وجدت دراسة منشورة في دورية فرونتيرز للأورام في أبريل/نيسان 2024 ارتفاعاً في حالات الإصابة بسرطان الثدي بين نساء الخليج، وتبين في الدراسة أن سرطان الثدي في دول مجلس التعاون الخليجي يُبدي صفات متميزة عن تلك الموجودة في باقي أنحاء العالم وبحاجة إلى توصيات علاجية متخصصة بالمنطقة، فما هي تفاصيل هذه الدراسة؟ وما واقع سرطان الثدي في دول الخليج؟
اقرأ أيضاً: ما هو سر ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان في مرحلة الشباب لدول الشرق الأوسط؟
ما هي أسباب زيادة انتشار سرطان الثدي في دول مجلس التعاون الخليجي؟
أجرت الدراسة مجموعة بحثية بقيادة الدكتور حميد الشامسي، أستاذ الأورام في كلية الطب بجامعة الشارقة وجامعة عجمان، والذي ينشر على حسابه على منصة لينكدإن عدة منشورات توعوية عن السرطان بشكلٍ عام. وضمت اللجنة 9 أطباء أورام من أربع دول خليجية هي الكويت والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، والتي تشكّل إلى جانب عُمان والبحرين دول مجلس التعاون الخليجي. وأسند الباحثون سبب ازدياد انتشار سرطان الثدي لدى النساء في بلدان الخليج إلى العوامل التالية:
- العوامل الوراثية، أي وجود طفرات ومتغيرات جينية تؤهب للإصابة بمرض الثدي، موروثة أو نشأت في الحمض النووي الخاص بالشخص.
- فطام الأطفال في وقتٍ مبكر عن الوقت الطبيعي.
- انتشار العلاج الهرموني لمنع الحمل واستخدام حبوب منع الحمل ووسائل منع الحمل الأخرى.
- السمنة.
- انقطاع الطمث في سن متأخرة.
- بدء الحيض في سن مبكرة، أي تحدث الدورة الشهرية الأولى للفتاة قبل السن المتوسط للبلوغ.
- التقدم بالعمر.
- تكثُّف أنسجة الثدي.
ويشير المؤلفون إلى وجود زيادة ثابتة في معدل الإصابات بسرطان الثدي بين النساء في بلدان الخليج، ووجدوا أن العوامل الوراثية مسؤولة عن نحو 10-30% من حالات سرطان الثدي، و16% من هذه الحالات الوراثية مرتبطة بطفرات تُصيب الحمض النووي للأعراس الجنسية التي تكوّن الجنين من الأهل، وذلك في الجينات المسؤولة عن الإصابة بسرطان الثدي (BRCA1،BRCA2)، وتسهم هذه الجينات في إنتاج بروتينات تعمل على إصلاح الحمض النووي التالف، وفي حال كانت مصابة بخلل سينشأ السرطان.
يناقش الدكتور الشامسي في هذا الفيديو الذي نشره على حسابه في لينكد إن بعض الأعراض الشائعة التي تدل على احتمال الإصابة بالسرطان، ما يسهم في طلب التشخيص المبكر وزيادة فعالية العلاج.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تربط بين تسارع الشيخوخة والسرطان المبكر
الاختلافات التي رصدها الباحثون بالإصابات بسرطان الثدي بين دول الخليج والغرب
قارن علماء الأورام الطفرات التي تُصيب جينات سرطان الثدي (BRCA1،BRCA2) لدى النساء اللاتي يعشن في الغرب ودول الخليج، فوجدوا تباينات في الحمض النووي والحمض النووي الريبوزي والبروتينات الخاصة بهذه الجينات، وتُعدّ هذه العناصر التي تحدد التركيب الجيني للخلايا أو الأنسجة.
شملت هذه الاختلافات ما يلي:
- سن ظهور سرطان الثدي: حيث تُشخَّص الإصابة بسرطان الثدي في دول الخليج بمتوسط 10 سنوات قبل تشخيصها بدول الغرب، أي يكون عمر المرأة بالمتوسط أقل من 48 سنة عندما تُكتشف حالة المرض، بينما في الغرب يكون عمرها 60 سنة وسطياً.
- معدلات البقاء على قيد الحياة بعد العلاج: أفادت الدراسة بأن معدل البقاء على قيد الحياة الإجمالي مدة 5 سنوات للنساء المصابات بسرطان الثدي في المرحلة الأولى للسرطان في الغرب بلغ 99% وللمرحلة الثانية من السرطان 86%، ويتراوح معدل البقاء على قيد الحياة مدة 5 سنوات في منطقة دول الخليج بين 63-89%، مع تسجيل أعلى معدل للبقاء على قيد الحياة مدة 5 سنوات في الإمارات العربية المتحدة وأدنى معدل في البحرين.
- وجود أنواع فرعية لسرطان الثدي أكثر عدوانية: تمتلك دول الخليج معدلات إصابة أقل من النوع الفرعي اللمعي لسرطان الثدي، وهو نوع من أنواع سرطان الثدي التي تبدأ بالبطانة الداخلية (اللمعية) للقنوات الثديية، وتشكّل حالات سرطان القنوات الغازي الغالبية العظمى من حالات سرطان الثدي في دول الخليج بنسبة 82.1-93% وهو نوع سرطان ثدي يُصيب قنوات إفراز الحليب وينتقل لأنسجة أخرى في الثدي، ونسبة حالات فرط التعبير عن مستقبلات الهيرسبتين (HER2) في سرطان الثدي بدول الخليج هي 19.2-29.5% وهذا النوع من سرطان الثدي يكون سريع النمو ويمكن أن يعاود الإصابة بعد العلاج، ونسبة 14.3-26.9% من إصابات سرطان الثدي بدول الخليج تكون بسرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC)، وهو نوع سرطان غازي سريع الانتشار ويكون تشخيصه وعلاجه صعباً.
- ارتفاع معدل وفيات النساء بسبب سرطان الثدي: ويرجع السبب في ذلك إلى المرحلة المتأخرة التي يتم فيها تحديد المرض، حيث تشير الأدلة إلى أن نحو 46.2-54% من مريضات سرطان الثدي يُشخَّصن في مرحلة متقدمة من المرض.
يعني وجود صفات مختلفة لسرطان الثدي في دول الخليج مقارنة بغيرها من الدول أنه يجب تطوير طرق تشخيص وعلاج مختلفة، معتمدة على الحاجة الفريدة في دول الخليج، وهنا يبرز دور الطب الشخصي لتحسين الوقاية والتشخيص والعلاج لهذا السرطان، علماً أن سرطان الثدي يُعدّ أكثر أنواع السرطان انتشاراً في دول الخليج، والسبب الرئيسي للوفاة بسبب السرطان بين النساء، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تربط السجائر الإلكترونية مع زيادة خطر حدوث السرطان
توصيات باحثي الدراسة لتدارك ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الثدي في دول الخليج
أشار مؤلفو الدراسة إلى أن تحديد نوع الطفرات في جينات سرطان الثدي (BRCA) سيساعد أطباء الأورام على اتخاذ القرار الصحيح فيما يتعلق باتباع المبادئ التوجيهية الخاصة بمنطقة الخليج العربي، أي سيختارون نوع الجراحة الاستئصالية ونوع العلاج الكيميائي الإشعاعي المناسب لكل حالة وفقاً للطفرات في هذه الجينات.
تشمل التوصيات الرئيسية للباحثين في الدراسة ما يلي:
- جعل جراحة الثدي المُحافِظة، أي التي لا تتطلب استئصال الثدي بالكامل، متاحة لمعظم المرضى المصابين بسرطان الثدي المبكر المتحور بجين (BRCA) لضمان نتائج تجميلية جيدة.
- جعل العلاجات الإضافية متاحة لمرضى سرطان الثدي بعد إكمال العلاج الكيميائي وغيره من العلاجات الأولية لتقليل فرصة عودة المرض.
- مراقبة حواف منطقة استئصال الثدي بعد الجراحة.
- بدء العلاج الإشعاعي بعد جراحة استئصال الثدي، وخاصةً للحالات التي بها إصابة بالعقد الليمفاوية.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تتحدى الافتراضات القديمة حول أسباب السرطان
يؤكد المؤلفون أنه على الرغم من التقدم المحرز في مكافحة سرطان الثدي وتوفر أساليب العلاج الحديثة، فإن المنطقة لا تزال بحاجة إلى المزيد من التحسينات الملائمة للحاجة المحلية من أجل الوصول إلى المستويات التي حققتها الدول الغربية في علاج هذا المرض.