ما هي خدعة اليد المطاطية التي قد تفيد في علاج مرضى الشلل والأطراف المبتورة؟

ما هي خدعة اليد المطاطية التي قد تفيد في علاج مرضى الشلل والأطراف المبتورة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Master1305
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يدمج الدماغ الأحاسيس بطريقةٍ فريدة، وكلما اقترب العلم خطوةً من فهم الطريقة التي يعمل بها الدماغ حقاً يجد أن الطريق أمامه ما زال طويلاً ومليئاً بالمفاجآت. فهل كان يُخيل لك أن الدماغ قادر على الإحساس بيد مطاطية وكأنها جزء حقيقي من الجسم؟ هذه كانت نتائج الخدعة المطاطية التي أثبتت نتائجها دراسة نُشرت في دورية المكتبة الوطنية للعلوم الطبية وترأستها الطبيبة فرانشيسكا غاباريني، وهي باحثة في علم النفس من جامعة تورينو الإيطالية.

اقرأ أيضاً: الأطباء يسجلون الموجات الدماغية للمرضى بهدف فهم الآلام المزمنة

ماذا تتضمن خدعة اليد المطاطية؟

في خدعة اليد المطاطية، يتم حجب يد الشخص عن أنظاره تماماً ويتم وضع يد مطاطية في المكان الذي قد يتوقع الفرد أن يرى يده فيه، ويختلف ذلك عن وضع اليد في صندوق ذي مرآة كي يرى انعكاس يده المقابلة وكأنها يده الثانية، فهذه خدعة أخرى. ببساطة الهدف هو تحقيق تطابق تام بين اليد الحقيقة واليد المطاطية لكي نوقع الدماغ في الخدعة.

وعند مداعبة أو ضرب اليد المطاطية بلطف، فإن الشخص يشعر وكأن يده الأصلية هي التي تُداعب أو تُضرب، وهذا ليس بدليل إلّا على أن أسس الوعي الذاتي للدماغ قد تأثرت، إذ بات الدماغ يعتقد أن اليد ملكيته الخاصة، وبناءً على ذلك قام بدمج المعلومات الحسية البصرية واللمسية مع معلومات الحس العميق لتظهر النتائج على الشكل السابق، حيث تبرأ الدماغ من اليد الحقيقية كاملةً.

قالت عالمة النفس غارباريني بهذا الخصوص: “إنه لأمر مذهل كيف للشعور بملكية الجسم أن يتغير، لهذا الأمر أهمية خاصة عند مرضى الشلل أو المرضى ممن تعرضوا لبتر أحد الأطراف”.

اقرأ أيضاً: 5 أمراض تصيب مراكز اللغة في الدماغ

ماذا يحدث إن حُفِزت كلُّ من اليد الحقيقية واليد المطاطية في الوقت نفسه؟

قام أحد الباحثين بضرب الإصبع الأوسط بلطف ليد المشارك الحقيقية بينما قام في الوقت نفسه بضرب الإصبع ذاته على اليد المطاطية دون إعلامه باليد التي سيبدأ الباحث بتحريضها، وكانت النتائج مبهرة. حيث قال المشاركون في الدراسة إن الشعور عند لمس اليد المطاطية كان أكثر حقيقيةً من الشعور عند لمس اليد الحقيقة.

كما أن غارباريني استخدمت تقنية التحفيز المغناطيسي لتحفيز نبضات كهربائية صغيرة في الجزء من الدماغ الذي يتحكم في حركة اليد، وتتبع السيالة العصبية التي تنتقل عبر الحبل الشوكي وعلى طول الذراع واليد. وفي خدعة اليد المطاطية، تبين انخفاض واضح في قوة النبضات الكهربائية التي وصلت من اليد الحقيقية -أي التشنج العضلي فيها كان ضعيفاً ما يعني أن استجابتها كانت ضعيفة- وكأن الدماغ قد أنهى بشكلٍ فعّال استعداده لاستخدام اليد، حيث قالت غاباريني: “النتائج توجّه إلى أن الدماغ لم يعد يعتبر اليد الحقيقية جزءاً من الجسم، ففي ظل وهم اليد المطاطية يبدو الدماغ بالفعل أقل استعداداً لاستخدام اليد الحقيقية”.

وعند تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي، تبين وجود فاعلية ونشاط دماغي أكبر في القشرة الدماغية المسؤولة عن الحركة عند تحريض اليد المطاطية مقارنة بنشاط الدماغ عند تحريض اليد الحقيقية. والأمر لم يتوقف عند ذلك، فعند فحص درجة حرارة الجسم، تبين أنها بقيت ثابتة في كامل أقسامه إلّا أنها بدأت بالانخفاض تدريجياً في اليد الحقيقة المخفية، الأمر الذي يُعد مثيراً للاهتمام كيف أن الدماغ قادر على تعديل استجابته وتنظيمه الحرارة بهذا الشكل أيضاً.

اقرأ أيضاً: الكتابة على الورق تحفز الدماغ مقارنة بالكتابة على الأجهزة الإلكترونية

ما الآفاق المستقبلية لنتائج خدعة اليد المطاطية؟

بينما كان يعتقد سابقاً أن الحركة هي الغراء الذي يربط الجسد بالنفس، تبين أن هناك أبعاداً أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار وربما نحن لسنا نخدع الدماغ بوهم اليد المطاطية بل هو الذي يخدعنا. اختتمت غاباريني الدراسة آملةً أن تفتح هذه الخدعة أبواباً جديدة وآفاقاً لتحسين الاستراتيجيات التي يستخدمها الأطباء لإعادة تأهيل الأفراد ممن فقدوا الإحساس بأطرافهم نتيجة الشلل أو السكتة الدماغية، بالإضافة إلى ضحايا بتر الأطراف.