يموت سنوياً ما يعادل 5.6 مليوناً من الأطفال في جميع أنحاء العالم قبل بلوغهم سن الخامسة، وهناك 2.6 مليوناً بينهم من حديثي الولادة والذين يموتون حتى قبل أن يبلغوا شهراً من العمر.
تختلف أسباب الوفيات إلّا أنها تنحصر بطيف الأمراض الإنتانية في البلدان النامية مثل الالتهاب الرئوي والإسهال والملاريا، حيث أن الفقر وسوء التغذية وعدم الحصول على المياه النظيفة كلها عوامل ضارة تؤثر على صحة الأطفال ونموهم، وعلى الرغم من أن بعض وفيات البلدان المتقدمة من حديثي الولادة قد تكون ناجمة عن سوء التغذية، إلّا أن الأسباب تختلف بشكل طفيف فقد يكون للولادة المبكرة ونقصان الوزن عند الولادة الحصة الأكبر منها. وهذا ما حدث مع نجم كرة القدم البرتغالي "كريستيانو رونالدو" مؤخراً إذ فقد أحد طفليه مباشرةً بعد الولادة، كما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
ما هو موت الأطفال حديثي الولادة؟
هي وفاة طفل في أول 28 يوماً من حياته. هذه الوفيات نادرة إذ تحدث بنسبة أقل من 1%، أي يموت طفل واحد بين كل 250 طفلاً كل عام في الولايات المتحدة الأميركية. لكن تعتبر وفاة الطفل بعد انتظاره 9 أشهر مأساوية، ومن الطبيعي أن يكون للأبوين العديد من الأسئلة حول كيفية الوفاة ولماذا حدث ذلك، والتساؤل فيما إذا حصل أي خطأ من قبلهما، وهنا يقع على عاتق مقدم الرعاية الصحية شرح أسباب الوفاة والإجابة عن جميع تساؤلاتهما.
أسباب وفيات الرضع وحديثي الولادة
أسباب وفاة حديثي الولادة متعددة، منها ما يتعلق بسلامة الجنين ونموه داخل الرحم ومنها ما له علاقة بسلامة سير العملية ولادة، ومن الأسباب الأكثر شيوعاً نذكر:
الولادة المبكرة
تحدث هذه الولادة عندما يولد الطفل مبكراً قبل الأسبوع 37 من الحمل ويسمى "خديجاً"، ويعتبر الخديج معرضاً لمشكلات صحية أكثر مقارنةً بالأطفال الذين يولدون في وقت الولادة المتوقع، إذ قد يصابون بمضاعفات خطيرة يمكن أن تسبب الموت في بعض الأحيان، ومن هذه المضاعفات:
- متلازمة الضائقة التنفسية الحادة: والتي تعتبر إحدى أكثر المشكلات التنفسية شيوعاً عند الأطفال المولودين قبل الأسبوع 34 من الحمل، إذ يفتقر هؤلاء الخدج إلى وجود مادة "السورفاكتانت" والتي تحافظ على الضغط السنخي السطحي، أي أن وجودها يحمي الأسناخ الرئوية من فرط الانخماص أثناء الزفير وفرط الامتلاء أثناء الشهيق. تكون متلازمة الضائقة التنفسية الحادة مسؤولة عن 825 حالة من وفيات حديثي الولادة كل عام.
- النزف داخل البطينات الدماغية: تكون معظم حالات نزيف الدماغ خفيفة وتختفي من تلقاء نفسها بدون مشكلات دائمة، وبالمقابل يمكن أن يسبب النزيف الحاد مشكلات خطيرة للطفل.
- التهاب الأمعاء والقولون النخري: والذي يتظاهر على شكل مشكلات في التغذية وانتفاخ بالبطن وإسهال. يحدث هذا الالتهاب بعد 2 إلى 3 أسابيع من الولادة المبكرة ويمكن علاجه بالأدوية، إلّا أنه يتطلب إجراء الجراحة في بعض الحالات، ويتسبب بالموت إن لم يُعالج.
- الإنتانات: يعاني الخدج من صعوبة في محاربة الجراثيم والفيروسات نظراً لعدم اكتمال نمو أجهزتهم المناعية، الأمر الذي يعرضهم للإصابة بالالتهاب الرئوي وتعفن الدم والتهاب السحايا بشكل أكبر.
اقرأ أيضاً: اكتشاف طفرة فيروس زيكا المُسببة للعيوب الخلقية لدى الأطفال
انخفاض الوزن عند الولادة
نقول إن الطفل يعاني انخفاض الوزن عند الولادة عندما يَزن أقل من 2 كيلوغراماً. يعاني هؤلاء المواليد من مشكلات صحية أكثر من الأطفال المولودين بوزن صحي، مثل نقص حرارة الجسم نظراً لعدم امتلاكهم مخازن شحمية كافية، وغيرها من النتائج. تكون الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة مسؤولين عن وفاة واحدة بين كل 4 وفيات من حديثي الولادة أي ما يعادل 25% منها.
عيوب خلقية
العيوب الخلقية هي حالات تتطور أثناء الحمل ويحصل فيها تغير في شكل أو وظيفة جزء أو أكثر من أجزاء الجسم. يترتب على وجود هذه العيوب مشكلات في الصحة العامة عند الطفل إذ يتطور جسمه ويعمل بطريقة مختلفة مقارنةً بالأطفال الأصحاء. وتكون العيوب الخلقية مسؤولة عن نحو وفاة واحدة بين كل 5 وفيات لحديثي الولادة، أي ما يعادل 20% منها.
تشمل العيوب الخلقية الأكثر شيوعاً التشوهات القلبية والتشوهات الصدرية الرئوية كعدم تطور الرئتين الطبيعي نتيجة لنقص السائل الأمينوسي. يعتبر "انعدام الدماغ" أحد العيوب الخلقية النادرة والتي يُفقد فيها معظم دماغ الطفل وجمجمته، ويولد الطفل ميتاً جراء ذلك.
اقرأ أيضاً: تناول الحامل للكافيين يسبب تغيرات في دماغ الطفل
يوجد مجموعة من اختبارات ما قبل الولادة والتي تساعد مقدم الرعاية في الكشف عن وجود أي عيوب خلقية قبل الولادة. لا تُعد هذه الاختبارات خطيرة إلّا أنها تمتلك شيئاً من الخطورة على صحة الجنين، تشمل هذه الاختبارات:
- بزل السلى: والذي يُجرى في الأسبوع 15 إلى 20 من الحمل.
- خزعة المشيمة: يسمح هذا الاختبار بالكشف عن متلازمة داون، ويُجرى في الأسبوع 10 إلى 13 من الحمل.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: يساعد بشكل كبير في اكتشاف العيوب الخلقية مثل السنسنة المشقوقة وانعدام الدماغ والتشوهات القلبية، كما يعطي فكرة عن المشيمة والسائل الأمينوسي وغيرها من مكونات المحصول الحملي.
مشكلات في الحمل
وعلى رأسها "التسمم الحملي" وهو ارتفاع ضغط دم الحامل الشديد، الأمر الذي يتسبب بحدوث فشل أعضائها كالكبد والكليتين إن لم يُدبر سريعاً. يحدث التسمم الحملي بعد الأسبوع 20 من الحمل، كما تكون مشكلات المشيمة والحبل السري والكيس الأمينوسي مسؤولة عن بعض وفيات حديثي الولادة إذ يؤثر وجود أي خلل فيها على تغذية الجنين وتزويده بالأوكسجين.
الاختناق
وهو عدم الحصول على الكفاية من الأوكسجين. يحدث إمّا والجنين ما زال في رحم أمه، إذ يلتف الحبل السري حول عنقه، أو أثناء الولادة إن تمّت على يد طبيب غير مختص.
اقرأ أيضاً: ما هو العمر المناسب حتى ينام الطفل في غرفة مستقلة؟
متلازمة موت الرضيع المفاجئ
أحد الأسباب الشائعة لوفيات الرضع، ويحدث خاصة للأعمار بين 5-6 أشهر. لم يُعرف لحد الآن سبب واضح لحدوث هذه الوفيات، إلّا أنه يوجد مجموعة من عوامل الخطر التي تزيد من وقوعها وعلى رأسها نوم الرضيع على بطنه أو بجانب أحد أشقائه، إذ يجب أن ينام في سرير مستقل بجانب أبويه تجنباً لحدوث أي حالات اختناق، كما يجب إزالة أي ملاءات أو ألعاب من جانب الرضيع وهو نائم كي لا يختنق بها. تشيع حدوث هذه الحالات عند المولودين لأمهات مدخنات، كما تشيع في العائلات التي يحدث فيها اضطهاد وعنف أسري.
وتجنباً لجعل الآباء يعيشون مرّ هذه المأساة، تم العمل على تحسين نتائج الولادة والمراقبة الحثيثة للحمول عالية الخطورة، وذلك لكي يتم الكشف عن وجود أي عيب أو خلل في أبكر وقت ممكن، للتعامل معه بالشكل الأمثل في أسرع وقت ممكن.