دراسة تربط بين حجم بؤبؤ العين ومعدل الذكاء فكيف ذلك؟

دراسة تربط بين حجم بؤبؤ العين ومعدل الذكاء فكيف ذلك؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Artem Oleshko
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قول “العينان تفضحان صاحبها” هو صحيح إلى حد بعيد، حيث نستطيع الحصول على معلومات وفيرة بمجرد النظر في عيون شخص ما، من حس الفكاهة وعلامات التعب إلى استنتاج فيما إذا كان الشخص يكنّ مشاعر سلبية أو إيجابية لأحد ما ذُكر اسمه.

وبعيداً عن الحالة العاطفية، يوفر بؤبؤ العين معلومات حول معدل الذكاء لدى الفرد، وذلك وفقاً لدراسة أجريت في معهد جورجيا للتكنولوجيا بقيادة الباحث “جيسون تسوكاهارا” الحاصل على شهادة الدكتوراة في العلوم العصبية، والتي تشير إلى ارتباط حجم بؤبؤ العين عند البشر ارتباطاً وثيقاً بمعدلات الذكاء لديهم. ولكن ما الدليل الذي استند إليه الباحثون؟

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: للبشر المتشابهين بالشكل السلوكيات والجينات نفسها

هل يوجد رابط بين حجم البؤبؤ ومعدل الذكاء؟

إحدى مزايا هذه الدراسة أنها وفّرت طريقة غير جراحية لعلماء النفس لفهم الأسس العصبية للعمليات المعرفية ومهارات التفكير والانتباه لدى الأفراد، حيث تضمنت الدراسة أكثر من 500 شخص من مدينة أتلانتا التابعة لولاية جورجيا الأميركية ممن تراوحت أعمارهم بين 18 و35 عاماً.

في البداية، تم قياس حجم بؤبؤ العين بواسطة جهاز تتبع العين الذي يستخدم كاميرا وجهازاً يلتقط الضوء المنعكس عن حدقة وقرنية العين، وتراوحت أقطار البؤبؤ المقاسة لدى المشاركين بين 2-8 مليمترات. وإحدى النقاط المهمة أن القياسات أُخذت والعين في حالة من الراحة أثناء التحديق في شاشة فارغة لبضع دقائق دون التأثر بأي مصدر ثانوي للضوء.

بعد ذلك، خضع الأفراد المشاركون في الدراسة لسلسلة من الاختبارات المعرفية التي قيّمت “الذكاء السائل” (Fluid Intelligence) وهو الذكاء الذي يختص بإيجاد الحلول عند مواجهة مشكلات جديدة، و”سعة الذاكرة العاملة” (Working Memory Capacity) التي تقدر إمكانية تذكر الأشخاص المعلومات مع مرور الوقت، بالإضافة إلى اختبارات “ضبط الانتباه” (Attention Control) والتي بحثت في القدرة على المحافظة على التركيز حتى أثناء تشتيت الانتباه.  

ونصت النتائج على أن الأفراد ذوي حجم البؤبؤ الكبير أظهروا نتائج أفضل في اختبارات الذكاء السائل وضبط الانتباه، كما أظهرت نتائج إيجابية بما يتعلق بسعة الذاكرة العاملة لكن بدرجة أقل من سابقاتها. وقال الباحث تسوكاهارا بهذا الخصوص: “من المهم أن نأخذ في الاعتبار أن ما تم إيجاده هو ارتباط ولا ينبغي الخلط بينه وبين السببية المطلقة”.

اقرأ أيضاً: جانب آخر من نظرية التطور: كيف طور أسلافنا الذكاء الجماعي؟

كيف تُفسّر نتائج ارتباط معدل الذكاء بحجم البؤبؤ؟

يرجّح الباحثون أن العلاقة بين الذكاء وحجم البؤبؤ تكمن داخل الدماغ، وبشكل أكثر دقة في جزء من الدماغ يُسمى “اللوزة الدماغية” أو “الموقع الأزرق” (Locus Coeruleus) وهو الجزء المسؤول عن تشكيل الهرمون والناقل العصبي النورإيبينفرين أو ما يُعرف بالنورأدرينالين، الذي يعتبر أحد أهم الناقلات العصبية المسؤولة عن الانتباه والذي يؤمّن الدافع لعمل كل من الدماغ والجسم.

للوزة الدماغية وظيفة أخرى، فهي المسؤولة بالدرجة الأولى عن الإدراك والانتباه والذاكرة وعمليات التعلم. وأوضح المؤلفون أن هذه المنطقة مسؤولة عن تنظيم عمل الأجزاء الأخرى من الدماغ لتعمل معاً بتناغم لإنجاز المهام والأهداف الأكثر تعقيداً.

من جهة أخرى، ترتبط أذية هذه المنطقة بالإصابة ببعض الأمراض العصبية التنكسية مثل داء [tooltip content=”هو حالة ضياع الذاكرة التي يعاني منها بعض الأشخاص عند التقدم بالعمر، حيث تبدأ خلايا دماغهم بالتموت وبالتالي التسبب بحالة كبيرة من التشتت والضياع. ” url=”https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%b2%d9%87%d8%a7%d9%8a%d9%85%d8%b1/” ]ألزهايمر [/tooltip] ومرض باركنسون، وحتى يمكن أن تؤدي دوراً في حدوث الاكتئاب السريري واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تربط بين نمط الحياة وانخفاض معدلات الإصابة بالخرف بين سكان الأمازون الأصليين

هل يمكن تعميم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة؟

كان الاستنتاج الأهم لهذه الدراسة أن الأفراد الذين امتلكوا بؤبؤاً أكبر حجماً كانت لديهم لوزة دماغية أكثر كفاءة وذات نشاط أكبر، الذي بدوره انعكس على أدائهم في الاختبارات وأظهروا نتائج وأداءً إدراكياً أفضل. إلا أن باحثين آخرين أوضحوا أن هذه الاستنتاجات مثيرة للجدل، فحتى الآن لم يتمكن أي باحثين آخرين من إعادة إثبات ما تم إثباته في هذه الدراسة.

اقرأ أيضاً: الكتابة على الورق تحفز الدماغ مقارنة بالكتابة على الأجهزة الإلكترونية

وبرر تسوكاهارا النقد الموجه لدراسته بأن الدراسات الأخرى ركزت على مقارنة “سعة الذاكرة العاملة” وليس الذكاء السائل، في الوقت الذي أظهرت فيه سعة الذاكرة العاملة الارتباط الأضعف بين جميع العوامل التي قارنها، وقال بهذا الخصوص: “إذا اضطررت إلى التكهن، فسأقول إن الأشخاص الذين يتمتعون بمعدلات أعلى من الذكاء السائل هم الذين يمتلكون بؤبؤاً أكبر حجماً، ولكن مرة أخرى أقول إن كل ما نملك في هذه المرحلة هو بيانات ارتباطية فقط لا أكثر”.