هل مارست الفيلة التدجين الذاتي؟

هل مارست الفيلة التدجين الذاتي؟
حقوق الصورة: ديبوزت فوتوز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن أن تكون الفيلة البرية هي النوع التالي الذي سينضم إلى المجموعة الحصرية من الأنواع التي تتمتع بعلامات تبين أنها مارست ما يدعى بالتدجين الذاتي. وجدت دراسة نُشرت بتاريخ 3 أبريل/ نيسان 2023 في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences) أن التدجين الذاتي للفيلة ربما أدى إلى تطور بعض السمات المتقدمة التي يتمتع بها هذا النوع، مثل الحداد على الموتى ومساعدة الفيلة المريضة أو المصابة وحتى التعرف على الذات في المرايا.

فرضية التدجين الذاتي

وفقاً لفرضية التدجين الذاتي، مر البشر بعملية “انتقاء أدت إلى تراجع سمة العدوانية” كانت محرّضة ذاتياً وغير قسرية.

قالت عالمة الأحياء المتخصصة بعلم الأحياء التطوري في معهد ماكس بلانك والمؤلفة المشاركة في الدراسة الجديدة، ليمور رافيف (Limor Raviv)، في بيان صحفي: “من الصعب اختبار فرضية التدجين الذاتي. وذلك لأن الباحثين جادلوا بأن ثمة نوعاً واحداً فقط غير البشر مارس التدجين الذاتي، وهو قرود البونوبو“.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تلقي الضوء على العلاقة بين مورثات الذئاب القديمة وأصل الكلاب

قارنت رافيف وزملاؤها فيلة السافانا الإفريقية بالبشر وقرود البونوبو وفقاً لـ 20 مقياساً مختلفاً، ولاحظوا أن الأنواع الثلاثة تشترك في بعض السمات الجسدية وتتبع العادات نفسها. تمارس الفيلة الألعاب، وهي حيوانات اجتماعية تدوم طفولة صغارها طويلاً، كما أن الفيلة الأكبر سناً تعتني بصغار الأفراد الآخرين في المجموعة. يتبع البشر وقرود البونوبو هذه السلوكيات أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الفيلة الإفريقية البرية عظام فك قصيرة، وهي سمة تتمتع بها الحيوانات الأليفة مثل القطط.  يبدو أيضاً أن الفيلة قادرة على منع أنفسها من أن تكون عدوانية تجاه الأفراد الآخرين.

تستطيع الفيلة أيضاً التعلم من بعضها. تنتقل المعلومات حول النباتات التي يمكن تناولها وطرق تربية الصغار اجتماعياً بين الفيلة، على عكس السلوكيات التي تكون فطرية لدى الحيوانات الأخرى. على سبيل المثال، تمتلك العناكب قدرة فطرية على غزل الحرير، وتتمتع الطيور بقدرة فطرية على بناء الأعشاش. تمتلك الفيلة أيضاً أجهزة تواصل متطورة ومتنوعة للغاية؛ إذ تتراوح مقدراتها الصوتية الكثيرة من الهدير والدمدمة المنخفضة التردد إلى النهيم. تصدر الفيلة في كينيا نداء إنذار يحذّر بوجود النحل يختلف عن النداء المخصص للبشر.

وجد المؤلفون أيضاً العديد من المورثات المرتبطة بعملية التدجين لدى الفيلة. قارن الباحثون جينومات الفيلة البرية بنتائج الدراسات التي أجريت على 261 نوعاً من الثدييات المدجنة، وأنشؤوا قائمة بالمورثات التي ترتبط بالتدجين بشكل متكرر. وجد الباحثون أن عدد المورثات المرتبطة بعملية التدجين في أنواع أخرى بلغ 79 مورثة، وذلك من أصل 674 مورثة قال الباحثون إنها موروثة من أجيال سابقة من الفيلة على الأرجح. قد يشير هذا إلى أن التدجين يمكن أن يتطور في فروع متعددة من شجرة الثدييات التطوريّة.

اقرأ أيضاً: طيور لا تطير: دراسة تكشف عن رحلة البطريق التطورية

مزايا وراثية تجعل الفيلة كائنات اجتماعية

افترض الفريق أن التدجين الذاتي لدى الفيلة قد يكون مرتبطاً بحجمها الكبير وقوتها النسبية. قالت رافيف: “يعني ذلك أن الفيلة لا تضطر عموماً إلى الهروب من الحيوانات الأخرى أو محاربتها كي تبقى على قيد الحياة. يمكن أن تخفف هذه ‘البيئة الآمنة’ ميول انتقاء السمات العدوانية وتوفّر المزيد من الموارد المعرفية وتتيح للفيلة الاستكشاف والتواصل واللعب بدرجة أكبر”.

عموماً، يشكك بعض العلماء في فرضية التدجين الذاتي، ويجب إجراء المزيد من الدراسات في المستقبل لاختبارها. قالت عالمة الآثار الفخرية وخبيرة التدجين في معهد سميثسونيان، ميليندا زيدر (Melinda Zeder)، لمجلة ساينس (Science): “من الجيد ملاحظة الارتباطات مع قرود البونوبو والبشر وأوجه التشابه الوراثية المتعلقة بالحد من السمات العدوانية”. مع ذلك، تشكك زيدر في فكرة التدجين الذاتي على العموم. تضيف زيدر قائلة إن التدجين الذاتي “مصطلح لا معنى له يعقّد الأمور”، وإن التدجين يتطلّب “طرفين”، المُدجِِّن والمُدجَّن.