإسبانية؛ المعروفة بطبقاتها الصخرية التي تميل إلى اللون الأزرق وتخفي بقايا النباتات والحشرات والأسماك من العصر الترياسي الأوسط.

عثر العالم جوزيب خواريز (Josep Juárez) من جزيرة مايوركا على عينة لطبعات يرقة كاملة على جوانب صخرة منقسمة، وعند إجراء مزيد من الفحص، حدد أن المستحاثة المحفوظة جيداً هي جزء من الحشرات ذوات الجناحين التي تشمل البعوض والبراغيث والذباب والناموس. وقد تكون هذه المستحاثة أقدم عينة مكتشَفة للحشرات ذوات الجناحين حتى الآن؛ كما يمكن أن تكون سلفاً مشتركاً لأكثر من مليون نوع من تلك الحشرات الموجودة في يومنا هذا.

يرقة البعوض بروتوأنيسولارفا خواريزي (Protoanisolarva juarezi) تمثل أقدم نوع معروف للحشرات ذوات الجناحين، ويبلغ عمرها 247 مليون سنة، عُثر عليها في جزيرة مايوركا في إسبانيا. المجلس الأعلى للبحوث العلمية في إسبانيا (CSIC)- المعهد الجيولوجي الإسباني (CN-IGME).

يقول مؤلف الدراسة والباحث في المجلس الوطني الإسباني للبحوث التابع لهيئة المسح الجيولوجي الإسبانية، إنريكي بينالفر (Enrique Peñalver) في بيان صحفي: "بينما كنت أفحص هذه المستحاثة تحت المجهر، وضعت قطرة من الكحول عليها لزيادة وضوح الهياكل؛ وذُهلت لرؤية أن المستحاثة حافظت على الهياكل الخارجية والداخلية للرأس وبعض أجزاء الجهاز الهضمي والفتحات الخارجية للجهاز التنفسي أو الفتحات التنفسية".

اقرأ أيضاً: دراسة: متوسط عمر النحل يتراجع والسبب قد يكون جينياً

قدرة هائلة على التكيف لدى البعوض

ولكن بعيداً عن مجرد الكشف عن الشكل الذي كانت تبدو عليه صغار البعوض في ذلك الوقت، فإن وجود هذه المستحاثة يُظهر قدرة هذه الحشرة الاستثنائية على التكيف مع بيئة ما بعد نهاية العالم، على حد تعبير الباحث في متحف جامعة أوكسفورد للتاريخ الطبيعي (Oxford University Museum of Natural History)، ريكاردو بيريز دي لا فوينتي (Ricardo Pérez-de la Fuente).

لقد حدث الانقراض البرمي - الثلاثي في آخر 15 مليون سنة من العصر البرمي؛ حيث انقرض نحو 95% من الحيوانات البحرية و70% من الحيوانات البرية في هذه الفترة الزمنية القصيرة (من منظور تطوري). (حتى أن بعض العلماء يقترحون أن معظم هذه الأنواع قد اختفى على مدى 20,000 عام بعد نهاية تلك الفترة). ويُعرف هذا الانقراض بأنه أشد حوادث الانقراض في تاريخ الأرض المسجّل؛ حيث قضى على أكثر من نصف المجموعات التصنيفية التي كانت تعيش على اليابسة وفي البحار. وتشمل الأسباب المحتملة للانقراض حدوث تغيير في الغلاف الجوي للكوكب أدى إلى تسمم إشعاعي أو تغير مستويات الأوكسجين.

كما لاحظ مؤلفو الدراسة الجديدة أن هذه العينة المكتشَفة حديثاً تملك نظام تنفس مشابهاً لنظام تنفس بعض الحشرات في يومنا هذا. لذلك من الممكن تصنيف البعوض في القائمة المصغّرة للحيوانات التي يمكنها النجاة من الكوارث، إلى جانب دب الماء (التارديغرادا) والصراصير.

المحتوى محمي