مؤخراً جاء مريض مصابٌ بطفح جلدي نراه بشكلٍ متكرر، إلى عيادة الأمراض الجلدية التي نديرها. لقد كان يخيم مع أصدقائه قبل أيام قليلة وساعد في حمل بعض الأخشاب لإشعال النار، ولم يكن يعلم أنه سيدفع ثمن مد يد العون. بعد يومين، ظهرت بقع حمراء على ذراعيه وصدره؛ والتي سرعان ما بدأت تُشعره بحكة مزعجة للغاية وبدأت بأخذ شكل بثور مائية. إذا كنت قد قضيت أي وقت في الهواء الطلق (في الغابة، أو أثناء العمل في الفناء) فربما تكون قد اختبرت حالةً مشابهةً بعد التعرّض لنبات «اللبلاب السام»، وهي تجربة ليس من السهل نسيانها.
التعرّض لمُهيجات نباتية
توجد نبتة اللبلاب السام في كل مكان في الولايات المتحدة القاريّة، ومعظمها يوجد في الولايات الشرقية والغربية الوسطى. لسوء حظنا نحن البشر، فهذا النبات قويّ ويمكن أن ينمو في ظل العديد من الظروف المختلفة. الأماكن المفضلة لهذه النبتة هي المناطق المشجّرة والحدائق وجوانب الطرق التي تكون مظللة جزئياً أو يسودها ضوء الشمس طيلة النهار.
على الرغم من كونها مصدر إزعاج للناس؛ إلا أن نبتة اللبلاب السام هي عنصر مهم في النظام البيئي. أوراقها وسيقانها وثمارها هي طعام للحيوانات، ويمكن أن تكون الكروم التي تنمو فيها مآوٍ للحيوانات الصغيرة مثل الضفادع والفئران، حتى أنها تساعد هذه الحيوانات في تسلق الأشجار. يبدو أن تغيّر المناخ يفيد اللبلاب السام؛ إذ أنه تسبب بجعلها أكبر وزاد من تأثيرها على البشر.
يمكنك عادةً التعرّف على نبتة اللبلاب السام من خلال أوراقها الثلاث الخضراء الباهتة أو اللامعة الخارجة من ساق أحمر. أحياناً تكون هناك أزهار أو ثمار تخرج من نهاية الفرع.
اقرأ أيضاً: لماذا تُعتبر بعض أنواع الفطر سامّةً؟
على الرغم من اسمه، فإن اللبلاب السام ليس ساماً. يحمل هذا النبات عُصارة زيتية على أوراقه وسيقانه تسمى «اليوروشيول»؛ والتي تسبب تهيج الجلد عند معظم الناس. في الواقع؛ يعاني 85-90% من الأشخاص من حساسية تجاه عصارة اللبلاب السام بدرجة ما. يمكنك أحياناً رؤية زيت اليوروشيول على شكل بقع سوداء على أوراق اللبلاب السام، وهذه العصارة هي التي تمنح نبات البلوط السام والسماق السام آثارهما المؤذية.
من الواضح أن لمس اللبلاب السام مباشرة هو فكرة سيئة. يمكنك حتى أن تتسبب بالأذى عن طريق لمس الملابس أو الحيوانات الأليفة أو أي شيء آخر لمس النبات والتقط بعضاً من اليوروشيول. إذا لم يتم تنظيف الجسم الملوث، فسيظل اليوروشيول عليه، ويمكن أن يتسبب في ظهور الطفح الجلدي بعد ساعات أو أيام أو حتى سنوات. إحدى مصادر الخطر الأخرى هو الدخان الناتج عن حرق اللبلاب السام؛ والذي يمكن أن يؤثر أيضاً على البشرة والأنف والفم والقصبات الهوائية والرئتين في حال الاستنشاق.
من الزيت إلى الطفح الجلدي
يمكن أن يأخذ الطفح الجلدي الناتج عن اللبلاب السام أشكالاً عديدة، من النتوءات الصغيرة الحمراء إلى البثور أو البقع الحمراء. بغض النظر عن الطريقة التي يظهر بها الطفح، فإنه دائماً ما يكون مثيراً للحكة بشكل فظيع.
عندما «تتسمّم» باللبلاب السام، فلن تعرف على الفور. قد يستغرق ظهور الطفح الجلدي ما بين 4 ساعات إلى 10 أيام؛ وذلك يعتمد على كمية اليوروشيول التي يتعرّض لها جلدك، ومدى حساسيتك تجاهه، وعدد المرات التي تعرضت فيها للنبات سابقاً.
بين لحظة التعرض وفترة المعاناة من الحكة، يمر جسمك بعملية تفاعُل معقّدة تهدف للتعرّف على المادة الدخيلة. عندما يدخل الزيت إلى بشرتك، تتعرف الخلايا المناعية المستشعرة على اليورشيول على أنه مادة دخيلة، ثم تقوم خلايا الاستشعار هذه باستدعاء الخلايا الحامية للمنطقة لتحذيرها من الغزو. تدافع الخلايا الحامية عن جسمك ضد المادة الدخيلة من خلال مهاجمة اليوروشيول في الجلد. لسوء الحظ، فإن بعض خلايا الجلد الطبيعية في جسمك تكون ضحايا لهذه الحرب؛ وهو ما يؤدي إلى الحكة والتورم اللذين يتّسم بهما الطفح الناتج عن اللبلاب السام.
ستبقى الخلايا الحامية بعد ذلك بالقرب من الجلد لسنوات عديدة مقاومةً اليوروشيول إذا ظهر مرةً أخرى. إذا حدث ذلك، ستتذكّر هذه الخلايا أنها واجهت هذه المادة من قبل، وغالباً ما تكون استجابتها أسرع وأكثر فعاليةً من المرة الأولى.
هذا الطفح الجلدي هو نوع من التهاب الجلد التماسي التحسسي؛ وهو حالة تنتمي لنفس عائلة الطفح الجلدي الذي يصيب بعض الأشخاص من ارتداء المجوهرات أو أبازيم الأحزمة المعدنية أو من استخدام بعض العطور أو مستحضرات التجميل.
التعامل مع التعرّض لنبات اللبلاب السام
إن مقولة «تجنّب النباتات ثلاثية الأوراق» تسلط الضوء على أفضل استراتيجية للوقاية من اللبلاب السام: التجنّب؛ ولكن إذا لامست اللبلاب السام، فيجب أن تكون الخطوة الأولى دائماً هي خلع أية ملابس لامست النبات وغسلها. اغسل بشرتك برفق ولكن جيداً بالماء والصابون فوراً. يمكن أن يكون غسل ما تحت الأظافر مساعداً أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة لقص الأظافر، وذلك لمنع انتشار اليوروشيول إذا قمت بحك بشرتك.
يؤدي التهاب الجلد التماسي التحسسي الناتج عن اللبلاب السام دائماً إلى ظهور طفح جلدي يستمر عادةً من أسبوعين إلى 3 أسابيع قبل أن يختفي تماماً.
اقرأ أيضاً: في الطبيعة: فطور قابلة للاشتعال يمكنك استخدامها كمصدر للنار
سيختفي الطفح في النهاية من تلقاء نفسه؛ ولكن يمكنك استخدام بعض العلاجات المنزلية والعلاجات التي لا تستلزم وصفةً طبيةً لتخفيف الحكة وانتشار الطفح الجلدي. البثور التي تتكون نتيجةً للتعرض لهذا النبات لا تكون ملتهبة ولا تتطلب عادةً تناول المضادات الحيوية؛ لكن إذا قمت بحك جلدك -إذ أن مقاومة ذلك هو أمر صعب للغاية- فقد يلتهب الجلد المكشوف.
لتخفيف الحكة؛ الكمادات الباردة والمبللة يمكن أن تكون مفيدةً، كما يمكنك نقع البقع المتهيّجة في حمام بارد مع صودا الخَبز أو منتجات الاستحمام المصنوعة من دقيق الشوفان. يمكن أن تخفف مستحضرات الكالامين أو الكريمات التي تحتوي على المنثول الحكة قليلاً أيضاً، كما يمكنك استخدام كريم أو مرهم الكورتيزون الذي يمكن شراؤه دون وصفة طبية في الأيام القليلة الأولى بعد ملامسة اللبلاب السام لتخفيف رد فعل الجسم ومنع الطفح الجلدي من التفاقم. يمكن أن يؤدي تناول مضادات الهيستامين مثل «ديفينهيدرامين» في الليل إلى تخفيف الحكة بشكل طفيف، كما أنه يمكن أن يساعدك على النوم بشكل أفضل.
عادةً ما تكون زيارة الطبيب غير ضرورية لعلاج الطفح الجلدي الناتج عن اللبلاب السام ما لم ينتشر على مساحات كبيرة، أو إذا لم يتسبب بالالتهاب، أو لم يستمر لأكثر من 3 أسابيع، أو إذا لم تكن مصاباً بحالة نادرة للغاية منه تؤثر على التنفّس.
أفضل طريقة هي الوقاية. عندما تكون خارج المنزل، كن حذراً مما تلمس، وتجنّب لمس النباتات ثلاثية الأوراق بشكل عام.