من حبوب الإفطار وألواح البروتين إلى اللبن المنكّه والبيتزا المجمّدة، توجد الأطعمة الفائقة المعالجة في كل مكان، وتملأ الرفوف في المتاجر الاستهلاكية. تأتي %58 من السعرات الحرارية التي يستهلكها البالغون و67% من السعرات الحرارية التي يستهلكها الأطفال في الولايات المتحدة من هذه المواد الغذائية اللذيذة للغاية التي تحتوي على مكونات معدّلة بدرجة عالية.
لا توجد الأطعمة الفائقة المعالجة في وجباتنا فحسب، بل إنها تُثير اهتماماً متزايداً في المحادثات العالمية حول الصحة العامة والتغذية. كثّف الباحثون في العقد الماضي أو نحو ذلك جهودهم لتعريف الأطعمة الفائقة المعالجة وكشف كيف يرتبط استهلاكها بالصحة. ربطت موجة من الدراسات الحديثة بين هذه الأطعمة وزيادة خطر الإصابة بحالات صحية متنوعة، من أمراض القلب والشرايين والسرطان إلى السمنة والاكتئاب.
مع ذلك، يشكك بعض الباحثين، وبعض ممثلي هذا القطاع (وهذا ربما غير مفاجئ)، في رصانة الأدلة التي تُبيّن ضرر الأطعمة الفائقة المعالجة. يقول هؤلاء إن هذه الفئة من الأطعمة غير معرّفة بدقة وإن الدراسات حولها ظرفية للغاية. بالإضافة إلى ذلك، وصفُ هذا الجزء الكبير من الأطعمة التي نستهلكها بأنه غير صحي لا يأخذ في الاعتبار فوائد المعالجة الصناعية للأطعمة، مثل خفض التكلفة وضمان القضاء على مسببات الأمراض التي تنقلها الأطعمة وسهولة التحضير وجعل الأطعمة أكثر استدامة في بعض الحالات، مثل تطوير المنتجات المشتقة من النباتات المصممة لاستبدال اللحوم والحليب.
يقول الباحث في العلوم الحسية وسلوك الأكل في جامعة فاخيننغن في هولندا والمؤلف المشارك لدراسة حول معالجة الغذاء والأنظمة الغذائية نُشرت في مجلة المراجعة السنوية للتغذية (Annual Review of Nutrition) في 2022، كيران فورد: "لا يمكننا أن نتجاهل فوائد هذه الأطعمة بسبب سيئاتها ونستغني عن تناولها".
مع احتدام النقاش حول الأطعمة الفائقة المعالجة، إحدى الطرق المناسبة لتشكيل رأي حولها هي تخصيص الوقت لفهم الآليات التي تؤثر وفقها هذه الأطعمة في الصحة. إذا كانت هذه الأطعمة ضارة بالفعل، فما الضار بالضبط فيها؟ أو ما السمات التي تجعلها ضارة؟ ولماذا؟ يقول الباحثون إنهم يستطيعون تحديد السمات التي تجعل هذه الأطعمة مرغوبة للغاية وغير صحية في الوقت نفسه من خلال جعل المتطوعين يتبعون نظاماً غذائياً مصمماً بعناية ومراقبة سلوكهم الاستهلاكي.
يمكن أن تساعد مثل هذه الدراسات على تحديد الأنواع الأكثر ضرراً من الأطعمة الفائقة المعالجة، تلك التي قد تضاف إليها الملصقات التحذيرية وتطبّق عليها سياسات أخرى، وتوفير التوجيهات للشركات بهدف تعديل وصفاتها لإنتاج خيارات أكثر صحية.
تقول المتخصصة في علم الأوبئة الغذائي في جامعة نيويورك، فيليبا جول: "أعتقد أن دراسة الآليات الحيوية مهمة للغاية لكشف الأدلة الرصينة والتوصّل إلى الحلول أيضاً". مع ذلك، تعتقد جول أن هناك بالفعل أدلة علمية حول أضرار الأطعمة الفائقة المعالجة كافية لتقديم توصيات تفيد بتقليل استهلاكنا لها.
اقرأ أيضاً: دراسات استمرت لعقود تربط بين الأطعمة فائقة المعالجة والإصابة بالسرطان والموت المبكر
فحص الأدلة حول الأطعمة الفائقة المعالجة
لدراسة الأطعمة الفائقة المعالجة، يجب أن يتمكّن الباحثون من تعريفها أولاً، وهذا موضوع مثير للجدل بحد ذاته. يتضمن إعداد الطعام عمليات مثل الطحن والطهي والتخمير والبسترة، وهي طرق استُخدِمت منذ زمن طويل لجعل الأطعمة مستساغة وقابلة للتخزين وأكثر أماناً ولتسهيل هضمها أيضاً. ولكن وفقاً لنظام تصنيف الأغذية الأكثر استخداماً، الذي يحمل اسم نظام نوفا (NOVA)، تتميز الأطعمة الفائقة المعالجة بأن تحضيرها يتطلب تطبيق تقنيات صناعية إضافية، مثل التحلّل المائي والهدرجة والبثق، فضلاً عن أنها تحتوي على مكونات مثل المستحلبات والمكثفات والنكهات والمواد المضافة الأخرى التي لا تُستخدم إلّا نادراً في المطابخ المنزلية.
كُشفت أغلبية الأدلة التي تُبيّن أن الأطعمة الفائقة المعالجة ضارة في الدراسات الرصدية التي يسأل فيها الباحثون المشاركين عن الأطعمة التي يتناولونها ثم يتتبعون حالتهم الصحية بمرور الوقت. توصّلت هذه الدراسات باتساق إلى أن الأشخاص الذين تناولوا كمية أكبر من الأطعمة الفائقة المعالجة أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكري من النمط الثاني وبعض أنواع السرطان والسمنة والاكتئاب والأمراض الالتهابية الهضمية مثل مرض كرون، فضلاً عن أنهم كانوا أكثر عرضة للوفاة في أثناء فترة الدراسة.
تقول جول إن مثل هذه الدراسات الرصدية لا يمكنها إثبات أن الأطعمة الفائقة المعالجة تسببت بهذه المشكلات الصحية، ويعود ذلك جزئياً إلى العوامل الأخرى في حياة المشاركين التي قد تكون مسؤولة عن زيادة خطر الإصابة بالأمراض والوفاة. على سبيل المثال، يميلُ الأميركيون الذين يتناولون كمية أكبر من الأطعمة الفائقة المعالجة إلى التمتّع بدخول أخفض ومستويات تعليمية أدنى، فضلاً عن أنهم يميلون للعيش في أحياء فقيرة. وأيضاً، يمكن أن تشوّش العوامل غير المقاسة مثل الإجهاد والنوم والتعرض للعنصرية والتحيز المتعلق بوزن الجسم العلاقة الترابطية بين معالجة الأغذية والصحة.
مع ذلك، تُضيف جول قائلة إن الارتباط بين الأطعمة الفائقة المعالجة وتراجع الصحة متسق على نحو ملحوظ في الأبحاث التي أُجريت في مختلف دول العالم. وعلى الرغم من أن الأطعمة الفائقة المعالجة تتمتّع بمحتوى غذائي سيئ غالباً؛ إذ إنها تحتوي على كمية أكبر من السكر والصوديوم والدهون المشبعة مقارنة بالأطعمة غير المعالجة بدرجة كبيرة، فإن هناك عوامل أخرى مؤثرة. كشفت الدراسات التي أخذت الاختلافات في الجودة الغذائية في الاعتبار أن الارتباط الوثيق بين تناول الأطعمة الفائقة المعالجة وتراجع الصحة لا يزال موجوداً. تقول جول: "يبدو أن هناك عاملاً آخرَ يتعلق بهذه الأطعمة، ولا يتعلق الأمر بالمغذّيات فقط".
على عكس الدراسات الرصدية، يمكن أن تكشف التجارب المنضبطة باستخدام عينات عشوائية أدلة مباشرة تُبيّن أن اتباع نظام غذائي معين يتسبب بمشكلات صحية، ولكن حتى الآن، لم تُنشر سوى تجربة واحدة قصيرة المدى من هذا النوع.
قاد عالِم التغذية والاستقلاب من المعاهد الصحية الوطنية الأميركية، كيفن هول، هذه الدراسة الخاضعة للرقابة الصارمة التي نُشرت في 2019، وعاش ضمنها 20 مشاركاً في مركز سريري مدة شهر واحد وتناولوا إمّا الأطعمة المعالجة بالحد الأدنى وإمّا الأطعمة الفائقة المعالجة مدة أسبوعين، ثم تناولوا خلال أسبوعين آخرين النوع المختلف عن الذي تناولوه في أول أسبوعين. كانت كمية السعرات الحرارية والكربوهيدرات والسكر والألياف والدهون والبروتين والملح الإجمالية متساوية في نوعي الأطعمة، وسُمح للمشاركين بتناول الكمية التي يريدونها من الطعام.
لاحظ المؤلفون أن المشاركين الذين اتبعوا نظام الأطعمة الفائقة المعالجة الغذائي مدة أسبوعين تناولوا 508 سعرات حرارية إضافية يومياً في المتوسط واكتسبوا نحو كيلوغرام من الوزن، وفقد هؤلاء الوزن نفسه تقريباً خلال أسبوعين من اتباع نظام الأطعمة المعالجة بالحد الأدنى.
فاجأت هذه النتيجة هول، الذي توقع أن درجة المعالجة التي خضعت لها الأطعمة لن تؤثّر لأن النظامين الغذائيين يحتويان على مستويات متقاربة من المغذّيات. بالإضافة إلى ذلك، أثارت هذه النتيجة تساؤلين؛ ما السمات التي تتميّز بها الأطعمة الفائقة المعالجة التي تجعلنا نتناول كمية أكبر منها؟ وهل لأنواع الأطعمة الفائقة المعالجة المختلفة التأثير نفسه في البشر؟
يقول هول إن جواب السؤال الثاني هو لا على الأرجح. على سبيل المثال، ارتبط تناول الأطعمة الفائقة المعالجة في دراسة نُشرت عام 2023 بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني، بينما ارتبط تناول بعض أنواع الأطعمة، مثل حبوب الإفطار وخبز الحبوب الكاملة واللبن والحلويات المصنوعة من منتجات الحليب مثل المثلّجات، بانخفاض خطر الإصابة بهذا المرض.
يقول هول إن كلاً من تحديد الفئات الفرعية غير الصحية من الأطعمة الفائقة المعالجة وكشف سبب ذلك يتطلّب إجراء الكثير من الأبحاث؛ إذ إنه من المحتمل وجود آليات مختلفة تؤثّر في خطر الإصابة بالأمراض المختلفة. وفقاً لجول، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تسهم في خطر الإصابة بالأمراض، مثل المضافات الغذائية التي تؤثر في الميكروبيوم، وقابلية هضم الأطعمة بسرعة وسهولة والمواد الكيميائية الممتصة من مواد التغليف وعدم تناول الأطعمة الصحية. تقول جول: "على الأرجح أن خطر الإصابة بالأمراض يتأثّر بمزيج من هذه العوامل".
لماذا نتناول كمية أكبر من الأطعمة الفائقة المعالجة؟
يعتقد هول أنه إذا كان الأشخاص خارج ظروف المختبر يتناولون نحو 500 سعرة حرارية إضافية يومياً في أثناء اتباع نظام الأطعمة الفائقة المعالجة، كما فعلوا في الدراسة التي أجراها عام 2019، قد يساعد ذلك على تفسير ارتفاع معدلات السمنة في العقود الأخيرة. يركّز هول حالياً على كشف الأسباب التي تدفعنا إلى تناول كمية أكبر من هذه الأطعمة.
ويتعلق أحد التفسيرات المحتملة بكثافة الطاقة التي تتمتّع بها الأطعمة، أي عدد السعرات الحرارية لكل غرام من الطعام. على سبيل المثال، كانت كثافة الطاقة في الأطعمة الفائقة المعالجة ضمن التجربة التي أجراها هول عام 2019 أعلى من نظيرتها في الأطعمة المعالجة بالحد الأدنى، ويعود ذلك في المقام الأول إلى أنها تحتوي على كمية أقل من الماء.
بيّنت الأبحاث السابقة أن الأشخاص يميلون إلى استهلاك كمية أكبر من السعرات الحرارية عندما يتناولون الأطعمة الكثيفة بالطاقة، وقد يعود ذلك إلى أن هذه الأطعمة لا تُشبع الجهاز الهضمي وتسمح باستهلاك المزيد من السعرات الحرارية في فترة زمنية أقصر، ما يؤثّر في عملية إرسال إشارات الشبع الطبيعية. عندما أعاد هول وزملاؤه فحص 2,733 وجبة قُدِمت في تجربتين أُجريتا في المعاهد الصحية الوطنية لمقارنة أنواعٍ مختلفة من الأنظمة الغذائية، وجدوا أن كثافة الطاقة كانت من أهم العوامل المحددة لمدخول السعرات الحرارية في وجبة معينة.
لاحظ هؤلاء أيضاً في الدراسة أن المشاركين تناولوا كمية أكبر من الطعام عندما عُرضت عليهم الأطعمة التي تحتوي على كميات أكبر من أزواج معينة من المغذّيات، وهي الدهون والسكر أو الدهون والصوديوم أو الكربوهيدرات والصوديوم، مقارنة بالكمية التي توجد في الطبيعة أو في الأطعمة الكاملة. تقول عالمة النفس السلوكي في جامعة كانساس، تيرا فازينو، إن هذه الأطعمة "فائقة الاستساغة"، وهي التي صاغت هذا التعبير. تُضيف فازينو قائلة إن الدراسات التي أُجريت على الحيوانات والبشر بيّنت أن الأطعمة الفائقة الاستساغة تنشّط دارات استشعار المكافأة في الدماغ على نحو مفرط، فضلاً عن أن التوقّف عن تناولها صعب.
اقرأ أيضاً: دراسة سعودية تُنشر لأول مرة حول أسباب فشل جراحة إنقاص الوزن
تقول فازينو أيضاً إن الاستمتاع بهذه الأطعمة مختلف عن الاستمتاع بالأنواع الأخرى من الأطعمة. على سبيل المثال، يحتوي التفاح على سكريات طبيعية تجعل تناوله ممتعاً، ولكنه ليس فائق الاستساغة لأنه لا يحتوي على كمية كبيرة من الدهون. تقول فازينو إنه بالمثل، فإن العديد من الأطعمة التي تستمتع بها عندما تزور عائلتها في إيطاليا، مثل السمك المتبّل بكميات قليلة من زيت الزيتون والملح وحلوى البسكوتي المصنوعة من الزبدة والقليل من السكر، يجعلها تشعر بالرضا التام.
على النقيض من ذلك، تقول فازينو إن الامتناع عن تناول الأطعمة الفائقة الاستساغة، مثل العديد من الوجبات الخفيفة المغلّفة المصنوعة من تركيبات لذيذة من الكربوهيدرات والدهون والملح، يبدو أنه يتطلب مقاومة الإغراء. هذا أمر مثير للقلق، لأن البحث الذي أجرته فازينو يشير إلى أن انتشار الأطعمة الفائقة الاستساغة في الولايات المتحدة ارتفع من 49% عام 1988 إلى 69% عام 2018.
يجري هول حالياً تجربة سريرية أخرى في المعاهد الصحية الوطنية تهدف إلى فهم تأثير كثافة الطاقة والاستساغة الفائقة في كمية الطعام التي يتناولها الناس. سيتّبع المشاركون في هذه الدراسة 4 أنظمة غذائية مختلفة تحتوي جميعها على الكمية نفسها من المغذّيات مدة أسبوع واحد لكل نظام.
يتألف أحد هذه الأنظمة من الأطعمة المعالجة بالحد الأدنى. بينما تتألف الأنظمة الثلاثة الأخرى من الأطعمة الفائقة المعالجة، ويتألّف الأول من الأطعمة ذات كثافة الطاقة العالية والثاني من الأطعمة ذات الاستساغة الفائقة، بينما يتألف الثالث من النوعين معاً.
في الوقت نفسه، يركّز فورد على خاصية غذائية أخرى لتفسير زيادة مدخول السعرات الحرارية عند تناول الأطعمة الفائقة المعالجة، وهو القوام. يقول فورد إن العديد من الأطعمة الفائقة المعالجة "تتمتّع بقوام ليّن يجعلها تبدو أنها ممضوغة مسبقاً عند وصولها إلى الأطباق"، ما يجعل تناولها بسرعة أكبر أسهل.
توصلت الأبحاث التي أجراها فورد وآخرون إلى أن الأشخاص يتناولون الوجبات ذات القوام الأكثر قساوة بسرعة أقل. وبيّنت تجربة حديثة أن المشاركين استهلكوا كمية من السعرات الحرارية أقل بنسبة 26% من وجبات الغداء ذات القوام القاسي مقارنة بالوجبات ذات القوام الليّن. كان مدخول السعرات الحرارية أقل عندما تناول المشاركون وجبة ذات قوام قاسٍ تتألف من أطعمة معالجة بالحد الأدنى.
يخطط فريق فورد حالياً لإجراء تجربة منضبطة عشوائية بتمويل جزئي من شركات للأغذية، وسيختبر هؤلاء فيها مدخول المشاركين عند اتباع نظامين غذائيين مختلفين يتألّفان من الأطعمة الفائقة المعالجة مدة أسبوعين. يتوقع فورد أن المشاركين سيتناولون كميات أكبر من "النظام الغذائي السريع" الذي تتميز الأطعمة فيه بقوام لين مقارنة بالكمية التي سيتناولونها من "النظام الغذائي البطيء" الذي حُضّرت الأطعمة فيه بطريقة تجعل قوامها أقسى.
ينظر باحثون آخرون إلى الأطعمة الفائقة المعالجة من منظور علم أحياء الإدمان. تقول عالمة الأعصاب التي تدرس سلوك الأكل في معهد فرالين لأبحاث الطب الحيوي في كلية فرجينيا تيك كاريليون للطب، ألكساندرا ديفيليسيانتونيو، إن هذه الأطعمة توفّر جرعة سريعة من السعرات الحرارية وزيادة مُرضية في مستويات الناقل العصبي الدوبامين إلى الدماغ، وذلك لأننا نستطيع تناولها بسرعة ولأنها تفتقر غالباً إلى البنية أو الكمية المناسبة من الألياف لإبطاء عملية الهضم.
يتناول المشاركون في دراسة مستمرة تجريها ديفيليسيانتونيو وزملاؤها نوعين من السكر يحتويان على الكمية نفسها من السعرات الحرارية، أولهما سريع الهضم (ويُطلق عليه اسم "السعرات الحرارية السريعة")، وثانيهما بطيء الهضم أُضيفت إليه الألياف والنكهات غير المألوفة (ويطلق عليه اسم "السعرات الحرارية البطيئة"). تفترض ديفيليسيانتونيو أن المشاركين سيفضّلون تدريجياً النكهات المقترنة بالسعرات الحرارية السريعة أكثر. وتُضيف قائلة إن ذلك يمكن أن يساعد على تفسير الصعوبة التي نواجهها في التوقف عن تناول بعض الأطعمة الفائقة المعالجة التي "تُصمم حرفياً لتكون لذيذة".
اقرأ أيضاً: هل تساعد بدائل السكر على تخفيف الوزن وما مخاطرها الصحية؟
فرض القوانين أمْ تغيير الوصفات؟
تأمل ديفيليسيانتونيو في أن تساعد الدراسات المشابهة لدراستها على كشف سمات الأطعمة الفائقة المعالجة التي تتسبب بالإفراط في تناول الطعام، وتمثّل مرجعاً للقوانين الجديدة التي تؤدي إلى اتباع خيارات أكثر صحية. تقول ديفيليسيانتونيو: "سنتوصل بذلك إلى أساس علمي رصين بالفعل لإحداث تغييرات في البيئة، بدلاً من الاكتفاء بمطالبة الأشخاص بإجراء تغييرات على المستوى الفردي". قد تتضمن القوانين التحكّم بطريقة ترويج هذه الأطعمة (تجنّب عرضها في أثناء برامج الأطفال التلفزيونية، على سبيل المثال) أو مطالبة المتاجر في الأحياء ببيع الأطعمة الطازجة بالإضافة إلى الأطعمة المغلّفة.
يقول بعض خبراء الصحة العامة إنه بغض النظر عن الآليات، فإننا نمتلك ما يكفي من المعلومات لاتخاذ خطوات تهدف إلى تقليل استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة على الفور. يقول الخبير الاقتصادي والمتخصص في علم الأوبئة الغذائي في جامعة كارولاينا الشمالية في بلدة تشابل هيل، باري بوبكن: "تأثير هذه الأطعمة كبير، سواء كانت فائقة الاستساغة أو كثيفة الطاقة، أو لأي سبب آخر".
يشير بوبكن إلى البلدان التي فرضت بالفعل القوانين والقيود على بعض الأطعمة الفائقة المعالجة. على سبيل المثال، أضافت تشيلي ملصقات تحذيرية على مقدمة العبوات الغذائية والمشروبات السكرية الخاضعة للضرائب، وحظرت الدولة أيضاً بعض الأطعمة في المدارس ووضعت قيوداً على تسويقها للأطفال، وهي سياسات ارتبطت بانخفاض مشتريات المشروبات السكرية وتحسّن الجودة الغذائية للأطعمة المغلّفة. يقول بوبكن إن أكثر من 50 دولة، تضم نحو 20% من سكان العالم، تفرض الضرائب على المشروبات السكرية بسبب آثارها الصحية، وفرض العديد من البلدان الأخرى، مثل كندا والبرازيل والمكسيك، إضافة العلامات التحذيرية على الأطعمة غير الصحية.
يشعر فورد بالقلق من أن هذه السياسات لن تؤدي إلّا إلى زيادة تكلفة الأطعمة وإبطاء التقدم في تطوير أغذية أكثر استدامة. ويقول إن الخيار الأنسب هو تشجيع شركات الأغذية على الاستفادة من تكنولوجيات المعالجة التي تطبقها لصنع منتجات صحية أكثر. (فورد هو عضو في المجلس الاستشاري لمجموعة كيري، Kerry Group، وهي شركة للأغذية والمكونات الغذائية). يُضيف فورد قائلاً إن هذه الشركات تستطيع تطبيق تقنيات معالجة الأغذية لخفض كثافة السعرات الحرارية في الأطعمة أو تعزيز قوامها حتى يتناولها الناس بسرعة أقل. ويُضيف: "على الرغم من أن المعالجة هي المشكلة، فإنها أيضاً الحل الأفضل المتاح حالياً".
يأمل هول أيضاً في أن يعمل علماء الطعام مع علماء الغذاء لحل هذه المشكلة. خذ أقراص الدجاج مثالاً. يقول هول إن علماء الأغذية المهرة قد يتمكنوا من خفض كثافة طاقة هذه الوجبة الخفيفة والتخلّص من السمات التي تجعلها فائقة الاستساغة من خلال إضافة القليل من الألياف وتعديل نسب الملح والدهون فيها. ولكن ليس من المؤكد أن تظل أصابع الدجاج الجديدة هذه مرغوبة بالنسبة للمستهلكين.