هل كان الكويكب الذي تسبب بتشكّل الفوهة الأكبر على الأرض أضخم مما كنا نعتقد؟

3 دقائق
هل كان الكويكب الذي تسبب بتشكّل الفوهة الأكبر على الأرض أكبر مما كنا نعتقد؟
قبل ملياري سنة، اصطدم جسم (على الأرجح أنه كان كويكباً) بالأرض بالقرب من المنطقة التي تقع فيها مدينة جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا اليوم، مشكّلاً أكبر فوهة معروفة على الأرض. الصورة من مرصد الأرض التابع لوكالة ناسا، عن طريق لورين دوفن باستخدام بيانات من وكالة المسح الجيولوجي الأميركي.

شهد شهر سبتمبر/ أيلول 2022، الكثير من الاكتشافات والإنجازات الجديدة المتعلقة بالكويكبات. ولا يعود الفضل في ذلك فقط لمهمة دارت التابعة لوكالة ناسا، والتي تم ضمنها صدم مركبة فضائية بكويكب يحمل اسم ديمورفوس. حظيت صخرة فضائية قديمة أخرى ببعض الاهتمام مؤخراً أيضاً.

فوهة فريديفورت

يبلغ قطر أكبر وأقدم فوهة صدمية على كوكب الأرض، والتي تحمل اسم فوهة فريديفورت، نحو 100 كيلومتر، وهي تقع قرب مدينة جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا. قبل نحو ملياري سنة، اصطدم جسم (على الأرجح أن يكون كويكباً) بالأرض، وشكّل هذه الفوهة العملاقة التي يقدر العلماء أن قطرها تراوح بين 180 و300 كيلومتر بعيد حدث التصادم. وجد الباحثون في دراسة نُشرت بتاريخ 8 أغسطس/ آب 2022 في مجلة الأبحاث الجيوفيزيائية أن هذا الجسم قد يكون أكبر مما قُدّر من قبل. إذا صح ذلك، فعلى الأرجح أن هذا الجسم تسبب بعواقب كارثية على الكوكب بأكمله.

اقرأ أيضاً: ما تأثير نجاح مهمة دارت التابعة لوكالة ناسا على مستقبل الدفاع الكوكبي؟

سيساعد البحث الجديد العلماء في إنشاء محاكيات أكثر دقة لأحداث التصادم على الأرض والكواكب الأخرى. قالت ناتالي ألين (Natalie Allen)، المؤلفة الرئيسية في الدراسة الجديدة وطالبة في مرحلة الدكتوراة في جامعة جونز هوبكنز في بيان صحفي: "يعتبر فهم أكبر فوهة صدمية على الأرض مهماً للغاية"، وأضافت: "يمثّل الحصول على المعلومات التي توفرها الفوهات مثل فوهة فريديفورت فرصة كبيرة لاختبار النماذج التي قمنا بتطويرها وفهمنا للأدلة الجيولوجية حتى نتمكن من فهم أحداث التصادم على الأرض وغيرها من الكواكب".

تعرّضت فوهة فريديفورت للتعرية خلال الـ2 مليار سنة الماضية، ما يجعل من الصعب على العلماء تقدير قطرها بعد التصادم بالإضافة إلى حجم وسرعة الجسم التي تسبب بتشكّلها بدقة. أجرى فريق من الباحثين محاكيات حاسوبية في محاولة لمطابقة حجم هذه الفوهة الذي تم تقديره حديثاً مع جسم فضائي. وبيّنت النتائج أن هذا الجسم يجب أن يكون أكبر بكثير مما قُدّر سابقاً؛ إذ يجب أن يتراوح قطره بين 20 و25 كيلومتراً. كما أن سرعته يجب أن تتراوح بين 15 و20 كيلومتراً في الثانية.

اقرأ أيضاً: في خطوة جديدة لحرف مسار الكويكبات التي تشكل تهديداً للأرض: نجاح اصطدام المركبة دارت بكويكب

أكبر من الكويكب الذي تسبب بانقراض الديناصورات

تبين المكتشفات الجديدة أنه من المحتمل أن هذا الجسم كان أكبر من الكويكب الذي ضرب الأرض منذ 66 مليون سنة وتسبب بانقراض معظم أنواع الديناصورات، والذي شكّل فوهة تشيكسكولوب في المكسيك. بالإضافة إلى حدث الانقراض الجماعي، ابتليت الأرض بالعديد من الكوارث الأخرى بسبب هذا الحدث، مثل حرائق الغابات الواسعة والأمطار الحمضية وتدمير طبقة الأوزون.

إذا تشكّلت فوهة فريديفورت نتيجة لاصطدام جسم أكبر وأسرع مقارنة بالكويكب الذي شكّل فوهة تشيكسكولوب، فمن المرجح أن حدث الاصطدام الذي شكّلها تسبب في عواقب كارثية أكبر على مستوى العالم.

قالت ميكي ناكاجيما (Miki Nakajima)، أستاذة علوم الأرض والبيئة المساعدة في جامعة روتشستر في بيان صحفي: "على عكس حدث اصطدام تشيكسكولوب، لا توجد أدلة تبين أن حدث اصطدام فريديفورت تسبب بانقراض جماعي أو حرائق في الغابات. ويعود ذلك إلى أنه لم تكن هناك على الأرض سوى الكائنات الحية وحيدة الخلية قبل ملياري سنة، ولم يكن هناك أي أشجار"، وأضافت: "مع ذلك، من المحتمل أن هذا الحدث أثر على المناخ بشكل أكبر مقارنة بحدث تشيكسكولوب".

قالت ناكاجيما أيضاً إنه من المحتمل أن حبيبات الغبار والجسيمات الصغيرة التي نتجت عن حدث التصادم هذا انتشرت عبر الكوكب وحجبت أشعة الشمس، ما تسبب بانخفاض درجة حرارة سطح الأرض. قالت ناكاجيما: "من المحتمل أن هذا أثّر بشكل كبير على الكائنات التي تقوم بعملية التركيب الضوئي"، وأضافت: "بعد استقرار الغبار والهباء الجوي الناجمين عن التصادم (وهو حدث قد يستغرق ساعات إلى عقود من الزمن)، من المحتمل أن الغازات الدفيئة التي نتجت عن الاصطدام، مثل ثنائي أوكسيد الكربون، رفعت درجة الحرارة العالمية عدة درجات مئوية لفترة طويلة من الزمن".

اقرأ أيضاً: مياه مكتشفة في كويكب «إيتوكاوا» قد تفسر أصل الحياة على الأرض

بيّنت الدراسات السابقة التي أجريت على هذا الحدث أن المواد الناجمة عن التصادم قُذفت بعيداً ووصلت لمناطق مثل كاريليا التي أصبحت اليوم في روسيا. باستخدام النموذج الجديد، استنتج الفريق أن المساحة الأرضية التي كانت تحتوي على منطقة كاريليا في فترة الاصطدام كانت تبعد نحو 2000 إلى 2500 كيلومتر عن فوهة فريديفورت. وهي مسافة أقل بكثير من المسافة التي تفصل بين المنطقتين اليوم، والتي تبلغ نحو 9940 كيلومتراً.

قالت ألين: "إن تحديد مواقع الكتل الأرضية في الماضي صعب للغاية"، وأضافت: "تمكّن الباحثون باستخدام أفضل المحاكيات الحاسوبية الحالية من رسم خرائط للمناطق كما كانت قبل نحو مليار سنة فقط. وكلما عدنا بالزمن للوراء، تنخفض دقة هذه الخرائط. قد تساعد دراسة الأدلة، كرسم الخرائط لطبقات المقذوفات [المواد التي قُذفت نتيجة الاصطدام]، الباحثين على اختبار نماذجهم وملء الفجوات في فهم ماضي الأرض".

المحتوى محمي