ما العلاقة بين إهمال تنظيف الأسنان والإصابة بألزهايمر؟ دراسة حديثة تُجيب

ما العلاقة بين إهمال تنظيف الأسنان والإصابة بألزهايمر؟ دراسة حديثة تُجيب
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في المرة القادمة التي يذكرك فيها طبيب الأسنان باستخدام خيط الأسنان، خذ كلماته على محمل الجد لأنها مفيدة ليس فقط لأسنانك وإنما لصحتك العقلية، إذ إن شيئاً من مفتاح الحفاظ على صحة الجهاز العصبي يكمن في الحفاظ على صحة الأسنان، حيث تساعد الصحة الفموية على منع التدهور المعرفي والخرف في وقتٍ لاحق من الحياة.

اقرأ أيضاً: إليك ما نعرفه عن أول دواء لمرض ألزهايمر

ما العلاقة التي قد تربط صحة الفم بصحة الدماغ؟

هناك مجموعة من الفرضيات التي تفسّر كيف لصحة الفم أن تؤثّر سلباً أو إيجاباً في الصحة المعرفية وفي صحة الدماغ. أحد أبرز هذه الفرضيات أن زيادة الالتهاب الذي يحدث في أمراض اللثة يزيد من معدل موت الخلايا ويعرقل إصلاحها، ما يؤدي إلى تراجعها وتراجع وظيفتها. 

من جهةٍ أخرى، يمكن يكون فقدان الأسنان أو سوء صحة الفم دليلاً على أن الفرد يعتمد على نظام غذائي غير صحي لا يوفّر العناصر الغذائية جميعها التي يحتاج إليها الجسم للحفاظ على صحة الدماغ. كذلك، يكون كبار السن ممن فقدوا أسنانهم ولم يستبدلوها بأطقم أسنان أكثر عرضة للخطر، لأن غياب الأسنان يعني اعتماد المُسن على أطعمة سهلة المضغ وهشة القوام، وغالباً ما تكون هذه الأطعمة فقيرة بالمغذيات، وأبعد من ذلك، لا يمكن أن نهمل الدور المؤثر للعوامل الاجتماعية والاقتصادية في الصحة الفموية أيضاً.

كل سن مفقودة تزيد من خطر الإصابة بالتدهور المعرفي

عند البحث في العلاقة بين فقدان الأسنان والتدهور الإدراكي، توصلت مجموعة من الباحثين، وعلى رأسهم “ستيفن دوميني” وهو باحث في علوم الهندسة الحيوية، إلى أن البالغين الذين فقدوا واحدة أو أكثر من أسنانهم في خطر متزايد للإصابة بالضعف الإدراكي وألزهايمر والخرف مقارنة بكبار السن ممن حافظوا على عدد أسنانهم وصحة فمهم.

والنتائج التي بيّنتها الدراسة كانت مثيرة للاهتمام؛ إذ إن كل سن مفقودة تزيد من سوء الحالة الصحية، ونُشرت نتائج الدراسة البحثية في دورية “ساينس أدفانسيس” (Science Advances).

رُبِط التهاب اللثة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب في البداية، إذ وجد العلماء أن نوعاً من البكتيريا، يُسمَّى “بورفيروموناس غينغيفاليس” قادر على الانتقال من الفم إلى الدماغ، الأمر الذي بدوره يُطلق إنزيمات “غينغيبس” التي تُعرف بتأثيرها المدمر للخلايا العصبية. ومن خلال تدمير الخلايا العصبية وتراجعها، تتدهور صحة الذاكرة ويؤدي الأمر بالنهاية إلى الإصابة بألزهايمر.

اقرأ أيضاً: الفرشاة ليست الطريقة الوحيدة لتنظيف الأسنان

قام باحثو هذه الدراسة بالبحث عن أدلة حديثة تُثبت علاقة صحة الفم بصحة الدماغ، وذلك عن طريق فحص أدمغة 53 شخصاً متوفى شُخِّصت إصابتهم بمرض ألزهايمر. وجد الباحثون مستويات عالية من أنزيمات غينغيبس عند المتوفين جميعهم، ما يوجّه إلى الدور الذي يؤديه العامل الالتهابي، وخاصة عند الإصابة بأنواع معينة من العوامل الممرضة مثل جرثومة بورفيروموناس غينغيفاليس، في التأثير على صحة الخلايا الدماغية.

من جهةٍ أخرى، تتزايد الشبهات حول الدور الذي تؤديه هذه الإنزيمات في إحداث السكتات الدماغية، إذ يُشك أنه مع تزايد نمو البكتيريا الفموية وانتشارها، يزداد تراكم الترسبات على بطانة الشرايين، ما يؤدي في النهاية إلى حدوث الجلطات الدموية وحدوث السكتة الدماغية في النهاية، أو نقص التروية الدماغية والذي بدوره يُصنَّف كأحد عوامل خطر التدهور المعرفي عند البالغين وكبار السن.

كيف نحمي أنفسنا من التدهور المعرفي الناجم عن سوء صحة الأسنان؟

بعدما تبين أن الالتهاب المزمن -وإن كان منخفض الدرجة- يتحول إلى قاتل صامت يسهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وزيادة قابلية تجلط الدم وحدوث السكتات الدماغية وقصر عمر الخلايا العصبية لموتها نتيجة التأثر بالإنزيمات الالتهابية، يجب علينا القيام بإجراءات وقائية معاكسة تُجنّبنا الوقوع في هذا الخطر، وخاصةً عندما تكون هذه الإجراءات بسيطة وسهلة التطبيق.

على الرغم من أن الباحثين يهتمون بإيجاد دواء يعاكس الإنزيمات الالتهابية التي تنتجها البكتيريا ويثبّطها، أو يسهم في إيقاف تطور مرض ألزهايمر الناجم عن الإنزيمات الالتهابية أو على الأقل إبطاء تقدمه، فإن الإجابة عن سؤال “كيف نحمي أنفسنا من التدهور المعرفي الناجم عن سوء صحة الأسنان؟” في وقتنا الحالي تتلخص بالوقاية من حدوث الالتهاب بالدرجة الأولى.

اقرأ أيضاً: هل يزداد احتمال إصابة النساء بداء ألزهايمر بعد سن اليأس؟

وهذا يعني الاهتمام بصحة الفم والأسنان بشكلٍ منتظم وزيارة طبيب الأسنان بشكلٍ دوري لمعالجة أي حالة صحية سنية قبل تطورها، والعادة الأهم التي دعانا الباحثون للتمسك بها إلى حين إيجاد العلاج الناجع هي “تنظيف الأسنان بالخيط” يومياً وتنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين في اليوم لتجنب انحشار بقايا الطعام بين فراغات الأسنان، لأن هذه الأخيرة بدورها تتحلل وتكوّن مصدراً لبكتيريا الفم.