يحتوي البول على علامات تشير إلى الإصابة بمرض السكري. كما أن نقص إنتاج البول يمكن أن يشير أيضاً إلى الإصابة بهذا المرض. وتمكّن العلماء أخيراً من إيجاد تفسير محتمل لذلك. وجدت دراسة نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز في 20 سبتمبر/ أيلول 2022، أن مرض السكري يقلل من نسب ببتيد يحمل اسم سورياسين يؤدي دور مضاد حيوي داخلي. عندما تنخفض نسب هذا الببتيد، يضعف ذلك القدرة الوظيفية لحاجز الخلايا البولية للمثانة، ما يسهّل على البكتيريا الانتقال إلى الإحليل ومنه إلى المثانة، ما يتسبب بالإصابة المتكررة بالتهاب المسالك البولية.
يعاني نحو 11.3% من الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة من مرض السكري. ولم يتم تشخيص سوى 8.5 مليون حالة من أصل 37.3 مليون حالة. يتسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم الناتج عن مرض السكري بإضعاف جهاز المناعة، ما يزيد من فرص الإصابة بحالات العدوى بشكل متكرر، وتتضمن هذه الحالات التهابات المسالك البولية. يقول آدم رامين (Adam Ramin)، طبيب المسالك البولية والمدير الطبي لأخصائيي سرطان المسالك البولية، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة إن مرضى السكري يميلون أيضاً لأن يعانوا من سلس البول أو من عدم القدرة على إفراغ المثانة بشكل غير كامل، ما قد يؤدي أيضاً للإصابة بالتهابات المسالك البولية.
تقول أنيلي برونر (Annelie Brauner)، باحثة علم الأحياء الدقيقة في معهد كارولينسكا في السويد والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة: "مرض السكري هو مرض شائع للغاية يؤثر على حياة الكثيرين ويغيرها في الكثير من النواحي". بالإضافة إلى ذلك، يتم علاج التهابات المسالك البولية عادة باستخدام المضادات الحيوية، ما يزيد من خطر تطور سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية ويولّد الحاجة لتطبيق طرق بديلة لعلاج العدوى أو الوقاية منها.
اقرأ أيضاً: كم يمكن لمريض السكري أن يتناول يومياً من الخبز؟
تفسير العلاقة بين التهاب المسالك البولية والسكري
قام فريق الباحثين بتجميع خلايا المثانة البولية وعينات الدم التي تعود للأشخاص المصابين بالنوع الأول أو الثاني من مرض السكري، أو لهؤلاء الذين يعانون من حالة مقدّمات السكري، وذلك للبحث في العلاقة المحتملة بين مستويات الغلوكوز ومستويات الببتيد المضاد للميكروبات الذي يحمل اسم سورياسين. تؤدي الببتيدات المضادة للميكروبات مثل سورياسين دور المضادات الحيوية الطبيعية الموجودة في الجسم، والتي تحمل اسم المضادات الحيوية الداخلية. يتمثّل دور هذه الببتيدات بتدمير البكتيريا التي تدخل الجسم. توضّح برونر أنه إذا كانت مستويات ببتيد سورياسين منخفضة، سيكون من الأسهل على البكتيريا أن تتسبب بالعدوى. تقول برونر: "فوجئنا بأن الاختلاف في مستويات هذا الببتيد بين الأشخاص المصابين بمرض السكري والأشخاص غير المصابين كان كبيراً للغاية".
اكتشف مؤلفو الدراسة أن ارتفاع مستويات السكر في الدم يرتبط بانخفاض مستويات ببتيد سورياسين. تسبب انخفاض مستويات هذا الببتيد بحدوث تغيّرات في أغشية خلايا المثانة وهياكلها الخلوية، ما أدى إلى إضعاف حاجز الرحم والسماح للمزيد من البكتيريا بالتدفّق عبر الإحليل إلى المثانة. وفقاً لرامين، فإن نتائج الدراسة الجديدة توضح مساراً محدداً يفسّر إصابة مرضى السكري بالتهابات المسالك البولية؛ إذ يقول: "يمثّل هذا الببتيد خط الدفاع الأول ضد البكتيريا في المثانة"، ويضيف: "نتيجة لأن قدرة المصابين بمرض السكري على إنتاج هذا البروتين منخفضة، فهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى".
اقرأ أيضاً: ظاهرة الفجر: لمَ تحدث عند مرضى السكري؟ وكيف يتم التعامل معها؟
نصائح لرفع مستويات ببتيد سورياسين
يتفق كل من رامين وبرونر على أنه من الضروري بالنسبة لمرضى السكري التحكم بمستويات سكر الدم لديهم. تؤدي الوقاية من ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم إلى تحسين وظيفة المناعة. ووفقاً للدراسة الجديدة، فإنه يساهم في رفع مستويات ببتيد سورياسين، ما يساعد في مقاومة البكتيريا. ينصح رامين أيضاً أن كلاً من الحفاظ على وزن جسم صحي وشرب كميات كافية من السوائل للحفاظ على رطوبة الجسم والوقاية من الإمساك يقلل من خطر الإصابة بالتهابات المسالك البولية.
هناك طريقة أخرى قد تساهم في رفع مستويات ببتيد سورياسين، وهي تلقي جرعات من الأستروجين. لاحظ فريق برونر في أبحاث سابقة أن الأستروجين يساعد في ترميم الفجوات بين الخلايا التي تبطّن الجدار البولي المتضرر. وفي الدراسة الجديدة، اختبر الفريق معالجة الخلايا التي تعرّضت لمستويات مرتفعة من الغلوكوز بالأستروجين. وجد الفريق أن هذا الهرمون يعيد نسب ببتيد سورياسين إلى مستوياتها الطبيعية ويعزز وظيفة خلايا النسيج الظِّهاري المسؤولة عن قتل البكتيريا الغازية. سريرياً، قد يدعم ذلك فكرة استخدام مكملات الأستروجين من قبل النساء المصابات بمرض السكري واللواتي تجاوزن سن اليأس. يقول رامين: "ننصح أحياناً النساء الأكبر سناً والمصابات بمرض السكري باستخدام الكريمات أو الأقراص المهبلية التي تحتوي على الأستروجين، والتي يمكن أن تساعد أيضاً في تقليل فرص الإصابة بالتهابات المسالك البولية".
اقرأ أيضاً: ما مدى تأثير داء السكري على الخصوبة والإنجاب عند الذكور والإناث؟
تقول برونر إن تعميق فهمها لسبب إصابة مرضى السكري بالتهابات المسالك البولية بشكل متكرر سيساعد في ابتكار طرق بديلة لعلاج هذه الالتهابات والوقاية منها، وربما حالات العدوى الأخرى المرتبطة بمرض السكري. بالإضافة إلى ذلك، تقول برونر إن النتائج الجديدة قد تساعد في نهاية المطاف في تفسير إصابة بعض الأشخاص الذين لا يعانون من مرض السكري بالتهابات المسالك البولية بشكل متكرر، وفي إيجاد طرق لمساعدتهم.