ستنطلق البوابة القمرية التابعة لناسا في وقتٍ ما من العقد المقبل. وهي نقطة دعمٍ فضائية قيد التطوير ستعمل في مدار القمر، حيث سيعيش رواد فضاء مهمة أرتميس وستساعد في إجراء الأبحاث العلمية الضرورية المتعمقة لاستكشاف البشرية الدؤوب للفضاء السحيق.
اجتازت إحدى تلك المهام، والتي تُدعى هيرمس، أو مجموعة تجارب القياس البيئي والإشعاع الشمسي، مؤخراً مرحلة مراجعة مهمة، وسينتقل علماء ناسا الآن إلى وضع اللمسات الأخيرة على تصميم المهمة.
وقد قال جيمي فيفورس، المدير التنفيذي لبرنامج هيرمس في ناسا، في بيان صحفي صدر في 30 يناير/كانون الثاني 2022: «ستكون هيرمس جزءاً مهماً من مهمة أرتميس وأهداف ناسا المتمثلة في تأسيس وجود دائم على القمر».
دور هيرمس في تأسيس وجود بشري دائم على القمر
بُنيت هيرمس بواسطة مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا، وهي واحدة من محطتين صغيرتين للطقس ستراقب الطقس الفضائي مع التركيز على الفيزياء الشمسية، أي دراسة الشمس. ستدرس البعثة الظروف الديناميكية التي تولدها الشمس، مثل القذف الكتلي الإكليلي (CMEs)، والتي يمكن أن تلحق الضرر بأجهزة المهمة والأنشطة البشرية.
ستتكون المحطة من أربعة أجهزة متخصصة ستُوضع معاً على منصة واحدة. ستعمل إحداها، وتُدعى «نيميسيس»، وهي اختصار لعبارة «أداة مقياس المغناطيسية لإزالة الضوضاء في نظام صغير متكامل»، ستعمل على قياس المجالات المغناطيسية حول البوابة.
سيكون الفهم الأفضل لظواهر طقس الفضاء من هذه المهمة مفيداً في التحضير للبعثات المأهولة في المستقبل. يقول ويليام باترسون، عالم المشروع في مهمة هيرمس: «نقصد بطقس الفضاء البيئة الإشعاعية هناك عند الحديث عن استكشاف الإنسان للفضاء».
وكان العلماء يقيسون تقلبات الطقس الفضائي على المركبات الفضائية العلمية الصغيرة منذ عقود، ولكن هيرمس ستكون أول نظام رصد في مهمة مأهولة لجمع البيانات خارج المجال المغناطيسي للأرض، والذي يعمل كدرع واقٍ من الإشعاعات. يحمي هذا المجال المغناطيسي، والذي يمتد نحو 100,000 كيلومتراً في الفضاء، رواد الفضاء ومحطة الفضاء الدولية من الإشعاع الضار المنبعث خلال أحداث مثل التوهجات الشمسية وغيرها من الأشعة الكونية المجرية.
اقرأ أيضاً: تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي سيتمكّن قريباً من البحث عن أول الفوتونات في الكون
فرصة نادرة لدراسة الإشعاع الشمسي مباشرة
ولكن بينما يدور القمر حول الأرض، فإنه يتحرك بشكل متكرر داخل وخارج ذيل المجال المغناطيسي للكوكب، وهو الجزء من المجال المغناطيسي الذي تشكل تحت تأثير الإشعاع الشمسي. للوصول إلى هناك، سيتعين على هيرمس الطيران عبر حزام فان ألين، وهو نطاقٌ كبير من الجسيمات المشحونة النشطة والتي تثبت في موقعها بفعل المجال المغناطيسي للأرض. لا يتأثر رواد الفضاء عادةً بهذه الأحزمة في المدار المنخفض، ولكن إذا طاروا على ارتفاع أعلى، فقد يكون هذا الإشعاع مميتاً إذا بقوا تحت تأثيره فترة طويلة من الزمن.
ستقضي البوابة ربع وقتها داخل هذا الدرع الواقي، ما يمنح الباحثين فرصة نادرة لدراسة وقياس الإشعاع الشمسي مباشرةً. ستستغرق هيرمس حوالي العام بعد إطلاقها حتى تصل إلى المكان المناسب لبدء مهمتها، والتي ستتم مباشرة بعد ذروة الدورة الشمسية الحالية إذا سارت هذه المهمة كما هو مخطط لها.
يقول باترسون: «بالنظر إلى النشاط الآتي من الشمس، هذا هو الوقت الأنسب فعلاً للوصول إلى هناك والبدء بمهمتنا».
ستحمل البوابة القمرية أيضاً نظيرة هيرمس، مهمة إرسا (ERSA)، وهي الأحرف الأولى من «مجموعة مستشعرات الإشعاع الأوروبية». لقد أخذت كل من مهمة هيرمس وإرسا أسماءهما من اسم اثنين من الأخوة غير الأشقاء للآلهة أرتميس في الأساطير اليونانية.
أهداف علمية للمهمة
على الرغم من أن قياسات هيرمس مخصصة لدراسة سلامة رواد الفضاء، إلا أن البيانات التي ستجمعها ذات طبيعة علمية في المقام الأول. من ناحية أخرى، سيكون الهدف الرئيسي لمحطة إرسا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية هو دراسة كيفية تأثير أشعة علماء يقيسون سرعة الرياح في طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي للمشتريالرياح الشمسية على رواد الفضاء ومعداتهم.
ستساعد البيانات اليومية التي ترسلها هذه المحطات في تكوين صورة أوضح لطبيعة طقس الفضاء في جميع أنحاء نظامنا الشمسي. وهذه البيانات مهمة بشكل خاص عندما سيحاول البشر إنشاء بيئات صالحة للسكن على الكواكب الأخرى أو بالقرب منها.
يقول باترسون: «ننظر للأمر على أنه نوع من الاستكشاف للمساعدة في إنشاء هذه القدرة، والتي نعتقد أنها ستكون ضرورية في المستقبل لدعم استكشاف الفضاء».
لا يزال أمام هيرمس طريق طويل قبل إطلاقها المقرر في أواخر عام 2024، ما يمنح المهمة متسعاً من الوقت للخضوع للمزيد من الاختبارات والتحسينات. لكن باترسون يتطلع إلى البيانات التي سيتم جمعها.
فبالنظر إلى أن معظم الأبحاث المتعلقة بالفيزياء الشمسية تُجرى عادةً بمعزلٍ عن تأثير الأشعة الشمسية المباشرة، فإن باترسون مهتم برؤية تطوير هذا المشروع لمعرفة البشرية وتوسيع أفقها بكيفية تأثير الديناميكيات الفريدة لشمسنا على بقية النظام الشمسي.
يقول باترسون في هذا الصدد: «أعتقد أنه يمكننا فعلاً إجراء أبحاث علمية عظيمة من خلال البوابة. سيكون هناك وقت لتعلم كيفية التغلب على التحديات التي ستواجهنا، ولكن كلنا ثقة بأننا سنتجاوزها».