ظاهرة تحدث لأول مرة: العثور على دودة طفيلية حية في دماغ امرأة أسترالية

ظاهرة تحدث لأول مرة: العثور على دودة طفيلية حية في دماغ امرأة أسترالية
صورة بالرنين المغناطيسي لدماغ المريضة باستخدام تقنية استعادة الانعكاس المخفف لسائل الدماغ، تُظهر وجود إصابة في الفص الجبهي الأيمن (على اليسار). صورة تُظهر يرقة الدودة المستديرة، أوفيداسكاريس روبرتسي (Ophidascaris robertsi)، بعد إزالتها من الفص الجبهي الأيمن للمريضة (على اليمين). محراب حسين/ كارينا كينيدي/ هيذر ويلسون.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

استخرجت جرّاحة أعصاب في أستراليا، دودة حية يبلغ طولها نحو 8 سنتيمترات من دماغ سيدة تبلغ من العمر 64 عاماً في يونيو/ حزيران عام 2022. عُثر على يرقات دودة مستديرة من نوع أوفيداسكاريس روبرتسي (Ophidascaris robertsi)؛ وهو نوع من الديدان التي تنتشر في أستراليا، في أعضاء أخرى من جسم المريضة مثل الكبد والرئتين. هذه أول حالة بشرية للإصابة بهذه العدوى الطفيلية؛ إذ وُصفت في دراسة حالة نشرت في شهر سبتمبر/ أيلول عام 2023 في مجلة الأمراض المعدية الناشئة (Emerging Infectious Diseases).

أعراض سابقة لاكتشاف الدودة

دخلت المريضة لأول مرة إلى المستشفى المحلي في أواخر شهر يناير/ كانون الثاني 2021 بعد تعرضها لإسهال وآلام في البطن لمدة 3 أسابيع، أعقبها سعال جاف وتعرق ليلي وحمى. بحلول شهر يونيو/ تموز 2022، بدأت تعاني أعراض النسيان والاكتئاب، وبسبب هذه الأعراض الجديدة، أُحيلت إلى مستشفى كانبيرا (Canberra Hospital) لتلقي العناية الطبية. في أثناء وجودها في المستشفى، خضعت لعملية جراحية في الدماغ عندما كشف التصوير بالرنين المغناطيسي عن بعض التغيرات غير الطبيعية في الدماغ.

وخلال أخذ عينة من الأنسجة، استخدمت جرّاحة الأعصاب، هاري بريا باندي (Hari Priya Bandi) ملقطاً لسحب الدودة الطفيلية من دماغ السيدة. وفقاً لصحيفة الغارديان، اتصلت باندي على الفور بطبيب الأمراض المعدية في مستشفى كانبيرا، سانجيا سينانايكي (Sanjaya Senanayake)، وقالت له: “يا إلهي، لن تصدق ما وجدته للتو في دماغ هذه السيدة؛ إنها دودة على قيد الحياة وتتحرك بنشاط”!

اقرأ أيضاً: العلماء يتمكنون من ترجمة النشاط الدماغي للبشر لألحان موسيقية

دودة حية وتتحرك بنشاط!

وفقاً لدراسة الحالة؛ فإن هذه أول إصابة بشرية بعدوى الديدان المستديرة من نوع أوفيداسكاريس كما أنها أول حالة تصيب دماغ نوع من الثدييات. هذه الديدان منتشرة لدى ثعابين السجاد وتعيش عادة في مريء الثعبان ومعدته. لذلك لا تُعد الإصابة بيرقات ديدان أوفيداسكاريس روبرتسي طبيعية بالنسبة إلى الإنسان؛ إذ إنه ليس المضيف الأصلي المعتاد لهذه الطفيليات.

يقول سينانايكي الذي شارك في دراسة الحالة، في بيان صحفي: “توجد يرقات الديدان المستديرة عادة في الثدييات الصغيرة والجرابيات التي يتغذى عليها الثعبان؛ ما يسمح لهذه الطفيليات بإكمال دورة حياتها داخل جسم الثعابين”.

كيف أُصيبت السيدة بالدودة؟

يعتقد الباحثون أن المرأة، التي تنحدر من جنوب شرق ولاية نيو ساوث ويلز، ربما أصيبت بهذه الدودة المستديرة بعد جمع أعشاب محلية تسمَّى “الووريغال” (Warrigal) إلى جوار بحيرة قريبة؛ إذ يمكن أن تكون هذه الأعشاب ملوثة بفضلات الثعابين وبيوض الديدان الطفيلية. استخدمت المريضة أعشاب الووريغال الخضراء (Warrigal greens) للطهو ومن المحتمل أن تكون الدودة انتقلت من فضلات الثعابين إلى أوراق الأعشاب ومنها إلى السيدة إما عن طريق اللمس وإما عن طريق الأكل.

شكل يرقة دودة أوفيداسكاريس روبرتسي (Ophidascaris robertsi) الحية في المرحلة الثالثة من تطورها؛ إذ يبلغ طولها 8 سنتيمترات تقريباً وقطرها 1 ملليمتر فقط، وتُمكن رؤية الدودة تحت المجهر المجسم الثلاثي الأبعاد.
شكل يرقة دودة أوفيداسكاريس روبرتسي (Ophidascaris robertsi) الحية في المرحلة الثالثة من تطورها؛ إذ يبلغ طولها 8 سنتيمترات تقريباً وقطرها 1 ملليمتر فقط. تُمكن رؤية الدودة تحت المجهر المجسم الثلاثي الأبعاد. حقوق الصورة: محراب حسين/ كارينا كينيدي/ هيذر ويلسون.

وفقاً للفريق؛ تسلّط هذه الحالة الأولى من نوعها في العالم، الضوء على خطر انتقال الأمراض والعدوى من الحيوانات إلى البشر، أو ما يُسمى “انتقال الأمراض الحيوانية المصدر”. يتصاعد هذا الخطر مع زيادة التفاعل والتواصل بين البشر والحيوانات واستمرار تداخل البيئات الطبيعية التي يعيش فيها كل منهما.

خطر انتقال الأمراض حيوانية المصدر

يقول سينانايكي: “سُجل نحو 30 مرضاً جديداً في العالم خلال آخر 30 سنة، وتشير التقديرات إلى أن نحو 75% من الأمراض الناشئة على مستوى العالم هي أمراض حيوانية المصدر؛ أي إن هذه الأمراض انتقلت من الحيوانات إلى البشر، ويشمل ذلك فيروس كورونا، لا تنتقل عدوى الديدان المستديرة أوفيداسكاريس بين البشر، ولذلك؛ لن تسبب جائحة مثل السارس أو كوفيد-19 أو الإيبولا. وعلى الرغم من ذلك، توجد الثعابين والطفيليات في أجزاء أخرى من العالم. لذلك؛ من المرجح تسجيل حالات أخرى في دول مختلفة في السنوات القادمة”.

غادرت المريضة المستشفى بعد إجراء العملية الجراحية، ووُصفت لها أدوية مضادة للطفيليات ولم تعد إلى المستشفى منذ ذلك الحين؛ لكن ما يزال الفريق الطبي يراقب حالتها لأن هذه العدوى جديدة نسبياً.

على الرغم من أن هذه الحالة نادرة ومثيرة للاهتمام، فإن الإصابة بالعدوى الطفيلية شائعة جداً. تُعد عدوى الدودة الدبوسية (pinworm) أو الدودة الخيطية، التي تسمى أيضاً “إنتيروبيوس فيرميكولاريس” (Enterobius vermicularis)، أكثر أنواع العدوى الطفيلية انتشاراً، ويشير بعض التقديرات إلى إصابة أكثر من مليار شخص حول العالم بهذه العدوى. تصيب هذه العدوى الإنسان فقط، ويمكن أن تسبب حكة شديدة وتنتقل من شخص إلى آخر.

اقرأ ايضاً: هل يمكن أن يقلل التفاعل مع الحيوانات الأليفة من خطر الإصابة بالتحسس الغذائي؟

بالإضافة إلى ذلك، يوجد نوعان من الدودة الشصية (hookworm) في التربة؛ وهما نيكيتور أميريكانيس (Necator americanis) والأنسيلوستوما الاثني عشرية (Ancylostoma duadonale). تعيش الأنسيلوستوما الاثني عشرية فقط في أستراليا، ولا سيّما في المناطق النائية، وتدخل هذه الديدان عادة إلى مجرى الدم عبر القدمين.

يقول الأستاذ المساعد وطبيب أمراض الجهاز الهضمي في جامعة ويسترن سيدني (Western Sydney University)، فينسنت هو (Vincent Ho): “يمكن تجنب الإصابة بالعدوى الطفيلية من خلال الابتعاد عن تناول اللحم غير المطبوخ جيداً أو النيء، وتجنب السباحة أو القفز في المياه الدافئة والعذبة، وغسل اليدين جيداً، وارتداء الأحذية في المناطق النائية”.