قد يكون قمل جسم الإنسان الطفيلي الماص للدم أكثر فعالية في نقل البكتيريا التي تتسبب بالطاعون الدبلي مما اعتقد العلماء من قبل. اكتشف العلماء في دراسة مخبرية نُشرت بتاريخ 21 مايو/أيار 2024 في مجلة بلوس ون بايولوجي (PLOS Biology) أن القمل ربما نشر اليرسينيا الطاعونية بكفاءة وأسهم في تفشي الجائحات السابقة كما فعلت البراغيث.
اليرسينيا الطاعونية هي البكتيريا المسؤولة عن العديد من الجائحات، والموت الأسود من أبرزها. تسبّب الطاعون الدبلي بوفاة ما يقدر بنحو 25 مليون شخص في مختلف أنحاء أوروبا في العصور الوسطى بين عامي 1347 و1351. تنتقل بكتيريا اليرسينيا الطاعونية طبيعياً بين القوارض مثل الجرذان والبراغيث التي تلدغ هذه القوارض. يمكن أن تصيب هذه البراغيث البشر من خلال لدغهم، ما دفع العلماء للاعتقاد أنها المحرك الرئيسي لانتشار جائحات الطاعون.
قمل الجسم أدى دوراً أيضاً في انتشار الطاعون الدبلي
تجادل العلماء والمؤرخون حول طبيعة انتشار الموت الأسود؛ إذ تساءل بعض المؤرخين الطبيين عن إمكانية أن يكون قمل الجسم أدى أيضاً إلى زيادة حالات الإصابة بالطاعون. يختلف هذا القمل عن قمل الرأس الذي يتسبب بالحكة في فروة الرأس في المدارس الابتدائية غالباً، علماً أن كليهما يتغذى على دم الإنسان. يمكن أن ينقل قمل الجسم بكتيريا اليرسينيا الطاعونية أيضاً.
اقرأ أيضاً: التاريخ المشترك للقمل والبشر يكشف معلومات قيمة عن الإنسان
صمم فريق الدراسة الجديدة الصادرة عن المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية سلسلة من التجارب المخبرية لكشف الدور المحتمل الذي يؤديه قمل الجسم في نقل الطاعون. غذّى الباحثون هذا القمل على عينّات الدم التي تحتوي على بكتيريا اليرسينيا الطاعونية باستخدام المغذيات الغشائية. تحاكي هذه المغذيات جلد الإنسان الدافئ، واستخدمها العلماء ليتمكنوا من دراسة إمكانات انتقال المرض في الظروف المخبرية.
كان قمل الجسم الذي أصيب ببكتيريا اليرسينيا الطاعونية قادراً على نقلها على نحو روتيني بعد التغذّي على الدم الذي يحتوي على مستويات من مسببات المرض تقارب تلك التي عُثر عليها في أجسام المصابين بالطاعون. اكتشف الفريق أن بكتيريا اليرسينيا الطاعونية يمكن أن تصيب غدد باولوسكي في القمل أيضاً. نقل هذا الزوج من الغدد اللعابية مسبب المرض بعد الإصابة به على نحو أكثر اتساقاً من القمل الذي يحمل العدوى في جهازه الهضمي فقط.
دور غدد باولوسكي لدى القمل
يعتقد الباحثون أن غدد باولوسكي تفرز نوعاً من المواد المزلّقة في الأجزاء الفموية للقمل. قد تلوث إفرازات القمل المصاب الأجزاء الفموية لهذه الحشرات ببكتيريا اليرسينيا الطاعونية، التي قد تنتقل بعد ذلك إلى البشر عندما يلدغهم القمل. قد يعني ذلك أن قمل الجسم قد يكون أكثر كفاءة في نشر اليرسينيا الطاعونية، وأنه ربما أدى دوراً في حالات التفشي السابقة.
اقرأ أيضاً: كيف انتهى الطاعون في العصور الوسطى؟
قال كبير الباحثين المتقاعد في مختبر علم الجراثيم التابع للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية والمؤلف المشارك للدراسة، جو هينبوش، لشبكة إن بي سي نيوز: "رصدنا حالات انتقال في اليوم الأول من الإصابة، لكن عدد البكتيريا المنتقلة كان أكبر في الأيام من الثالث إلى السابع بعد الإصابة".
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها، يتراوح عدد الحالات المبلّغ عنها للإصابة بهذه البكتيريا بين نحو حالة واحدة و17 حالة سنوياً. تحدث أغلبية هذه الحالات في المناطق الريفية غرب الولايات المتحدة، حيث يصاب الناس عادة بالمرض عند الصيد بالقرب من جحور كلاب المروج أو بسبب لدغات البراغيث المصابة التي تصيب كلاب المروج.