تعرف إلى التأثير الذي تحدثه دقائق المشي الخمس في ساعات الجلوس

يعمل الكثير من الأشخاص في وظائف مكتبية تتطلب منهم الجلوس لفترات طويلة خلال النهار، ما ينعكس سلباً على صحتهم، وقد لا تقل مخاطر ذلك عن مخاطر التدخين . وفقاً لمركز مايو كلينك (Mayo Clinic)، فإن الجلوس لفترات طويلة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والسرطان ومشكلات صحية أخرى.

وقد كشفت دراسة نُشرت في 12 يناير/ كانون الثاني في مجلة الطب والعلوم في الرياضة والتمارين الرياضية (Medicine & Science in Sports & Exercise)، التابعة للكلية الأميركية للطب الرياضي، أن المشي لمدة 5 دقائق بعد نصف ساعة من الجلوس يمكن أن يخفف بعضتاً من أسوأ آثار الجلوس لفترات طويلة. حيث تعتمد الدراسة على مجموعة كبيرة من الأبحاث حول الفوائد الصحية للمشي لمسافات قصيرة أو القيام ببعض الأنشطة الخفيفة لفترات قصيرة على مدار اليوم.

الفوائد الصحية للمشي لفترات قصيرة

وقد اختبرت الدراسة 5 تمارين خفيفة أو أنشطة بدنية مختلفة، وهي: المشي لمدة دقيقة واحدة بعد كل نصف ساعة من الجلوس، والمشي لمدة دقيقة واحدة بعد كل ساعة من الجلوس، والمشي لمدة 5 دقائق بعد كل نصف ساعة من الجلوس، والمشي لمدة 5 دقائق بعد كل ساعة من الجلوس، بالإضافة إلى عدم المشي إطلاقاً.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة، كيث دياز، الأستاذ المشارك في قسم الطب السلوكي في كلية فاجيلوس للأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا، في بيان صحفي: "لقد قمنا بمقارنة الخيارات المتعددة وتنويع مدة التمارين وتواترها، للوصول إلى أفضل نمط ممكن من تمارين المشي".

حيث طُلب من الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة، وبلغ عددهم 11 شخصاً، الجلوس على كرسي مكتب مريح لمدة 8 ساعات في مختبر دياز. وسُمح للمشاركين (الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاماً، ومعظمهم لا يعانون ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري) بالقراءة، والعمل على جهاز كمبيوتر محمول، واستخدام هواتفهم، كما قُدّمت لهم وجبات غذائية موحّدة.

وكانوا ينهضون من الكرسي فقط لممارسة تمارين خفيفة مثل المشي على جهاز المشي أو للذهاب إلى الحمام. وقد تابع فريق البحث التزام المشاركين بمقدار التمارين المطلوبة، ثم قام بقياس تغيّرات ضغط الدم ومستويات السكر في الدم، وهما مؤشران رئيسيان لصحة القلب والأوعية الدموية.

فوائد صحية ملحوظة للمشي لمدة 5 دقائق بعد كل نصف ساعة جلوس

وقد وجد الباحثون أن المشي لمدة 5 دقائق كل نصف ساعة كان الاستراتيجية الوحيدة التي خفّضت بشكل ملحوظ مستويات السكر في الدم وضغط الدم لدى المشاركين. فقد أدّى هذا النمط إلى تقليل ارتفاع نسبة السكر في الدم بنسبة 58% بعد تناول الوجبات الكبيرة مقارنة بالجلوس لمدة 8 ساعات.

يمكن أن يؤدي المشي لمدة دقيقة واحدة كل نصف ساعة إلى بعض الفوائد المتواضعة لمستويات السكر في الدم على مدار اليوم، فيما يبدو أن المشي لمدة دقيقة واحدة أو 5 دقائق بعد ساعة كاملة من الجلوس لا يوفر أي فوائد لسكر الدم.

وبالنسبة لمستويات ضغط الدم، فإن أي قدر من المشي يقلل من ضغط الدم بمقدار 4 إلى 5 مليمترات زئبقية (mmHg) مقارنة بالجلوس طوال اليوم. يقول دياز: "يعد هذا انخفاضاً كبيراً في ضغط الدم، مقارنة بالانخفاض الذي يمكن أن يحدث جرّاء ممارسة الرياضة يومياً لمدة 6 أشهر".

كما تم قياس مستويات الحالة المزاجية والإرهاق والأداء المعرفي أثناء الاختبار. وقد أدّى كل نمط، باستثناء المشي لمدة دقيقة واحدة كل ساعة، إلى تقليل الشعور بالتعب وتحسين الحالة المزاجية، ولم يتأثر الإدراك بأي من أنماط المشي المذكورة.

يقول دياز: "إن التأثيرات على الحالة المزاجية والإرهاق مهمة، حيث يميل الناس إلى تكرار السلوكيات التي تجعلهم يشعرون بالراحة والمتعة".

ويقوم الفريق الآن باختبار 25 نمطاً مختلفاً من المشي وممارسة التمارين الخفيفة بالإضافة إلى اختبار مجموعة متنوعة من الأشخاص.

يقول دياز: "من أجل صحة مثالية، عليك التحرك بانتظام في العمل، بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية اليومية بشكل روتيني، وعلى الرغم من أن ذلك قد يبدو غير مفيد، تُظهر النتائج التي توصلنا إليها أن المشي لفترات قصيرة خلال يوم العمل يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب والأمراض المزمنة الأخرى".

لست بحاجة إلى الحصول على طاولة قابلة للتعديل للعمل عليها أثناء الوقوف للمساعدة في تجنّب بعض الآثار السلبية للجلوس طوال اليوم (فهي لن تكون أفضل بالضرورة من المكاتب العادية). فهناك بعض النصائح حول كيفية زيادة الحركة أثناء يوم العمل، ومنها: إجراء الاجتماعات مع زملاء العمل أثناء المشي، وصعود الدرج بدلاً من المصعد، وإعداد تنبيهات في هاتفك أو ساعتك الذكية لتذكيرك بضرورة الوقوف والمشي، والاستماع إلى الموسيقى أثناء المشي لتبقى متحمساً ومستمتعاً بعملك. كما يمكنك أيضاً تجربة تمرين القرفصاء (السكوات)، أو بعض تمارين الضغط وتمارين البلانك (planks).