أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن، أن طنين الأذن ينتج عن تلف ألياف في العصب السمعي لا يمكن كشفه بواسطة اختبارات السمع التقليدية، كما حددوا الخطوة الأولى نحو إيجاد علاج له.
محاولات سابقة لتحديد أسباب طنين الأذن
كان يُفسَّر طنين الأذن سابقاً على أنه عدم قدرة الدماغ على التكيُّف مع فقدان خفي للسمع، حيث يحاول الدماغ تعويض فقدان السمع عن طريق زيادة نشاط الخلايا العصبية المشاركة في الإدراك، ما يؤدي إلى إدراك الصوت "الوهمي"، وهو الطنين. لم تكن هذه الفكرة مقنعة لدى الجميع، خاصة وأن بعض الذين يعانون طنين الأذن لديهم اختبارات سمعية طبيعية.
أنعش هذه الفرضية دراسات الباحثين من مستشفى ماساتشوستس للعين والأذن أيضاً عام 2009، فقد ثبت حينها أن المرضى الذين لديهم اختبار سمع طبيعي يمكن أن يتعرضوا لتراجع كبير في العصب السمعي.
اقرأ أيضاً: هل يسهم الجسد جنباً إلى جنب مع الدماغ في القدرات الإبداعية؟
الدراسة الحديثة تحدد السبب الرئيسي وراء طنين الأذن
درس الباحثون الآن ارتباط اعتلال الحلزون العصبي، الذي يشار إليه عادةً باسم "فقدان السمع الخفي"، بأعراض طنين الأذن التي تعاني منها مجموعة من المشاركين ذوي السمع الطبيعي. ووجدوا أنه بالإضافة إلى فقدان بعض الألياف في العصب السمعي، تكون الخلايا العصبية الموجودة في جذع الدماغ أكثر نشاطاً في الاستجابة للضوضاء لدى الأشخاص الذين يعانون طنين الأذن المزمن مقارنة بأولئك الذين لم يسبق لهم تجربة ذلك.
وجذع الدماغ هي منطقة في الجزء السفلي من الدماغ تتصل بالحبل الشوكي وتمر عبرها الإشارات بواسطة الألياف العصبية السمعية إلى القشرة السمعية في الدماغ، والتي تفسّر الإشارات على أنها أصوات.
اختبر الباحثون في الدراسة المنشورة مؤخراً في دورية ساينتفيك ريبورتس، 201 شخص قالوا إنهم لم يصابوا بطنين الأذن مطلقاً في حياتهم، و64 شخصاً عانوه في مرحلة ما من الحياة، و29 شخصاً يعانون طنين الأذن المزمن، ما يعني أن الأعراض مستمرة لديهم مدة ستة أشهر على الأقل. اختبر الباحثون سمع المشاركين عبر تخطيط السمع.
أظهرت نتائج تخطيط السمع أن المشاركين جميعهم يتمتعون بسمع طبيعي. لكن عندما وضع الباحثون أقطاباً كهربائية في آذان المشاركين وقاسوا النشاط الكهربائي للعصب السمعي وجذع الدماغ استجابة لأصوات النقر، اكتشفوا أن الأشخاص الذين يعانون طنين الأذن لديهم تلف في نوع معين من الألياف التي تستجيب للأصوات العالية.
عموماً، عندما يستمع شخصٌ ما إلى أصواتٍ هادئة، يحتاج إلى الاعتماد على مجموعة واحدة فقط من الألياف العصبية السمعية التي تستجيب للأصوات الهادئة، لكن عندما يكون الشخص في بيئة صاخبة، فإنه يحتاج أيضاً إلى الألياف العصبية السمعية التي تستجيب للأصوات الأعلى.
قد تتضرر الألياف العصبية السمعية التي تستجيب للأصوات الأعلى مع التقدم في السن أو نتيجة التعرض المفرط للضوضاء. ولا يمكن اكتشاف هذا الضرر من خلال اختبارات السمع المنتظمة التي تُقيّم فقط قدرة الشخص على سماع الأصوات الهادئة. قد يفسّر هذا "فقدان السمع الخفي" حيث يُقيَّم الأشخاص على أنهم يتمتعون بسمع طبيعي على الرغم من صعوبة السمع في البيئات الصاخبة.
وبالتالي يوفق هذا العمل "بين فكرة أن طنين الأذن قد ينجم عن فقدان العصب السمعي، بمن في ذلك الأشخاص ذوو السمع الطبيعي" على حد تعبير ستيفان إف ميزون الباحث الرئيسي في الدراسة ومدير عيادة طنين الأذن في المستشفى.
اقرأ أيضاً: الكتابة على الورق تحفز الدماغ مقارنة بالكتابة على الأجهزة الإلكترونية
الخطوة الأولى نحو إيجاد العلاج
تشير الدراسة الجديدة إلى أنه يمكن علاج طنين الأذن من خلال إصلاح ألياف العصب السمعي التالفة. على سبيل المثال، قد يكون من الممكن علاج طنين الأذن عن طريق تجديد العصب السمعي باستخدام عوامل نمو تُسمَّى التغذية العصبية. وهذا يعني أن الدماغ لن يضطر بعد الآن إلى تعويض فقدان السمع، وبالتالي قد يهدأ طنين الأذن لدى الشخص، لكن من غير المرجح أن يكون مثل هذا العلاج متاحاً قريباً.
ويؤكد ميزون أن هذه الدراسة تشكّل "الخطوة الأولى نحو هدفنا النهائي المتمثل في إسكات طنين الأذن"، حيث "لن نكون قادرين على علاج طنين الأذن حتى نفهم بشكل كامل الآليات الكامنة وراء نشوئه". وأضاف: "فكرة أن يتمكن الباحثون يوماً ما من إعادة الصوت المفقود إلى الدماغ، وربما تقليل نشاطه المفرط بالتزامن مع إعادة التدريب، تجعل الأمل في العلاج أقرب إلى الواقع".