عادة ما يُعتقد أن الكتابة والقراءة والرياضيات هي مواد يتعلّمها الأطفال في المدرسة. ولكني كعالمة نفس أبحث في الطرق التي يمكن أن تساعد العائلة فيها الأطفال على التعلّم في المنزل، اكتشفت أن الأطفال يمكن أن يتعلّموا هذه المهارات من الحياة اليومية أيضاً. إحدى هذه المهارات هي تحضير وجبة، بكل ما يتضمنه ذلك من التسوق في متجر البقالة إلى الطبخ إلى إعداد المائدة.
تُبين أبحاثنا أن هذا يصحّ بشكل خاص على العائلات من الأصول اللاتينية والمقيمة في الولايات المتحدة، والتي يعتبر الكثير منها حديث العهد بالأنظمة المدرسية الأميركية، ولكن وجبات العشاء العائلية تعتبر جزءاً أساسياً من اليوم بالنسبة لها.
شملت الدراسة التي أجريناها 248 من الآباء اللاتنيين الذين لديهم أطفال في مرحلة رياض الأطفال. مُنح بعض المشاركين قائمة ببعض النصائح (مشروحة أدناه) حول تحسين المهارات اللغوية ومهارات الرياضيات لأطفالهم وزيادة ثقافتهم في المنزل أثناء انتقاء وتحضير وتناول الطعام. طُلب من الآباء استخدام هذه النصائح لشهر واحد على الأقل. في المقابل لم تُمنح مجموعة من الآباء أية نصائح (المجموعة المعيارية).
وجدنا من خلال هذه الدراسة أن الأطفال الذين طبق آباؤهم هذه النصائح كانوا يتمتّعون بمخزون لغوي أكبر، وكانوا يُبدون رغبة أكبر في التعلّم بعد شهر من بداية الدراسة، وحتى بعد 5 أشهر. كان هؤلاء الأطفال يتمتّعون بقدرة أكبر على سرد القصص وعلى التحكّم بسلوكياتهم، كما أن قدرتهم على الانتباه كانت أكبر مقارنة بالأطفال الذين لم يطبّق آباؤهم النصائح.
أُعجب الآباء الذين لديهم الكثير من المشاغل بهذه النصائح بشكل خاص لأنها كانت سهلة التطبيق ومناسبة لوقتهم، كما أنها لم تتطلب الكثير من الجهد أو الموارد الخاصة.
تدريب الأطفال عبر تحضير قوائم المشتريات
يستطيع الآباء أن يطلبوا من أطفالهم أن يحضّروا قوائم مشتريات البقالة قبل أن يذهبوا للتسوّق. في حين أن الأطفال الأكبر سنّاً يستطيعون استخدام الأحرف والأرقام لإنجاز هذه المهمة (مثل «علبتان من حبوب الإفطار» أو «10 حبات من الموز»)، إلا أن الأطفال الأصغر سناً قد يجدون أنفسهم بحاجة إلى رسم صور للأشياء التي يريد آباؤهم شراءها، أو استخدام مزيج من الأحرف والأرقام والصور.
وجدت دراسة نُشرت في 2017 أنه كلما منح الآباء لأطفالهم المزيد من الفرص للتدرّب على كتابة وقراءة الأحرف والأرقام بأنفسهم خلال تحضير قوائم المشتريات، كانت مهارات القراءة والرياضيات لدى الأطفال أفضل في مرحلة لاحقة من عمرهم.
عند العودة من المتجر، يستطيع الآباء أن يطلبوا من الأطفال أن يتفقّدوا ما إذا أحضر آباؤهم كل المشتريات الموجودة في القائمة. هذه طريقة رائعة لتدريب الأطفال على الكتابة والقراءة والرياضيات.
اقرأ أيضاً: ما هو السن الأنسب لتعليم الأطفال مهارات مثل القراءة والسباحة؟
الطبخ وإعداد المائدة
يمثّل تجميع وخلط المكونات أثناء الطبخ أو إعداد المائدة فرصاً تمكّن الأطفال من التدرّب على الرياضيات بطرق ممتعة ومألوفة. وجدنا أن ممارسة الرياضيات مع الأطفال خلال إنجاز هذه المهام المنزلية يمكن أن تعزز دوافع الأطفال لتعلّم الرياضيات.
اسأل طفلك أسئلة مثل: «هل يمكنك إحضار 5 تفاحات من البراد؟» أو «أضفت 4 أكواب من الحليب وكوب إضافي، كم كوب يوجد في المزيج؟» أو «كم صحناً وشوكة نحتاج اليوم؟».
سرد القصص في وقت الوجبات
يستطيع الآباء استغلال موعد العشاء والوجبات الأخرى لتشجيع الأطفال على سرد القصص حول أحداث اليوم. يعتبر سرد القصص المتعلقة بالأحداث الماضية والمستقبلية طريقة رائعة لتعزيز المهارات اللغوية وفهم القصص، وهي مهارات مهمة للقراءة.
يجب أن يطرح الآباء لتحفيز الأطفال على التحدث الكثير من الأسئلة التي يحتاج الأطفال أن يبتدعوا أجوبتهم الخاصة لها، بدلاً من الأسئلة التي إجاباتها هي «نعم» أو «لا». مثلاً، يمكن للآباء طرح السؤال «من رافقك إلى الحفلة؟» أو «إلى أين ذهبت مع جدّتك؟» أو «لماذا أنت خائف؟».
يمكن أن يساعد الحديث عن مواضيع يهتم بها الأطفال في تحفيزهم على التحدّث. يستطيع الآباء ليضمنوا مشاركة الأطفال في الحديث أن يطرحوا أسئلة مثل «ماذا حدث بعد ذلك؟»، ويمكنهم أيضاً أن يكرروا ما قاله الطفل. مثلاً، إذا قال الطفل: «ذهبنا إلى المنتزه»، يستطيع الآباء أن يقولوا: «نعم، ذهبنا إلى المنتزه!»، أو يستخدموا عبارات مثل «نعم» أو «أوه» أو «لم أكن أعرف ذلك» و«حقاً؟» لإبقاء الحديث مستمراً.
اقرأ أيضاً: ابتعاد الأطفال عن منازلهم بمفردهم لمسافة آمنة يزيد ثقتهم في أنفسهم
تدريب الأطفال جيّداً يتطلب استخدام اللغة المألوفة
يجب على الآباء أن يتحدّثوا باللغة التي يتقنوها أكثر. قد يشعر الكثير من الآباء أنهم بحاجة إلى التحدّث بلغة معينة، مثل الإنجليزية، في المنزل، لأنها اللغة التي تستخدم في المدرسة. ولكن عندما يستخدم الآباء اللغة الأكثر ألفة بالنسبة لهم، سيستطيعون التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل أفضل، والحفاظ على ثقافتهم بنفس الوقت. استخدام اللغة الأصلية في المنزل لا يضر بعملية التعلّم. عندما يصبح الأطفال ماهرين في استخدام لغة معينة، مثل الإسبانية، سيتمكّنوا من استخدام معلوماتهم هذه في تعلّم لغة أخرى، مثل الإنجليزية.
اقرأ أيضا:
تنطبق نتائج بحثنا بشكل أساسي على العائلات من الأصول اللاتينية، والتي تَعتبر الوجبات العائلية أمراً مهماً. يميل أفراد العائلات التي لها أصول لاتينية لأن يتناولوا الطعام معاً أكثر من العائلات من الأعراق الأخرى. كما أنه من المرجح أن يطبخ أفرادها في المنزل ويشركوا الأطفال في مهام المطبخ.
مع ذلك، تنطبق النصائح هذه على كل العائلات التي تمارس الطبخ وتناول الطعام والتسوق بشكل منتظم. ويمكن أن تساعد الآباء الذين لديهم الكثير من المشاغل في تعزيز عملية تعلّم أطفالهم دون بذل الكثير من الجهد أو الموارد.