كيف يمكننا حماية الحيوانات المهددة بالانقراض بسبب تغيّر المناخ؟

كيف يمكننا حماية أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض في ظل تغير المناخ
ضفدع أتيلوبوس هاليهيلوس (Atelopus halihelos) ذي القدم القصيرة والمهدد بالانقراض، الذي يعيش في مقاطعة مورونا سانتياغو في الإكوادور. خايمي كوليبراس/ فوتو وايلد لايف تورز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تواجه البرمائيات على الأرض مشكلة خطيرة، لكن لا يزال لدينا وقت لإنقاذ هذه الفئة الفريدة من الحيوانات. أظهرت دراسة نشرت في 4 أكتوبر/تشرين الأول في مجلة نيتشر (Nature) أن نسبة 2 من كل 5 برمائيات مهددة بالانقراض، ولا تزال هذه الفئة هي الأكثر عرضة لهذا الخطر بين الفقاريات. على الرغم من ذلك، وجد البحث الجديد أيضاً أنه منذ عام 1980، انخفض خطر انقراض 63 نوعاً بفضل إجراءات التدخل للحفاظ على البيئة.

 تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة ومديرة تقييمات القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية (IUCN Red List Assessments at conservation organization) في مؤسسة ري: وايلد (Re:wild) للحفاظ على الحياة البرية، جينيفر لودكي (Jennifer Luedtke)، خلال مؤتمر صحفي: “هذا يثبت أن الجهود المبذولة في مجال الحفاظ على البيئة تؤتي ثمارها، وبالتالي، فإن الوضع ليس سيئاً بالكامل، وجدنا أن حماية الموائل وحدها ليست كافية؛ إذ إننا بحاجة إلى تخفيف التهديدات الناجمة عن الأمراض وتغير المناخ”.

اقرأ أيضاً: لماذا يؤثر التغير المناخي في معدل نمو بعض أنواع الأسماك؟

إجراء تقييم وفحص لحالة البرمائيات

تُعد هذه النتائج جزءاً من التقييم العالمي الثاني للبرمائيات (Global Amphibian Assessment II)، وهو سلسلة دولية من تحليلات الحفاظ على الأنواع استناداً إلى تقييمات 8,011 نوعاً من البرمائيات المدرجة في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN Red List). نُشر أول تقييم عالمي للبرمائيات في عام 2004، وأظهر أن البرمائيات هي أكثر فئات الفقاريات المهددة بالانقراض على الأرض. يؤكد هذا التقرير الثاني أن الحيوانات ذات الجلد الناعم لا تزال أكثر عرضة للانقراض مقارنة بالطيور أو الثدييات. 

وجد فريق الدراسة أن 118 نوعاً تعرضت للانقراض بين عامي 2004 و2022. بالإضافة إلى أن نحو 40% من الأنواع التي خضعت للدراسة لا تزال مصنفة على أنها مهددة بالانقراض. تغطي هذه الدراسة أيضاً نحو 94% من أنواع البرمائيات المعروفة في عام 2022. وفقاً للودكي، يُكتشف نحو 155 نوعاً جديداً من البرمائيات سنوياً، لذلك، من المحتمل وجود مزيد من الأنواع لإضافتها إلى التقييم العالمي القادم للبرمائيات. يشكل تغير المناخ وفقدان الموائل العاملين الأساسيين وراء انخفاض أعداد البرمائيات.

تشير تقديرات الفريق إلى أن تأثيرات تغير المناخ الحالية والمتوقعة مسؤولة عن نسبة 39% من تدهور حالة البرمائيات منذ عام 2004. أثر فقدان الموائل أيضاً على نحو 37% من الأنواع خلال تلك الفترة.

ما الذي يجعل البرمائيات عرضة لتأثيرات التغير المناخي؟

تتعرض البرمائيات لخطر أكبر في مواجهة تغيرات الكوكب بسبب جلدها الفريد الذي تعتمد عليه في عملية التنفس. يمكن أن يؤثر تكرار العواصف والفيضانات وحالات الجفاف والتغيرات في مستويات الرطوبة ودرجة الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر على المواقع التي تعتمد عليها البرمائيات للتنفس.

تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة وعالمة الزواحف سابقاً في جامعة بورتوريكو (University of Puerto Rico)، باتريشيا بوروز (Patricia Burrowes)، خلال مؤتمر صحفي: “لا تمتلك البرمائيات أي حماية في الجلد مثل الريش أو الشعر أو الحراشف. لذلك، فهي تميل بشدة إلى فقدان الماء والحرارة عن طريق الجلد، فغالبية الضفادع تنشط في أثناء الليل، أما عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة جداً، فلا تخرج من مواقعها لأنها تفقد كثيراً من الماء حتى في مواقع احتمائها، وبالتالي، لن تمتلك الطاقة الكافية للخروج والبحث عن الطعام، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر الظروف الحارة سلباً على نمو الضفادع وقدرتها على التكاثر، ويمكن أن يؤثر ذلك على التوزع الديموغرافي أيضاً”. 

استمرت زيادة حالات الانقراض مع تسجيل 37 حالة في عام 2022. في المقابل، أُبلغ عن انقراض 23 نوعاً بحلول عام 1980 و33 نوعاً في عام 2004. وفقاً للتقرير، فإن أحدث الأنواع التي انقرضت كانت ضفادع أتيلوبوس تشيريكوينسيس (Atelopus chiriquiensis)، أو ضفدع لويس قصير القدم، من كوستاريكا وغرب بنما وضفدع النهار ذو الخطم الحاد (Taudactylus acutirostris) من أستراليا.

تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة والمنسقة التي تعمل على تحديد أولويات الأنواع المهددة بالانقراض وتطوير المعايير لمراقبة حالة هذه الأنواع في مؤسسة ري: وايلد (Re:wild) للحفاظ على الحياة البرية، كيلسي نيام (Kelsey Neam)، خلال مؤتمر صحفي: “تُعد البرمائيات جزءاً أساسياً من النظام البيئي بسبب الدور الذي تؤديه في الشبكة الغذائية، فهي فريسة لكثير من أنواع الحيوانات، لذلك، في حال عدم وجودها تفقد هذه الحيوانات مصدراً رئيسياً لغذائها، وبالتالي، تلجأ إلى افتراس غيرها من الحيوانات مثل الحشرات واللافقاريات الأخرى. لذلك، في حال انقراض البرمائيات، سنشهد انهياراً للشبكة الغذائية”.

اقرأ أيضاً: ابتكار ثوري يساعد في الحفاظ على مستقبل الحيوانات المهددة بالانقراض

الأوبئة التي تنتشر بين البرمائيات

كانت البرمائيات الأكثر تضرراً هي السلمندر (salamanders) وسمندل الماء (newts)؛ إذ يواجه 3 من أصل 5 أنواع من السلمندر خطر الانقراض. على الرغم من أن فقدان الموائل يمثل التهديد الأساسي للسلمندر، فإنه معرض بصورة خاصة لمرض يسمى “داء الفطار الكيتريديمي” أو (chytridiomycosis). ينجم هذا المرض عن مسببات الأمراض الفطرية التي تسببها الفطريات الكيتريدية (chytrid fungus)، والتي تؤدي بدورها إلى حدوث اضطرابات في جلد البرمائيات ووظائفها الفسيولوجية. عند الإصابة بالمرض، لا تستطيع البرمائيات إعادة ترطيب أجسامها على نحو صحيح، ما يؤدي إلى خلل في توازن الكهارل في الجسم، وبالتالي، يسبب نوبات قلبية قاتلة.

عُثر على السلمندر الأخضر هيكوري نوت جورج (The Hickory Nut Gorge)، الذي يسمى أيضاً "أنيادس كاريانسيس" (Aneides caryaensis)، في ولاية كارولينا الشمالية، وهو مدرج على أنه مهدد بالانقراض بشدة. المصدر: تود بيرسون
عُثر على السلمندر الأخضر هيكوري نوت جورج (The Hickory Nut Gorge)، الذي يسمى أيضاً “أنيادس كاريانسيس” (Aneides caryaensis)، في ولاية كارولينا الشمالية، وهو مدرج على أنه مهدد بالانقراض بشدة. المصدر: تود بيرسون

تقول بوروز: “يؤدي الجفاف إلى تفاقم شدة العدوى، عندما تتغير كميات الأمطار ودرجات الحرارة، فإن ذلك يؤثر على قدرة الضفادع على تنفيذ الآليات الدفاعية التي تستخدمها للبقاء على قيد الحياة والتصدي للتهديدات المحتملة”. تضم أميركا الشمالية أكثر مجموعات السلمندر تنوعاً في العالم، ويشمل ذلك مجموعة من السلمندرات عديمة الرئة في جبال الأبالاش (Appalachian Mountains). تثير هذه المخاوف قلق دعاة الحفاظ على البيئة بشأن ما سيحدث إذا وصل مرض فطري قاتل آخر يسمى “باتراكوكيتريوم سلامندريفورانس” (Batrachochytrium salamandrivorans)، أو “بي. سال” (B.sal)، إلى الأميركيتين من آسيا أو أوروبا.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد التطفل بعض الأنواع على الانتشار؟

نحن نعرف ما يجب أن نفعله

يشير التقرير إلى أهمية اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لمساعدة هذه الكائنات الحيوية والحفاظ عليها. يشير المؤلفون إلى إطار كونمينغ- مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي (Kunming-Montreal Global Biodiversity Framework) الذي اعتمدته أكثر من 190 دولة وقعت على الاتفاقية في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي الذي عُقد في شهر ديسمبر/أيلول 2022.

تعهدت الدول الموقعة على الإطار العالمي للتنوع البيولوجي باتخاذ إجراءات لوقف الانقراضات الناجمة عن النشاطات البشرية، وتقليل احتمالية انقراض الأنواع بمعدل 10 مرات، بالإضافة إلى إعادة الأنواع المهددة إلى مستوى جيد. تقول لودكي: “نحن نعرف ما يجب أن نفعله، حان الوقت لتخصيص الموارد لتحقيق التغيير الذي نريده، سيستفيد البشر والبرمائيات على حد سواء من الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الكائنات وتعزيز استدامتها في البيئة”.