لماذا يشعر مدمنو المخدرات بمرور الوقت ببطء؟

لماذا يشعر مدمنو المخدرات بمرور الوقت ببطء؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Alena A
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يشعر المدمن الذي يتعاطى المخدرات المستنشقة مثل الماريجوانا بأن الوقت لا يمضي، إذ يشعر بمرور بضع دقائق وكأنها ساعات، ويظهر هذا التأثير بالنسبة للآخرين الذين يشاهدونه، حيث يبدو لهم وكأنه يعاني تأخر ردود الفعل وضعف المهارات الحركية والتنسيق الحركي، فما السبب في هذا التباطؤ الزمني؟ 

أهم الأبحاث عن مرور الوقت البطيء لدى المدمنين

تناولت عدة أبحاث ظاهرة تباطؤ الوقت عند المدمنين، ومن أبرزها ما يلي:

  • مراجعة شاملة نشرها باحثون من كينغز كوليدج لندن في دورية كارنت فارماسوتيكال ديزاين (Current Pharmaceutical Design) عام 2012، توصلوا فيها إلى أن المدمنين على المخدرات (القنب خصوصاً) يمتلكون إحساساً مشوهاً بالوقت ومبالغة في إدراكه، حيث يشعر المدمنون بأن مرور الوقت بطيء، وأظهرت 70% من دراسات تقدير الوقت لدى المدمنين بأنهم يُقدّرون الفترة الزمنية القصيرة بأنها أطول من الطبيعي. 
  • بحث منشور عام 2012 في دورية سايكوفارماكولوجي بيرل (Psychopharmacology Berl) أشار إلى أن تأثيرات تشوه الوقت كانت قوية بشكلٍ خاص لدى أولئك الذين نادراً ما استهلكوا الماريغوانا، حيث أدّت الجرعات المتوسطة والعالية لديهم إلى حدوث المبالغة في تقدير الوقت، لكن لم يواجه المدمنون الذين يتعاطون من 2 إلى 3 مرات في الأسبوع أو أكثر أي تداعيات كبيرة على إدراكهم للوقت مقارنة بالأشخاص الذين لم يكونوا من المدمنين.
  • بحث لجامعة آزاد الإسلامية في إيران عام 2016 أكد وجود شعور بتباطؤ الوقت لدى المدمنين على المخدرات الأفيونية، حيث قارن العلماء بين ردود الأفعال وإدراك الوقت بين مجموعتين، الأولى مدمنة والثانية غير مدمنة، ولوحظ وجود فرق كبير بين مجموعة المدمنين والمجموعة الطبيعية غير المدمنة فيما يتعلق بالتباطؤ الزمني وتقدير الوقت، وظهر لدى المدمنين إدراك أطول للوقت، أي أنه كان يسير بالنسبة لهم بشكل أبطأ مقارنة بالمجموعة غير المدمنة.
  • حسب بحث منشور عام 2023 في دورية هوغريف الألمانية، يمر الوقت بسرعة أكبر بكثير من المعتاد في أثناء تعاطي الكحول والكوكايين والإكستاسي، بينما ارتبط تعاطي الماريغوانا مع الشعور بتباطؤ مرور الوقت، لكن لم يتمكن الباحثون من العثور على السبب المباشر لذلك، إذ استنتج العلماء وجود عدة أسباب مرتبطة مع بعضها بشكلٍ معقد تؤدي إلى هذه النتيجة، وخرجوا بتوصية بزيادة الأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع لمعرفة الأسباب وزيادة فهمنا طرق إدراكنا لمرور الوقت.

اقرأ أيضاً: دراسات جديدة تبين الأهمية الكبيرة لهذه المنطقة من دماغ الإنسان

الأسباب المحتملة للشعور بالمرور البطيء للوقت لدى المدمنين

أحد الأسباب المحتملة لهذا الشعور ببطء مرور الوقت لدى المدمنين هو مُركّب رباعي هيدروكانابينول (THC)، وهو مُركّب موجود في نبات القنب ويتفاعل مع الدماغ بمنطقة تُعرف باسم الدائرة المهادية القشرية الجسمية المسؤولة عن إدراك الشخص للوقت، وتحتوي هذه المنطقة الدماغية على العديد من المستقبلات الخلوية التي تُعد بمثابة مواقع مخصصة للارتباط بمركبات تنقل الإشارات العصبية أو المنبهات، وهذه المستقبلات ترتبط بمُركّب رباعي هيدروكانابينول بشكلٍ نوعي، ما يجعل الشخص يشعر بمرور الوقت ببطء بسبب تسارع ساعته البيولوجية وعدم اتساقها مع الوقت الخارجي.

السبب الآخر المحتمل لشعور التباطؤ بالزمن هو أن المُركّبات المخدرة تسبب تباطؤاً في تدفق الدم إلى الدماغ، ما سيغيّر من سرعة استجابة الجسم للتغيرات المحيطة به وسيشعر بأن الوقت يمضي بشكلٍ أبطأ.

لكن هذا التأثير بالتباطؤ مؤقت ويختفي مع أعراض بطء ردود الأفعال بمجرد خروج مادة رباعي هيدروكانابينول (THC) من نظام الجسم.

اقرأ أيضاً: هل تتغير عاداتك الغذائية حسب الفصول؟ إليك السبب وفق دراسة حديثة

خطورة بطء إدراك الوقت عند المدمنين

قد يؤدي بطء إدراك الوقت عند المدمنين إلى آثار خطيرة، وعلى الرغم أن الكثير من المدمنين يُروّجون لفكرة أن تأثير هذه المواد لا ينعكس كثيراً على الشخص المدمن ومن حوله، لكنه مؤذٍ وقد يحدث مشكلات عديدة مثل عدم الاستجابة السريعة للمنبهات في أثناء قيادة السيارة أو تشغيل أي نوع من الآلات، وتتضاعف خطورة الحالة عندما يتعرض المدمن لحادث أو كارثة مثل نشوب حريق في الشقة أو وقوع زلزال وغيرها من الحوادث، إذ لا يكون قادراً على تفادي الخطر كما يجب.

وما عدا تشوه إدراك الوقت، تُنتج الأعشاب المخدرة العديد من التأثيرات الأخرى، حيث يشعر الشخص بالذعر والقلق والخوف وحتى عدم الثقة، ويمكن أن يحدث هذا عندما يأخذ الشخص جرعة زائدة أو يستخدم مخدراً قوياً، فيتوهم أشياء غير موجودة، ويمكن أن يهلوس أو يفقد صوابه أحياناً.

من المهم معرفة أن هذه الأبحاث تهدف إلى زيادة فهمنا لعملية إدراك الوقت في دماغنا وما المُركّبات والعوامل التي تؤثّر فيها، وتزيد من التوعية بالآثار الضارة للإدمان وكيف يمكن أن يشكّل خطورة على الشخص المدمن ومن حوله.