أظهرت دراسة من جامعة بوردو أن جزيئات نانوية تؤثّر سلباً في الجهاز التنفسي، تنبعث من مواقد الغاز بكميات مماثلة لانبعاثات عوادم سيارات الديزل، ما يزيد من خطر الإصابة بالربو أو أمراض الجهاز التنفسي الأخرى. إليك كيف تتجنب الأثر السلبي لهذه الجزيئات ومثيلاتها، وكيف تجعل الطهي على موقدك صحياً.
اقرأ أيضاً: تسرب الغاز من المواقد المنزلية صامت وأخطر مما تعتقد
جسيمات نانوية مضرة تنبعث من مواقد الغاز المنزلية
ركزت الدراسة المنشورة في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم في فبراير/شباط 2024، على الجسيمات النانوية الصغيرة المحمولة بالهواء، والمسماة "الهباء الجوي النانوي"، التي يبلغ قطرها 1-3 نانومتر، ما يمكّنها من الوصول إلى أجزاء معينة من الجهاز التنفسي والانتشار إلى الأعضاء الأخرى من الجسم.
هذه الجسيمات النانوية فائقة الصغر ولا يمكن رؤيتها، وتنتشر بتراكيز عالية في أثناء الطهي بالغاز. استطاع الباحثون قياسها باستخدام أحدث أجهزة قياس جودة الهواء التي قدّمتها الشركة الألمانية "غريم آيروسول تيكنيك" (GRIMM AEROSOL TECHNIK)، فهي تقيس الجزيئات الصغيرة حتى نانومتر واحد في أثناء الطهي على موقد غاز في منزل مختبري صغير، وهو مختبر يحتوي على ميزات المنزل النموذجي جميعها، ولكنه مجهز بأجهزة استشعار لمراقبة تأثير الأنشطة اليومية عن كثب في جودة هواء المنزل، بالإضافة إلى أداة تجري مسحاً لحجم الجسيمات المتحركة. وجمع الفريق من تلك الأدوات بيانات مكثّفة عن جزيئات الهباء الجوي النانوية الداخلية في أثناء تجارب الطهي الواقعية.
قارن الباحثون النتائج التي توصلوا إليها مع مستويات تلوث الهواء الخارجية المعروفة، ووجدوا أن ما يصل إلى 10 كوادريليون من جزيئات الهباء الجوي النانوية يمكن أن تنبعث من كل كيلوغرام من وقود الطهي، وهي الكمية ذاتها أو أكثر من تلك التي تنتجها المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي. وبالتالي يستنشق الأطفال والبالغون هذه الجزيئات من الهواء الجوي الناتج عن الطهي على مواقد الغاز بمقدار 10 إلى 100 ضعف ما يتنفسونه من عوادم السيارات في أثناء وقوفهم في شارع مزدحم.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت النتائج أن جزيئات الهباء الجوي النانوية الشديدة الثبات في أثناء تنقلها من موقد الغاز إلى بقية أنحاء المنزل. فقد انبعثت تريليونات من هذه الجزيئات في أثناء غلي الماء مدة 20 دقيقة. ويترسب نحو 10 مليارات إلى تريليون جسيم في مجرى الهواء عند البالغين، وبتراكيز أعلى عند الأطفال.
يمكن أيضاً أن تختلط الجزيئات النانوية الناتجة عن الموقد بسهولة مع الجزيئات الأكبر حجماً التي تصل إلى الهواء من الزبدة أو الزيت أو أي شيء آخر تُطهى على موقد الغاز، ما يؤدي إلى تشكيل جزيئات جديدة لها سلوكيات فريدة خاصة بها.
وعن خطورة هذه المواد، قال قائد الدراسة "براندون بور"، الأستاذ المساعد في جامعة بوردو: "لقد وجدنا أن الطهي على موقد الغاز ينتج كميات كبيرة من الجسيمات النانوية الصغيرة التي تدخل إلى الجهاز التنفسي وتترسب بكفاءة". وقد وجدت دراسات حديثة سابقة أيضاً أن الأطفال الذين يعيشون في منازل تُستَخدم فيها مواقد الغاز هم أكثر عرضة للإصابة بالربو.
اقرأ أيضاً: مواقد الغاز المنزلية قد تسبب الربو للأطفال
أنواع الملوثات التي تنتج عن مواقد الغاز المنزلي
بالإضافة إلى الجزيئات النانوية المُكتَشفة في الدراسة، توجد ملوثات أخرى تنتج عن الطهي على مواقد الغاز المنزلية، وتؤثّر سلباً في الصحة والبيئة، منها:
- ثاني أوكسيد النيتروجين (NO2): والذي يُطلَق بمستويات عالية يمكن أن تهيج الرئتين والممرات الهوائية، ما يؤدي إلى التهابات الجهاز التنفسي، والربو (خاصة عند الأطفال)، وغيرها من المشكلات الصحية.
- الميثان: وينبعث من موقد الغاز حتى عند إطفائه، ويسهم في تلوث الهواء، ويفاقم مشكلة التغيّر المناخي.
- البنزن والمركبات العضوية المتطايرة الأخرى: وتتسرب من الغاز الطبيعي غير المحترق المنبعث من المواقد، وهي مواد كيميائية مسببة للسرطان.
- أول أوكسيد الكربون: وينتج عن احتراق الغاز في أثناء الطهي، وهو غاز ضار بصحة القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
اقرأ أيضاً: ما مدى أمان مواقد الغاز المنزلية بالنسبة للصحة والبيئة؟
طرق تقليل مخاطر الطبخ على الغاز المنزلي
يمكن الحد من مخاطر مواقد الغاز المنزلي على الصحة باتباع عدة نصائح، منها:
- تهوية المطبخ في أثناء الطهي وذلك بفتح النوافذ لزيادة تدفق الهواء، واستخدام المراوح التي تسحب الهواء إلى الخارج.
- استخدم أجهزة تنقية الهواء التي تُدخل الهواء النظيف إلى المطبخ، والاعتناء بنظافة المرشحات الموجودة داخلها.
- استخدام أجهزة الطبخ الكهربائية مثل الغلاية الكهربائية وقِدر الضغط، أو الميكروويف.
- استخدام موقد كهربائي أو حثي ليزري.
- صيانة موقد الغاز باستمرار لتقليل تسرب الغاز الطبيعي غير المحترق، والذي قد يُطلِق ملوثات ضارة.