أعلن أطباء يوم أمس الأربعاء، خلال مؤتمر الإيدز 2022 المُنعقد في مونتريال في كندا، عن حالة الشفاء الرابعة من فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، والثانية هذا العام، بعد أكثر من 30 عاماً على إصابة المريض بالعدوى، وذلك عن طريق إجراء عملية زرع نخاع العظم.
قصة مريض «مدينة الأمل»: رابع المتعافين من الإيدز
شُخصت إصابة المريض البالغ من العمر 66 عاماً، والذي رفض الإفصاح عن اسمه، بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 1988، وقد شعر حينها أن إصابته بمثابة "حكم بالإعدام" بعد أن رأى العديد من أصدقائه يموتون أمامه بسبب الإصابة.
شارك المريض بالتجارب المبكرة لعلاج الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بمضادات الفيروسات القهقرية، والذي يسمح الآن لنحو 38 مليون مصاب بالفيروس على مستوى العالم بالتعايش معه. وبدأ العلاج بهذه الأدوية التي تؤدي إلى تخفيف الأعراض لكنها لا تؤدي إلى الشفاء التام من الفيروس منذ ذلك الوقت.
اقرأ أيضاً: كيف نجحت «تقنية كريسبر» في كبح تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز؟
أُصيب المريض بسرطان الدم «اللوكيميا»، وهو مرض يصيب الخلايا المكونة للعناصر الدموية في نخاع العظم، بعد بلوغه سن 63 عاماً. وقد قرر الأطباء أنه في حاجة لعملية زرع نخاع العظم لإزالة خلايا الدم السرطانية، وخضع المريض لعملية الزرع منذ 3 أعوام ونصف في 2019.
هنا حدثت المفاجأة، فقد كان المتبرع مقاوماً بشكل طبيعي لفيروس نقص المناعة البشرية. أدى نقل نخاع العظم من المتبرع المقاوم للإيدز إلى شفاء المريض من الفيروس، ولم يعد يتلقى الآن العلاج المضاد للفيروسات القهقرية منذ مارس/ آذار 2021.
عبّر المريض عن سعادته بشفائه قائلاً: "لم أكن أعتقد أنني سأعيش لأرى اليوم الذي لم أعد فيه مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية". وقال إنه "ممتن للغاية" لذلك.
تلقى المريض علاجه في مستشفى "مدينة الأمل" في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وسُمي باسم مريض "مدينة الأمل" نسبة إلى المستشفى. استمر المريض تحت مراقبة الأطباء في المستشفى لأكثر من 17 شهراً بعد إجراء الزرع، وأصبحت مستويات الفيروس غير قابلة للكشف في جسده.
قالت طبيبة الأمراض المعدية في مستشفى مدينة الأمل، جانا ديكتر: "لقد سُعدنا بإخباره أن فيروس نقص المناعة البشرية لديه في حالة سكون، وأنه لم يعد في حاجة إلى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية التي كان يخضع لها منذ أكثر من 30 عاماً".
اقرأ أيضاً: علاجات جديدة مبشرة لمرض الإيدز
كيف يمكن لشخص أن يكون مقاوماً طبيعياً لفيروس نقص المناعة البشرية؟
يصيب فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) جهاز المناعة في الجسم، وبالتحديد كريات الدم البيضاء التي تُعد خط الدفاع الرئيسي في الجسم ضد العوامل الممرضة. يتعرف الفيروس على بروتين يسمى CCR5 موجود في الغشاء الخلوي لكريات الدم البيضاء، وهو مدخل مجهري إلى داخل الكرية البيضاء، يمكن للفيروس اقتحامها من خلاله.
يمتلك الشخص الذي تبرع بنخاعه العظمي لمريض مدينة الأمل طفرة في بروتين CCR5، يؤدي وجود هذه الطفرة إلى إغلاق هذا المدخل الخلوي ومنع الفيروس من دخول الخلية.
اقرأ أيضاً: التعديل الجيني يمكن أن يساعد في القضاء على فيروس الإيدز
حالات الشفاء السابقة من الإيدز
في السنوات القليلة الماضية شُفي 3 مرضى آخرون من الإيدز، لكن المريض الرابع "مريض مدينة الأمل" هو الأكبر سناً بينهم، والذي عاش مع المرض لسنوات أكثر منهم أيضاً. اعتمد علاج جميع هؤلاء المرضى الأربعة على إجراء عمليات زرع نخاع العظم.
قالت الطبيبة ديكتر لوكالة فرانس برس: "نظراً لأن المريض الأخير كان الأكبر سناً حتى الآن، فقد يكون نجاحه واعداً للمرضى الأكبر سناً المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والمصابين بالسرطان".
على الرغم من اعتماد حالات الشفاء الأربع على عمليات زرع النخاع العظمي، فإن المختصين لا يعتقدون أن طريقة العلاج هذه ستحدث ثورة في علاج الفيروس، فهو "إجراء معقد وله آثار جانبية محتملة كبيرة. لذا، فهو ليس خياراً مناسباً حقاً لمعظم الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية"، على حد قول الطبيبة ديكتر.
اقرأ أيضاً: كيف ينتقل فيروس الإيدز عبر سوائل الجسم؟
الحالة الثالثة والمرأة الأولى
كانت حالة الشفاء الثالثة لامرأة خضعت لعملية نقل خلايا جذعية مأخوذة من دم الحبل السري لمتبرع مقاوم طبيعياً أيضاً لفيروس نقص المناعة البشرية. أجرت المريضة عملية النقل بعد إصابتها بسرطان الدم "اللوكيميا". أُعلن عن شفاء هذه المرأة بداية العام الحالي، وبالتحديد في فبراير/ شباط 2022.
اقرأ أيضاً: أول حالة شفاء لامرأة من مرض الإيدز باستخدام زرع الخلايا الجذعية
الحالة الثانية: مريض لندن
أُعلِن عن شفاء المريض الثاني آدم كاستيليجو، والذي سُمي "مريض لندن"، في مؤتمر حول فيروس نقص المناعة البشرية في مارس/ آذار 2020. كان يبلغ المريض حينها عامه الـ 40. خضع كاستيليجو أيضاً لعملية زرع الخلايا الجذعية لعلاج سرطان الدم.
اقرأ أيضاً: بعد عقود من الأبحاث: لماذا لا يوجد لدينا لقاح الإيدز؟
الحالة الأولى: مريض برلين
يُعد تيموثي راي براون أول مريض يشفى من الإيدز، خضع هو الآخر لعملية زرع نخاع العظم عام 2007، وأُعلن عن شفائه عام 2008، ولُقب حينها باسم "مريض برلين". كان قد تلقى نخاع عظم مُتبرعاً به من شخص مقاوم للفيروس.