دراسة جديدة: نجوم الضربات الرأسية في كرة القدم أكثر عرضة لتلف الدماغ

دراسة جديدة: نجوم الضربات الرأسية في كرة القدم أكثر عرضة لتلف الدماغ
حقوق الصورة: shutterstock.com/ canbedone
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اشتهر نجم كرة القدم الإنجليزي جيمي فريات بقدرته على تسديد الأهداف بضرباته الرأسية، إلّا أن براعته هذه وقفت خلف الضرر الذي أصاب دماغه. وعلى الرغم من أن فريات كان لا يزال لائقاً بدنياً في أواخر سبعينيات عمره ويلعب التنس بصورة مستمرة، فإنه نادراً ما كان يحرز أهدافاً، والأمر المحزن أنه نادراً ما كان يتذكر أي جانب من الشبكة هو الجانب الخاص به.

 وتروي زوجته كيف أصبح يضل طريقه أثناء ركوب دراجته في الحي، فقد اضطرها الأمر لوضع جهاز تعقب على ملابسه، لتتصل به وتخبره أنها في طريقها إليه كل مرة يضيع فيها طريقه، ما يدفع للتساؤل هل نجومية الضربات الرأسية تستحق ذلك؟

اقرأ أيضاً: الكتابة على الورق تحفز الدماغ مقارنة بالكتابة على الأجهزة الإلكترونية

هل تتسبب رضوض الرأس المتكررة كما في ضربات كرة القدم الرأسية بحدوث تلف الدماغ؟

وفقاً لمؤسسة جيف أستل (Jeff Astle Foundation)، فقد يعاني أكثر من 250 لاعب كرة قدم محترفاً سابقاً من شكل من أشكال الأمراض التنكسية العصبية، بمن في ذلك بعض أعضاء فريق كرة القدم الإنجليزي الذين لعبوا في كأس العالم 1966، حيث عانى بعضهم من مرض ألزهايمر ومنهم راي ويلسون (Ray Wilson). 

كشفت دراسة نُشرت في دورية أكتا للأمراض العصبية (Acta Neuropathologica)، أن لاعبي كرة القدم الذين يقومون بضربات رأسية متكررة للكرة معرضون لخطر الإصابة بتلف الدماغ على المدى الطويل. شملت الدراسة ستة ذكور متوفين شُخصت إصابتهم بالخرف سابقاً بعد حياتهم المهنية الطويلة في كرة القدم، إذ لعبوا بمتوسط 25 سنة، وشاركت في الدراسة مجموعة من الباحثين على رأسهم هيو موريس، وهو أستاذ في العلوم العصبية في جامعة لندن الإنجليزية.

وبعد دراسة أدمغة الذكور الستة بالتصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي وبعد أخذ الخزعات، أظهرت 4 أدمغة من أصل 6 أدلة على الإصابة باعتلال دماغي رضي مزمن. وعند البحث في التاريخ الطبي لديهم، لم يظهر أي أمراض مزمنة تزيد من احتمال الإصابة بالأمراض العصبية التنكسية كالخرف أو ألزهايمر، والعامل المشترك الذي وجه إليه معظم الاهتمام كان التميز بالضربات الرأسية التي يعتبرها طب الطوارئ إصابات رضية طفيفة على الرأس.

اقرأ أيضاً: 5 أمراض تصيب مراكز اللغة في الدماغ

كيف فسّر الباحثون النتائج؟

كانت الخزعة هي الموجه لوجود الاعتلال الدماغي المزمن، فعند أخذ الخزعات من الفص الجبهي للحالات الست، ومعالجتها بالتلقيح المناعي بحثاً عن سلائف بروتين الأميلويد والبروتين الدهني (apoE) وبروتينات تاو، نصت نتائج خمس من الحالات الست على وجود تشابك ليفي عصبي وخيوط عصبية مع مجموعة من التشابكات التي تتركز بشكلٍ كثيف حول الأوعية الدموية للمناطق الدماغية الأكثر تأذياً، ولم يتم الكشف عن أي نشاط مناعي أو أي علاقة واضحة لبروتينات الأميلويد أو بروتينات تاو.

إلّا أن وجود هذه التشكيلات كان كفيلاً بإثبات ارتباط رضوض الرأس المتكررة بحدوث تلف الدماغ، إذ تؤدي هذه التشابكات دوراً في زيادة احتمال الإصابة بداء ألزهايمر والخرف بإعاقتها نظام النقل العصبي في الخلايا العصبية، ما يضر بالتواصل المشبكي بين الخلايا العصبية.

قال موريس عندما سُئل فيما إذا كانت ممارسة رياضة كرة القدم وما تتضمنه من اصطدام تحمل خطراً دائماً للإصابة بتلف الدماغ: “كان متوسط مسيرة هؤلاء اللاعبين 26 عاماً، أي آلاف الساعات من اللعب وآلاف الساعات من التدريب وآلاف الضربات الرأسية، وهذا كان أهم العوامل لتطوير اعتلال الدماغ المزمن، وتبقى المخاطر منخفضة للغاية عند لعب كرة القدم الترفيهية، والأمر يتطلب قدراً هائلاً من الخبرة في توجيه الكرة بالرأس حتى تتطور مثل هذه المشكلات المعرفية الخطيرة”.

كما لم تكن هذه المرة الأولى التي تُكتشف فيها علامات الاعتلال الدماغي المزمن الناجم عن رضوض في أدمغة لاعبي كرة القدم، إذ تم العثور على العلامات التنكسية هذه في دماغ لاعب كرة القدم الجامعي السابق باتريك غرانج بعد وفاته عن عمر ناهز 29 عاماً، الأمر الذي يوجه إلى الدور الذي يؤديه العامل الفردي أيضاً في تحديد مدى التأثر ببعض الرياضات.

اقرأ أيضاً: الأطباء يسجلون الموجات الدماغية للمرضى بهدف فهم الآلام المزمنة

إذاً، تحمل الرياضات العالمية ككرة القدم -وخاصة الأميركية- والملاكمة خطراً مثبتاً لحدوث الاضطرابات الإدراكية طويلة الأمد، على الرغم من أن الخطر ضئيل ويتطلب سنوات من الرضوض والضربات الرأسية لكي يتطور إلى اضطراب إدراكي ملموس. ومن جهةٍ أخرى، لا يمكن أن ننسى موازنة المخاطر المحتملة لرياضة كرة القدم مع الفوائد المعروفة التي تقدّمها هذه اللعبة من تحسين صحة القلب إلى تحسين سلامة الأوعية الدموية والمهارات الإدراكية والذي بدوره يخفّض من احتمالية الإصابة بالخرف ويحسّن الذاكرة، وبذلك لا تتحول هذه الدراسة لصوت تحذيري من لعب كرة القدم، وكل ما في الأمر أنها تنبهنا إلى ضرورة تجنب القيام بالضربات الرأسية بشكلٍ دوري وبكثافة عالية إن كنا نرغب في حصد النتائج الإيجابية من ممارسة هذه الرياضة.