يشخّص الأطباء نحو 1.4 مليون أميركي بمرض السكري كل عام، وبلغ عدد الأميركيين الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً والمصابين بحالة مقدمة السكري نحو 96 مليون مواطن في عام 2019. يُعتبر مرض السكري من المشكلات الصحية العامة الكبرى، ويمكن أن يسهم التشخيص المبكر في الوقاية من مضاعفاته الخطِرة.
مع ذلك، وجدت دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 24 مارس/ آذار 2023 في المجلة الأميركية للطب الوقائي (American Journal of Preventive Medicine) أن التركيز في التشخيص على عامل السن بدلاً من الوزن يؤدي إلى شمل أكبر عدد ممكن من الأفراد الذين يعانون من مقدمة السكري ومرض السكري من المجموعات العرقية والإثنية جميعها. وجد مؤلفو الدراسة أن النهج الذي يركّز الخبراء فيه على السن سيزيد أيضاً من قدرتهم على تشخيص مقدمة السكري ومرض السكري للحد الأقصى.
ما دلالة مؤشر كتلة الجسم في تشخيص الإصابة بمرض السكري؟
توصي فرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية حالياً بفحص الأفراد بسنّ تتراوح بين 35 و70 عاماً الذين يتجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم 25، لكشف ما إذا كانوا مصابين بمرض السكري، وأحد أسباب ذلك هو أن مؤشر كتلة الجسم يعدّ من عوامل خطورة الإصابة بهذا المرض ومؤشراته. لكن وفقاً للدراسة الجديدة؛ يُصاب الأفراد من المجموعات العرقية والإثنية بمرض السكري في حالات يكون فيها مؤشر كتلة الجسم أخفض من الرقم السابق الذكر، لذلك يمكن ألا يُشخَّص المرض لديهم إذا اعتمد قرار فحصهم على الوزن فقط.
قال الطبيب في كلية فاينبرغ للطب في جامعة نورث ويسترن والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، ماثيو أوبراين (Matthew O’Brien)، في بيان صحفي: "يصاب أفراد الأقليات العرقية والإثنية الأساسية جميعها بمرض السكري عند أوزان جسم أقلّ مقارنة بالبالغين البيض، ويتجلّى ذلك بصورة خاصة لدى الأميركيين من أصول آسيوية. قد تبدو هذه النتيجة غير بديهية لأننا نعتقد أن السبب الرئيس للإصابة بمرض السكري هو الوزن الزائد أو السمنة".
اقرأ أيضاً: العلماء يرصدون وجود خلايا مسببة لمرض السكري في البنكرياس
اختبر مؤلفو الدراسة الأداء السريري لفحوص مقدمة السكري ومرض السكري والفحوص البديلة المعتمدة على السن ومؤشر كتلة الجسم التي أوصت بها فرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية في عام 2021 (الأداء السريري لاختبارٍ ما هو قدرته على إظهار نتائج مرتبطة بحالة سريرية معينة أو عملية أو حالة فيزيولوجية أو مرضية). قُيّم الأداء السريري لهذه الفحوص عند إجرائها على السكان البالغين في الولايات المتحدة بشكل عام، وبشكل منفصل أيضاً حسب العرق والإثنية.
وجد الفريق بعد النظر في مسح وطني لمستويات السكر في الدم أن الفحوص التي أُوصي بها في عام 2021 تكشف بالفعل نسبة كبيرة من الإصابات بمقدمة السكري ومرض السكري؛ لكنهم وجدوا أن النسبة المئوية للإصابات التي كشفتها هذه الفحوص بين الأميركيين من أصول آسيوية كانت أقل بكثير مقارنة بالمجموعات السكانية الأخرى. قدّر المؤلفون أن عدد الأميركيين من أصول آسيوية المصابين بمقدمة السكري أو مرض السكري غير المشخّص يبلغ 6 ملايين شخص.
السنّ كعامل للكشف عن مرض السكري
فحص المؤلفون بعد ذلك عدد الحالات التي كان من الممكن الكشف عنها إذا اختُبر البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و70 عاماً بتجاهل عامل مؤشر كتلة الجسم، ولاحظوا أن استخدام السن معياراً يكشف عدداً أكبر من الحالات ضمن مجموعة سكانية أوسع، وتتساوى النسب المئوية للحالات المكشوفة عبر المجموعات العرقية المختلفة تقريباً.
وجد المؤلفون أن قرار خفض الحد الأدنى من سن الخضوع إلى فحوص مقدمة السكري ومرض السكري إلى 18 عاماً يزيد العدد الكلي للحالات المشخّصة؛ ما يؤدي إلى اختلافات كبيرة في نسب الكشف عن الإصابة بمرض السكري؛ ولكن يزداد احتمال إخضاع أشخاص غير مصابين بمقدمة السكري أو مرض السكري إلى الفحص عند توسيع المجموعة المستهدفة.
اقرأ أيضاً: الدكتورة نملة: دراسة جديدة تظهر أن النمل قادر على اكتشاف السرطان
قال أوبراين: "يُعتبر مرض السكري من المشكلات الصحية التي تعاني تفاوتات عرقية وإثنية راسخة وغير مقبولة، ولذلك يجب علينا أن نتبع نهجاً للفحوص يركّز فيه الخبراء على تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة. إذا تمكنا من تشخيص الحالات في وقت مبكّر فسنتمكن من تخفيف هذه التفاوتات وتبعاتها السلبية".
ضرورة توسيع المجموعة السكانية الخاضعة للفحوص
يقول بعض العلماء إن ثمة أدلة تبين أن مقدمي الرعاية الصحية يجرون فحوص مرض السكري ويشخصونه بجودة عالية في الولايات المتحدة. قالت عالمة الأوبئة في كلية بلومبرغ للصحة العامة التابعة لجامعة جونز هوبكنز، إليزابيث سيلفن (Elizabeth Selvin)، في مقابلة مع موقع ستات نيوز (STAT News)، إن الدراسة الجديدة لم تأخذ في الحسبان التكاليف المرتبطة بتوسيع المجموعة السكانية التي يجب أن تخضع للفحوص. ووجدت دراسة أجرتها سيلفن في عام 2022 أن نسبة حالات مرض السكري غير المشخَّصة انخفضت كثيراً في العقود الثلاثة الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تشير إرشادات فرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية إلى أن الأطباء المعالجين يأخذون في الاعتبار فحص أفراد المجموعات العرقية والإثنية الأكثر عرضة للإصابة بمرض السكري في سن أصغر وفي الحالات التي يكون فيها مؤشر كتلة الجسم أقل. مع ذلك، لم تدرِج فرقة العمل هذه المعايير البديلة رسمياً في قائمة توصياتها.
اقرأ أيضاً: هل تسبب العشبة الحلوة «ستيفيا» العقم؟ إليك أحدث الدراسات المتعلقة بها
قال أوبراين: "من الضروري أن نضع نهجاً للفحوص يحقق العدالة بين سكان الولايات المتحدة جميعهم. تبين نتائج دراستنا أن فحص البالغين بسن تتراوح بين 35 و70 عاماً بغض النظر عن وزنهم أو مؤشر كتلة الجسم يحقق العدالة بين المجموعات العرقية والإثنية جميعها".